تعيش ستيفاني نلين في هولندا مع عائلتها. فازت إحدى قصصها بالمركز الأول في مسابقة جليمر ترين للقصة المفتوحة، كما كتبت رواية حول معززي العالم الإدراكي أو الأدوية الذكية. تستعد الآن لدراسة الماجستير في الكتابة الإبداعية بكلية بيننجتون. الأم والابنة انطلقتا في سيارتهما عبر الطرق المتعرجة إلى هيلجنبرج للحصول على ماء الينبوع لأن الشاي الأحمر يكون مذاقه ألذ بهذا الماء. تقلبت العلب البلاستيكية على المقاعد الخلفية بينما السيارة تسير في المنحنيات. تلمس الابنة مارتينا حزام السلامة، تتخيل أن العلب حية ووحوش كتاب كوميدي عطش مشتاقة للرطوبة. الأم تقول: «لو طلبت منك أن تقفزي خارج السيارة لأننا سنتعرض لحادث، فبأي سرعة سوف تفعلين؟» تحدق إلى الأمام وتصارع عجلة القيادة بعضلات تعمل تحت جلدها الأسمر. «هيا» تقول «أريد أن أعرف، لو قلت اقفزي الآن، فماذا ستفعلين؟» أصبحت يدا مارتينا حارتين. الحرارة تصل إلى ذراعيها، إلى صدرها وبطنها. «أنا لا أعرف». الأم تضغط على دواسة السرعة. المتعرجات تصبح أضيق وأكثر انحداراً، رؤوس السهام تشير إلى اتجاه جديد في كل دقيقة. إحدى العلب تسقط على الأرضية. كفا الأم تصفعان غطاء عجلة القيادة الجلدي. تنفخ جزيلة من الشعر من زاوية فمها وتزيد السرعة. مارتينا تقول: «سوف أفتح الباب وأقفز إلى الخارج وأحمي رأسي». الأم توافق. «ولا تنسي حزام السلامة. تحرري منه أولاً». «سوف أفعل». «واقفزي بعيداً عن السيارة. الباب ربما يصدم بك ويدفعك تحتها. أنت لا تريدين ذلك». «لا» مارتينا تتعرق. أشعة الشمس تومض برسائل خطيرة خلال الأوراق. إنها تتخيل فتح الباب. الأغصان تترجرج أمامها. الهواء يسحب المقبض من يدها. تقفز إلى الخارج. الأسفلت والحصباء يمزقان جسدها، الإطارات تتمزق. إنها لا تستطيع أن تتخيل صوت سيارة ترتطم بشجرة بعنف. هل تشعر الأشجار بالألم؟ فقط إذا تضررت جذورها. عدا ذلك، فإن أغصاناً جديدة تنمو لها. الأم تقول: «هل أنت مستعدة؟». مشبك حزام المقعد يحرق كف البنت. الحزام يضغط على جانب رقبتها. تشدّد قبضتها على المشبك، وتضع إبهامها على ذر الإطلاق. «مستعدة». «جيد». الأم تومئ إلى الطريق، وعلى الأشباح التي تراها. «جيد. تحتاجين لكي تكوني مستعدة». تتشبث البنت بحزام المقعد، تنتظر أن تصيح أمها «اقفزي!». تنتظر في كل منحنى بعد آخر، على طول الطريق عبر الجبل، إلى أن تصل أمها إلى ينبوع الجبل وتوقف المحرّك وتشدّد قبضتها على عجلة القيادة مرة واحدة، مرتين. بعد برهة تتحرر البنت من حزام المقعد. حاشية حمراء تعبر كفها. تفتح الباب. رائحة طحلب وبراعم طازجة تتسرب إلى السيارة، طيور تغرد وينبوع قريب يخشخش بضحكته الفضية الهادئة. المحرّك الساخن يستقر بأزيز. الأم والابنة تملآن العلب. لم تمطر السماء منذ وقت طويل، وتدفق الينبوع ضعيف. الأم تحمل أربع علب دفعة واحدة وتعود إلى السيارة. ينسكب الماء خلف البلاستيك الحليبي حينما تنتهيان، تفتح باب سيارتهما وإحدى يديها على قمة الباب والثانية على وركها وتقول: «تعالي!». عظام وجنتها تعكس الشمس. تسحب مارتينا أطراف أصابعها خارج الجدول البارد وتمشي حول السيارة. تربط حزام مقعدها. صوت المحرّك يبدأ بحجب الطيور وجدول الجبل. مفاصل أمها تستقر على عجلة القيادة، صلبة، متماثلة. بينما هما تسيران في طريقهما المتعرّج إلى الأسفل تنتظر البنت صيحة أمها «اقفزي!». تنتظر للعجلات أن تفقد قوة الجاذبية. تتخيل الطرق المتعرجة تقودهما إلى الخلف وإلى الأمام إلى الخلف والأمام، وتتساءل عما إذا سينبثق عبر الأيام العديدة لجلب الماء، اتجاه من هذا، طريق إلى الأمام، هروب. تطوّق مشبك حزام المقعد بيدها. إنها مستعدة.
مشاركة :