تعد مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الشمسية، أداة الدول لتطوير الاقتصاد ومكافحة الفقر وسبيلها للوصول إلى الاقتصاد الرقمي، حسب الدكتور ناصر السعيدي، رئيس مجلس صناعات الطاقة النظيفة، الذي أوضح في حوار خاص مع «الاتحاد» على هامش فعاليات اليوم الثاني من الدورة الـ45 من معرض الشرق الأوسط للطاقة 2020، أنه من خلال مصادر الطاقة المتجددة يمكن للدول إنتاج وتوفير الكهرباء للمناطق النائية غير المتصلة بشبكات الكهرباء المركزية الرئيسة، من ثم يمكن للمقيمين في تلك المناطق الاستفادة من خدمة الإنترنت، والوصول إلى تطبيق مفاهيم الاقتصاد الرقمي. وأكد السعيدي أن التقدم التكنولوجي في صناعة الطاقة المتجددة كان سبباً رئيساً في خفض تكلفة توليد الكيلوواط الواحد من الطاقة المتجددة إلى مستويات تاريخية، وبالتالي تحقيق قفزة نوعية في عدد المشروعات الجديدة لإنتاج الطاقة المتجددة في منطقة الخليج، التي أصبحت قادرة على توليد 7 جيجاواط، موضحاً أن تكلفة توليد وتخزين الكيلوواط الواحد من الطاقة المتجددة انخفض بنسبة 90% خلال السنوات الخمس الماضية، لتبلغ حالياً 14 سنتاً أميركياً، مقابل نحو 8 سنتات لتوليد الكيلوواط الواحد من مصادر الطاقة التقليدية. وذكر السعيدي أن الدول العربية تتميز بتوافر وتنوع مصادر الطاقة المتجددة، فإلى جانب الطاقة الشمسية، يمكن الاستفادة من طاقة الرياح مثلما فعلت المغرب، وهناك أيضاً طاقة الأرض الحرارية «جيوثيرمال»، التي تشير الدراسات إلى توافرها في السعودية والإمارات (رغم عدم بدء عمليات استكشافها فعلياً)، وهي تعتمد على توليد الكهرباء من الطاقة الحرارية في جوف الأرض، وقد خطت أيسلندا خطوات مهمة في هذا المجال. والطاقة الحرارية الجوفية في باطن الأرض، مصدر طاقة بديل ونظيف ومتجدد، وهي طاقة حرارية مرتفعة ذات منشأ طبيعي مختزنة في باطن الأرض، ويستفاد منها بشكل أساسي في توليد الكهرباء. وأشار إلى أن مزايا إنتاج الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة زادت وعي صناع القرار في الدول العربية بأهمية استخدامها، خاصة أنها لا تلوث البيئة وكذلك فهي أقل تكلفة من حيث الصيانة، مع إمكانية عمل محطات لإنتاج الطاقة الشمسية في كل المناطق، من دون الحاجة إلى الربط مع شبكة الكهرباء المركزية، لافتاً إلى أهمية هذا الأمر في تغذية المناطق النائية، غير المتصلة بشبكات الكهرباء المركزية، وتحتاج إلى تطوير اقتصادي. ووفقاً لـ «السعيدي»، فإنه رغم انخفاض مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة في الدول العربية، فإن هناك اتجاهاً ورغبةً في تنويع مصادر الطاقة نظراً لمزاياها، ما جعل هناك نوعاً من المنافسة مع إنتاج الطاقة من المصادر التقليدية التي يتم إنتاجها عن طريق الوقود الأحفوري. وقال: إن الدول العربية لطالما عرفت بأنها من الدول المستهلكة للطاقة، ويجب أن تتحول إلى دول مصدرة للطاقة من مصادر الطاقة المتجددة، خاصة أن المنطقة تتمتع بفرصة هائلة للاستثمار وتوفير فرص عمل جديدة ضمن هذا القطاع، مشدداً على ضرورة أن يتم تصدير أي نفط أو غاز تنتجه دول المنطقة، وأن تتصدر المنطقة مشهد منتجي تكنولوجيا الطاقة الشمسية للربط بين أوروبا وشمال أفريقيا، بحيث يتم تخفيف أعباء استيراد البنزين. وأضاف أنه يمكن الدول العربية تحقيق مردود هائل من تصدير الغاز والنفط، ومنبهاً في الوقت ذاته أن إيقاف الدعم الحكومي لأسعار الطاقة في المنطقة، سيسهم في تعزيز الفوائد التي تعود على القطاعين العام والخاص والمستهلكين والبيئة، حيث يمكن الاستفادة من الأموال المخصصة للدعم في تعزيز الأبحاث والتطوير في مجالات الطاقة المتجددة، وتوفير فرص عمل جديدة، وتحليل كمية الطاقة المستهلكة، مقارنةً بالطاقة اللازمة فعلياً. ورداً على سؤال عن عدم وجود تعاون عربي بالشكل الأمثل من حيث الاستفادة من تقدم دولة الإمارات في إنتاج الطاقة المتجددة، أجاب السعيدي، بأن دمج شبكات الكهرباء في دولة الإمارات، وجميع دول مجلس التعاون الخليجي، سيمنح مستويات هائلة من الكفاءة. وأضاف أن هذا المستوى من التعاون والتكامل سيسهم في تلبية أي ارتفاع في معدلات الطلب على الطاقة في أي موقع، من خلال توفير الكهرباء، عبر دول أخرى متصلة بالشبكة، مطالباً دولة الإمارات بتبني دور ريادي في بناء محطات لتخزين الطاقة الشمسية، خاصة في ظل أهمية مثل هذا الأمر في توصيل الطاقة بطريقة مستمرة وضمان استدامة الإمداد. ولفت رئيس مجلس صناعات الطاقة النظيفة، إلى أن عدم التوسع في تخزين الطاقة المتجددة يأتي في ظل وفرة الإنتاج في الوقت الحالي، وانخفاض نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المستخدم فعلياً في الدول العربية، ما يجعل الأمر ليس ضرورة آنية وإنما مستقبلية، مؤكداً أن التقارير الدولية تتوقع تضاعف استهلاك الطاقة عالمياً بحلول 2050، ما يعني أن قطاع الطاقة المتجددة يعتبر حالياً الوجهة الأمثل للاستثمار ضمن قطاع الطاقة في المنطقة.
مشاركة :