أم كلثوم وماريا كالاس والهولوغرام

  • 3/5/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حضرت الأسبوع الماضي حفلًا غنائيًا لمطربة الأوبرا الأميركية اليونانية ماريا كالاس بتقنية الهولوجرام، كان ذلك في مسرح الأورفيوم بمدينة فانكوفر. ماريا كالاس توفيت عام 1977. من أشهر مطربات الأوبرا في زمنها، وربما أزمان أخرى؛ لأنني أنا التي لست من هواة الأوبرا ولم أعش في زمنها أعرفها وقرأت عنها. شهرتها كانت بسبب صوتها الرائع إضافة إلى جمالها الأخاذ، وكأي امرأة جميلة وموهوبة ومشهورة، حياتها تحت الأضواء، هناك كل ذلك الألق إضافة إلى الشائعات والأحاديث التي تتناول حياتها الخاصة أكثر من فنها. حدث ذلك ولا يزال يحدث وسيظل في اعتقادي حتى تختفي البشرية. الحفل الذي حضرته أبهرني. كانت المرة الأولى التي أحضر فيها حفل هولوغرام. ذهلت. أنا أرى أمامي فنانة توفيت قبل أكثر من أربعين عامًا بكامل جمالها وأناقتها وصوتها يصدح ويسحر وإيماءاتها للجمهور ولمديرة فرقة الأوركسترا وانحناءها لنا بعد الانتهاء من كل وصلة. شيء بديع، شيء يجعلني أحب التقنية أكثر وأكثر. أحببت صوت ماريا كالاس، أسمعها للمرة الأولى وأحبها، أحب طريقتها في الغناء، أحب مقاطع شكسبير التي غنتها وأحب المقاطع الأخرى التي غنتها بالفرنسية وأنا أقرأ ترجمتها على الشاشة باللغة الإنجليزية وتسحرني الكلمات وأقول: كم هي جميلة كلمات الحب وهذا الشعر الفرنسي البديع! أنظر إلى الأوركسترا الحية التي ترافق المغنية، ويزداد افتتاني، هي حفلة موسيقية حية، ليست تسجيلاً تراه وكأنك تشاهد فيلمًا مسجلاً. وأتساءل: كيف قاموا بالبروفات؟ كيف يصاحب الموسيقى صوت صاحبه ميتًا من زمن بعيد؟ لا أعرف، لكنني مذهولة منذ حضرت الحفل. تمنيت لو أنني حضرت حفل أم كلثوم. لا بد أنه كان على المستوى ذاته من الجمال. يضاف إلى ذلك عشقي لأم كلثوم وحفظي لكل أغانيها. بمعنى أن تجربة حضورها ستكون أعمق إحساسًا؛ لأنني أحب الموسيقى وأعرفها وتربيت عليها. كم سيكون ساحرًا أن أشاهدها وهي بمنديلها تحرك القلوب وتستدعي الآهات والجمهور يصرخ: الله يا ست. هل صرخ أحد الحضور بهذه الجملة؟ لا بد أن أحدًا فعل. من سيكون التالي في حفلات الهولوجرام؟ هل يمكن أن نشاهد طلال مداح؟ نحن الذين حرمنا من حضور حفلاته من قبل. أحب أن أحضر حفلاً لصباح، أشاهد دلعها وهي تعبر المسرح من أوله لآخره تغني وتشعل الجمهور وترقص. محمد عبدالوهاب، عبدالحليم حافظ، شادية، فايزة أحمد، أسمهان، ليلى مراد، فوزي محسون وأسماء أخرى كثيرة، لم نتمكن من حضورهم، الآن نستطيع، نسمع موسيقى حية ونسمع صوتًا فاتنًا أن نراه يغني، أمامنا، كأنه بيننا. الهلوغرام يحقق هذا، وتصبح عبارة الفن لا يموت حقيقة وليست مجازًا.

مشاركة :