هل فكرّت يومًا ما في غسيل أسنانك كل صباح؟ هل فكرت في هذه العادة؟ في الحقيقة، إن هذا التصرف هو أحد تجليات ما يمكن تسميته «تنشئة عادات جديدة» ، وكان رجل الدعاية والإعلان الراحل كلود سي هوبكنز بارعًا في هذه الاستراتيجية. لم يكن أحد، في الولايات المتحدة الأمريكية على الأقل، يهتم بغسيل أسنانه كل صباح، حتى إن صحة أسنان الأمريكيين كانت في خطر، لدرجة أنه قيل خلال الحرب العالمية الأولى: إن سوء الحالة الصحية للأسنان يمثّل تهديدًا للأمن القومي! ما الذي فعله “هوبكنز” إذًا؟ لم يفعل الرجل في الواقع شيئًا، سوى تنشئة عادات جديدة، لكن السؤال الحالي هو: كيف يمكننا فعل ذلك؟ سنحاول بيان ذلك في المقال الحالي.اقرأ أيضًا: استضافة العملاء.. كيف تُسوّق من خلالها؟مما ينبع الفشل؟ عُرف عن أينشتاين قوله: “الجنون هو أن تفعل نفس الشيء مرة بعد أخرى وتتوقع نتائج مختلفة”، واتباع روتين معين، أو المداومة على فعل واحد ضرب من الجنون هو الآخر، إذًا، قد يكون سبب الفشل الأساسي هو عدم المحاولة، أو المحاولة في الاتجاه الخاطئ. إذا أراد شخص ما ألا يفشل فعليه أن يقرر ذلك أولًا؛ فالنجاح والفشل كلاهما قرارات يتخذها كل واحد منا بشكل واعٍ أو لا واعٍ، ثم يحدد الطريقة التي ستُمكّنه من النجاح، لكن لنفترض أن هذه الطريقة لم تجد نفعًا، فما الحل؟ إن الحل الأساسي في التخلي عن العادات، والعمل على تنشئة عادات جديدة طوال الوقت. وحتى إن كانت عاداتك ناجحة، وتجدي معك نفعًا، لا يجب عليك أن تكف عن المحاولة في اتجاه مغايرة، وتجريب أمور أخرى؛ فربما يكون النجاح الذي تحققه بعاداتك الحالية يمكن أن تتضاعف معدلاته إن أنت غيّرت هذه العادات. اقرأ أيضًا: المشروع الناشئ.. تعريفه وخصائصهما الذي فعله “هوبكنز” أو كيف نصنع العادات؟ عبر مسيرته المهنية الطويلة، تمكّن “كلود سي هوبكنز” من صياغة بعض القواعد التي أمست، في وقت لاحق، مرجعًا أساسيًا للمسوقين، ورجال الدعاية والإعلان في شتى بقاع العالم، والتي كان من خلالها يغير عادات الجمهور، ويصنع عادات جديدة، ويستبدل عادات قديمة بأخرى جديدة. ويكفي أن منتج معجون الأسنان _الذي أشرنا إليه في البداية_ تم بيعه، بفضل استراتيجية “هوبكنز” في شتى بقاع العالم، كما أن 7% فقط من الأمريكيين كانوا يغسلون أسنانهم، أما بعد حملة “هوبكنز” الإعلانية، قفز هذا الرقم إلى 65%. لكن ما الذي فعله هذا الرجل إذًا؟ تكمن استراتيجية “هوبكنز” الأساسية في توليد الرغبة أو إيجادها، صحيح أن رجال التسويق وخبراءه يصرون، وبعزم لا يلين، على أن الرغبة لا يتم صنعها، وإنما كل ما نفعله هو لفت الانتباه إليها فحسب. وحتى وإن كان ذلك صحيحًا، فإن “سي. هوبكنز” لفت انتباه جمهوره إلى حاجتهم الماسة لغسل أسنانهم، ناهيك عن كونه لفت أنظارهم إلى خطورة عدم فعل ذلك. اقرأ أيضًا: مراحل تمويل المشروع الأول لرائد الأعمالابحث عن محفّز إذا كنت بصدد العمل على تنشئة عادات جديدة لك أو لغيرك فأنت بحاجة إلى البحث عن شيء يدفعك لفعل ذلك. ولعل هذا أيضًا إحدى حسنات “هوبكنز”؛ حيث أشار إلى أنه حصل لنفسه؛ من خلال الإعلان عن معجون الأسنان المُسمى وقتذاك “بيبسودينت”، على مليون دولار، وتمكن من تحقيق هذا المكسب من خلال شيئين؛ الأول هو البحث عن دليل بسيط وواضح، والثاني هو تحديد المكافآت بطريقة واضحة. لا يُغير المرء روتينه الشخصي وعاداته اليومية من فراغ، وإنما لا بد من إيجاد محفز لفعل ذلك، وإن تمكنا من فعل ذلك؛ أي من العثور على محفز، سيمسي يسيرًا جدًا تغيير عاداتنا القديمة، واستبدالها بأخرى جديدة. اقرأ أيضًا:“فن الحرب”.. استراتيجية إدارة الموارد البشرية
مشاركة :