ترجمة «متأخر على العشاء» قصة قصيرة بقلم جيم كريس

  • 3/7/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

جيم كريس كاتب وروائي إنجليزي معاصر، ولد في عام 1946. من رواياته (الحجر الصحي) التي اختيرت كرواية وايتبيرد لعام 1998، و(الحصاد) التي فازت بجائزة دبلن الأدبية لعام 2015، وكانت ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر لعام 2013، بالإضافة إلى ثلاث روايات أخرى هي (أن تكون ميتًا) و(مستشفى الأمراض الوبائية) و(هدية الحجارة).ليس هناك أكثر بهجة من أن تكون متوقعاً لحضور وجبة عشاء ولا تصل. بينما كان الضيوف واقفين في ردهة الفيلا، بشعورهم الرطبة ونبيذهم الجاف، ومحاولاتهم المبكرة في محادثة أنقذت وهددت بالقادمين الجدد على الباب، كان هو يقود سيارته ببطء على طول الشارع الساحلي السريع، مستمتعاً بغيابه الصاخب عن الغرفة ومبتهجاً أولاً بالرافعات ومستودعات الميناء ثم بالملكيات المشتركة الأخيرة والقرى النصف ملموحة التي يمر بها، بطرقها الميتة وضفاف الحصباء الساحلية، والريح، والظلمة والأشجار. وبينما يتم إجلاس الضيوف على طاولة العشاء وهم يفكرون، أولئك الذين يعرفون بأن «لوي» يتأخر دائماً، كان هو يستمد البهجة من الماء الذي يغطي الطريق المسفلتة ورومانسية الفيلم القديم لماسحات الحاجب الزجاجي، وأضواء لوحة أجهزة القياس، وتوقّع الليلة السريعة الخالية من النجوم والجائعة، أمامه. في أي نقطة هل ستتصل أخته أو زوجها «جورج» ببيته بصورة منفصلة عن غرفة ثانية، فقط للحصول على هاتف الرد ويتركان الرسالة......... ماذا؟ هل هو على ما يرام؟ هل نسى أنهما سألاه بصورة مطوّقة أن يتناول الأكل مع أصدقائه؟ هل سيأتي متأخراً؟ هل هو واعٍ للمشكلة التي سيضعهما فيها؟ هل سيصل في الوقت المحدد لكي يسحر المُدرّسة الشابة الجميلة التي وجداها ووضعاها على جانبه الأيسر؟ في أي نقطة سوف يُزال صحنه ومحرمته الورقية وسكاكينه وتطلب امرأتان تغيير كرسييهما لملء مكانه وتكسران النمط الجنسي للطاولة؟في أي نقطة سوف تقول مُضيفته إنه ليس مثله على الإطلاق؟ بينما كانوا يتناولون الأكل في غيابه، شوربة ذرة حلوة، واختيار من لحم الماعز المجلوب من الحقل أو الرز بالخضروات، وكعكة الأم «فليمسي» مع البراندي، كان هو يقود السيارة بيد واحدة ويكسر قضيب الشوكولاتة باليد الأخرى. كان يحلم ببديهة سريعة وبسلوكيات ملك وأن يكون إلى حد بعيد الشخص الأذكى والأكثر حدّة في الغرفة.بينما كانوا جالسين في صالون أخته الطويل، لتناول القهوة وارتشاف قليل من نبيذ بوليفارد، ويعلّقون حول ملاحظة صغيرة أبدتها مضيفتهم على حسابهم، وصل لوي إلى درجة المائة كيلومتر التي وضعها لنفسه. سلك طريق الخروج من الشارع السريع وابطأ في السياقة على الطريق السفلي، ستون متراً هادئة من الأضواء الساطعة والطريق الجاف ونثار الأوراق والأغصان المطوّقة بالريح، وزوجان يحتميان بمظلة، انعطف إلى المسار المقابل. اتجه عائداً ناحية المدينة والبيت، مسافة مائة كيلومتر أخرى، مائة كيلومتر أقل دراميةً، أقل رومانسية وأكثر تفاهة من رحلة الخروج. المطر الآتي الآن من جهة اليمين، قدّم ملائكة غير متوقعين للسيارة. انحرف المطر على الحاجب الزجاجي بنقر أكثر من السابق. تحتم عليه تشغيل الماسحات على أكبر سرعة. كانت الرائحة رائحة الطقس، الشوكولاتة والجازولين. أصبح الأفق دافئاً ورفع بأضوائه المتقدمة بسرعة تلك الغرف التي في السطوح، تلك القضبان، تلك الشوارع وأجهزة التلفاز وتلك العربات وسيارات الأجرة الكاسحة، وحفلات الزواج تلك التي تبهج الليلة. كانت عيناه متألمتين ومتعبتين. فمه كان جافاً. وجب عليه التركيز للاستمتاع بالقيادة، غيابه الآمن والسعيد من الغرفة وعطشه الحذر الخجول المستحق. أخذ كأساً ووضعه بثبات على شفتيه ورشف منه. غمس ملعقته في شوربة الذرة الحلوة، اختار لحم الماعز. أومأ على ماسحات الحاجب الزجاجي لمساعدة ثانية للكعكة. كم يستطيع أن يكون بارعاً، كم هو متيقن من أرائه، كم هو مفيد مع النبيذ، كم هو أنيق وواعد. المرأة الجميلة الجالسة إلى يساره مدّت ذراعها النحيل وضغطت على يده بطريقة تشكره فيها على صحبته الجميلة، وانسلت من خارج الغرفة إلى سيارته، غائبةً، واستعاد النمط الجنسي على الطاولة وضعه. كسر قضيب الشوكولاتة بالنصف وتشارك معها في رحلة منتصف الليل التي من دون أكل إلى المدينة. 

مشاركة :