وصمت جرس (بيك بين Big Ben)

  • 3/7/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الجرس الأشهر بالعالم الواقع في برج الملكة اليزابيث بمبنى البرلمان البريطاني صمت ولم يصدح بدقاته الشهيرة هذه المرة عند الحدث الأكبر الذي شهدته المملكة المتحدة نهاية يناير الماضي المتمثل بالإعلان الرسمي عن خروجها من عضوية الاتحاد الأوروبي. لقد جاء الخروج البريطاني بعد مشوار عسير ومحطات صعبة شهدتها أروقة صناعة القرار السياسي ليس بالعاصمة الإنجليزية لندن وحدها بل أيضاً ببقية الدول المنضوية تحت المملكة المتحدة، حيث ويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية. وبالنظر إلى خلفية الأحداث منذ الاستفتاء الشعبي عام 2016م الذي أسفرت نتيجته عن موافقة 52% على الخروج من الاتحاد الأوروبي، حينها قرر رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون الاستقالة وإتاحة المجال لمجيء قيادة جديدة. عقب ذلك جاءت السيدة تيريزا ماي لقيادة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء لكن جهودها في موافقة البرلمان على خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي جوبهت بالرفض لثلاث مرات، خاصة من طرف حزب العمال المنافس، ما تسبب دفعها نحو الاستقالة.إضافة لذلك احتدم الجدال السياسي بوصول بوريس جونسون إلى زعامة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء، حيث أصر على أن يكون 31 أكتوبر 2019م موعداً لتنفيذ خطته للخروج من الاتحاد الأوربي ومتسبباً في خلاف شديد بين أعضاء البرلمان خاصة مع ممثلي حزب العمال الذين واجهوا خطته بالرفض وترتب على ذلك إجراء انتخابات برلمانية جديدة ديسمبر 2019م.عقب ذلك جاءت المفاجأة غير المتوقعة حين اكتسح حزب المحافظين الانتخابات متفوقاً على جميع الأحزاب وبنتيجة غير مسبوقة حققت له الأغلبية البرلمانية بـ365 مقعداً مقابل 203 لحزب العمال الذي مُني بخسارة فادحة دفعت بزعيمه جيرمي كوربيون للإعلان عن عزمه ترك رئاسة الحزب. وبالتالي وافق البرلمان أن يكون 31 يناير الماضي موعداً رسمياً للإعلان عن الخروج، والبدء مباشرة في التباحث مع الاتحاد الأوربي حول آليات الخروج من عضويته.ولم تنتهِ الأمور عند هذا الحد، فالشارع البريطاني الذي انقسم حيال الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي بين مؤيد ومعارض حتى وصلت الأمور لمطالبة اسكتلندا بإجراء استفتاء جديد حول بقائها ضمن المملكة المتحدة من عدمه نتيجة رغبتها في عضوية الاتحاد الأوروبي. إضافة لذلك؛ فإن مباحثات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وضعت لها لندن نهاية ديسمبر 2020م موعداً لتنفيذها على جميع المستويات السياسية والاقتصادية وغيرها بما فيها أنظمة السفر والإقامة والعمل، وهو الأمر الذي اعتبره كثيرون من بقية الدول الأوروبية زمناً قصيراً لإنجاز خطة وإجراءات الخروج، مما قد يترتب عليه خروجاً بريطانياً دون اتفاقٍ مع بقية الأوروبيين.باتت حكومة جونسون في سباق مع الزمن نحو تنفيذ خطتها خلال العام الجاري، والأهم من ذلك مثلما قال جونسون في كلمته عقب إعلان الخروج، أنه بداية «عهد جديد»، داعياً جميع المواطنين على تعدد توجهاتهم السياسية لمواصلة العمل؛ من أجل مستقبل البلاد وجعل حياة الجميع أفضل. إن المملكة المتحدة مهندسة الحلول السياسية حول العالم إبان امبراطوريتها الاستعمارية والرائدة دولياً في المجال السياسي دون شك قادرة على صياغة مستقبلها داخلياً وخارجياً للحافظ على قوتها بمختلف المجالات.

مشاركة :