جاذبية الأسفلت قصة قصيرة بقلم: ستيفاني نلين

  • 7/17/2021
  • 09:21
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تعيش‭ ‬ستيفاني‭ ‬نلين‭ ‬في‭ ‬هولندا‭ ‬مع‭ ‬عائلتها‭. ‬فازت‭ ‬إحدى‭ ‬قصصها‭ ‬بالمركز‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬مسابقة‭ ‬جليمر‭ ‬ترين‭ ‬للقصة‭ ‬المفتوحة،‭ ‬كما‭ ‬كتبت‭ ‬رواية‭ ‬حول‭ ‬معززي‭ ‬العالم‭ ‬الإدراكي‭ ‬أو‭ ‬الأدوية‭ ‬الذكية‭. ‬تستعد‭ ‬الآن‭ ‬لدراسة‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬الإبداعية‭ ‬بكلية‭ ‬بيننجتون‭.‬ الأم‭ ‬والابنة‭ ‬انطلقتا‭ ‬في‭ ‬سيارتهما‭ ‬عبر‭ ‬الطرق‭ ‬المتعرجة‭ ‬إلى‭ ‬هيلجنبرج‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬ماء‭ ‬الينبوع‭ ‬لأن‭ ‬الشاي‭ ‬الأحمر‭ ‬يكون‭ ‬مذاقه‭ ‬ألذ‭ ‬بهذا‭ ‬الماء‭. ‬تقلبت‭ ‬العلب‭ ‬البلاستيكية‭ ‬على‭ ‬المقاعد‭ ‬الخلفية‭ ‬بينما‭ ‬السيارة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬المنحنيات‭. ‬تلمس‭ ‬الابنة‭ ‬مارتينا‭ ‬حزام‭ ‬السلامة،‭ ‬تتخيل‭ ‬أن‭ ‬العلب‭ ‬حية‭ ‬ووحوش‭ ‬كتاب‭ ‬كوميدي‭ ‬عطش‭ ‬مشتاقة‭ ‬للرطوبة‭.‬ الأم‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬لو‭ ‬طلبت‭ ‬منك‭ ‬أن‭ ‬تقفزي‭ ‬خارج‭ ‬السيارة‭ ‬لأننا‭ ‬سنتعرض‭ ‬لحادث،‭ ‬فبأي‭ ‬سرعة‭ ‬سوف‭ ‬تفعلين؟‮»‬‭ ‬تحدق‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬وتصارع‭ ‬عجلة‭ ‬القيادة‭ ‬بعضلات‭ ‬تعمل‭ ‬تحت‭ ‬جلدها‭ ‬الأسمر‭.‬ ‮«‬هيا‮»‬‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أعرف،‭ ‬لو‭ ‬قلت‭ ‬اقفزي‭ ‬الآن،‭ ‬فماذا‭ ‬ستفعلين؟‮»‬ أصبحت‭ ‬يدا‭ ‬مارتينا‭ ‬حارتين‭. ‬الحرارة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ذراعيها،‭ ‬إلى‭ ‬صدرها‭ ‬وبطنها‭. ‬‮«‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أعرف‮»‬‭. ‬ الأم‭ ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬دواسة‭ ‬السرعة‭. ‬المتعرجات‭ ‬تصبح‭ ‬أضيق‭ ‬وأكثر‭ ‬انحداراً،‭ ‬رؤوس‭ ‬السهام‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬اتجاه‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دقيقة‭. ‬إحدى‭ ‬العلب‭ ‬تسقط‭ ‬على‭ ‬الأرضية‭. ‬كفا‭ ‬الأم‭ ‬تصفعان‭ ‬غطاء‭ ‬عجلة‭ ‬القيادة‭ ‬الجلدي‭. ‬تنفخ‭ ‬جزيلة‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬فمها‭ ‬وتزيد‭ ‬السرعة‭. ‬ مارتينا‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬سوف‭ ‬أفتح‭ ‬الباب‭ ‬وأقفز‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬وأحمي‭ ‬رأسي‮»‬‭. ‬ الأم‭ ‬توافق‭. ‬‮«‬ولا‭ ‬تنسي‭ ‬حزام‭ ‬السلامة‭. ‬تحرري‭ ‬منه‭ ‬أولاً‮»‬‭.‬ ‮«‬سوف‭ ‬أفعل‮»‬‭.‬ ‮«‬واقفزي‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬السيارة‭. ‬الباب‭ ‬ربما‭ ‬يصدم‭ ‬بك‭ ‬ويدفعك‭ ‬تحتها‭. ‬أنت‭ ‬لا‭ ‬تريدين‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬ ‮«‬لا‮»‬‭ ‬مارتينا‭ ‬تتعرق‭. ‬أشعة‭ ‬الشمس‭ ‬تومض‭ ‬برسائل‭ ‬خطيرة‭ ‬خلال‭ ‬الأوراق‭. ‬إنها‭ ‬تتخيل‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭. ‬الأغصان‭ ‬تترجرج‭ ‬أمامها‭. ‬الهواء‭ ‬يسحب‭ ‬المقبض‭ ‬من‭ ‬يدها‭. ‬تقفز‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭. ‬الأسفلت‭ ‬والحصباء‭ ‬يمزقان‭ ‬جسدها،‭ ‬الإطارات‭ ‬تتمزق‭. ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تتخيل‭ ‬صوت‭ ‬سيارة‭ ‬ترتطم‭ ‬بشجرة‭ ‬بعنف‭. ‬هل‭ ‬تشعر‭ ‬الأشجار‭ ‬بالألم؟‭ ‬فقط‭ ‬إذا‭ ‬تضررت‭ ‬جذورها‭. ‬عدا‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬أغصاناً‭ ‬جديدة‭ ‬تنمو‭ ‬لها‭. ‬ الأم‭ ‬تقول‭: ‬‮«‬هل‭ ‬أنت‭ ‬مستعدة؟‮»‬‭.‬ مشبك‭ ‬حزام‭ ‬المقعد‭ ‬يحرق‭ ‬كف‭ ‬البنت‭. ‬الحزام‭ ‬يضغط‭ ‬على‭ ‬جانب‭ ‬رقبتها‭. ‬تشدّد‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬المشبك،‭ ‬وتضع‭ ‬إبهامها‭ ‬على‭ ‬ذر‭ ‬الإطلاق‭. ‬‮«‬مستعدة‮»‬‭. ‬ ‮«‬جيد‮»‬‭. ‬الأم‭ ‬تومئ‭ ‬إلى‭ ‬الطريق،‭ ‬وعلى‭ ‬الأشباح‭ ‬التي‭ ‬تراها‭. ‬‮«‬جيد‭. ‬تحتاجين‭ ‬لكي‭ ‬تكوني‭ ‬مستعدة‮»‬‭.‬ تتشبث‭ ‬البنت‭ ‬بحزام‭ ‬المقعد،‭ ‬تنتظر‭ ‬أن‭ ‬تصيح‭ ‬أمها‭ ‬‮«‬اقفزي‭!‬‮»‬‭. ‬تنتظر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منحنى‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الطريق‭ ‬عبر‭ ‬الجبل،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬أمها‭ ‬إلى‭ ‬ينبوع‭ ‬الجبل‭ ‬وتوقف‭ ‬المحرّك‭ ‬وتشدّد‭ ‬قبضتها‭ ‬على‭ ‬عجلة‭ ‬القيادة‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬مرتين‭.‬ بعد‭ ‬برهة‭ ‬تتحرر‭ ‬البنت‭ ‬من‭ ‬حزام‭ ‬المقعد‭. ‬حاشية‭ ‬حمراء‭ ‬تعبر‭ ‬كفها‭. ‬تفتح‭ ‬الباب‭. ‬رائحة‭ ‬طحلب‭ ‬وبراعم‭ ‬طازجة‭ ‬تتسرب‭ ‬إلى‭ ‬السيارة،‭ ‬طيور‭ ‬تغرد‭ ‬وينبوع‭ ‬قريب‭ ‬يخشخش‭ ‬بضحكته‭ ‬الفضية‭ ‬الهادئة‭. ‬المحرّك‭ ‬الساخن‭ ‬يستقر‭ ‬بأزيز‭. ‬ الأم‭ ‬والابنة‭ ‬تملآن‭ ‬العلب‭. ‬لم‭ ‬تمطر‭ ‬السماء‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬طويل،‭ ‬وتدفق‭ ‬الينبوع‭ ‬ضعيف‭. ‬الأم‭ ‬تحمل‭ ‬أربع‭ ‬علب‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬السيارة‭. ‬ينسكب‭ ‬الماء‭ ‬خلف‭ ‬البلاستيك‭ ‬الحليبي‭ ‬حينما‭ ‬تنتهيان،‭ ‬تفتح‭ ‬باب‭ ‬سيارتهما‭ ‬وإحدى‭ ‬يديها‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬الباب‭ ‬والثانية‭ ‬على‭ ‬وركها‭ ‬وتقول‭: ‬‮«‬تعالي‭!‬‮»‬‭. ‬عظام‭ ‬وجنتها‭ ‬تعكس‭ ‬الشمس‭. ‬تسحب‭ ‬مارتينا‭ ‬أطراف‭ ‬أصابعها‭ ‬خارج‭ ‬الجدول‭ ‬البارد‭ ‬وتمشي‭ ‬حول‭ ‬السيارة‭. ‬تربط‭ ‬حزام‭ ‬مقعدها‭. ‬صوت‭ ‬المحرّك‭ ‬يبدأ‭ ‬بحجب‭ ‬الطيور‭ ‬وجدول‭ ‬الجبل‭. ‬مفاصل‭ ‬أمها‭ ‬تستقر‭ ‬على‭ ‬عجلة‭ ‬القيادة،‭ ‬صلبة،‭ ‬متماثلة‭. ‬بينما‭ ‬هما‭ ‬تسيران‭ ‬في‭ ‬طريقهما‭ ‬المتعرّج‭ ‬إلى‭ ‬الأسفل‭ ‬تنتظر‭ ‬البنت‭ ‬صيحة‭ ‬أمها‭ ‬‮«‬اقفزي‭!‬‮»‬‭. ‬تنتظر‭ ‬للعجلات‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬قوة‭ ‬الجاذبية‭. ‬تتخيل‭ ‬الطرق‭ ‬المتعرجة‭ ‬تقودهما‭ ‬إلى‭ ‬الخلف‭ ‬وإلى‭ ‬الأمام‭ ‬إلى‭ ‬الخلف‭ ‬والأمام،‭ ‬وتتساءل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬سينبثق‭ ‬عبر‭ ‬الأيام‭ ‬العديدة‭ ‬لجلب‭ ‬الماء،‭ ‬اتجاه‭ ‬من‭ ‬هذا،‭ ‬طريق‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬هروب‭. ‬تطوّق‭ ‬مشبك‭ ‬حزام‭ ‬المقعد‭ ‬بيدها‭. ‬إنها‭ ‬مستعدة‭. ‬

مشاركة :