عزة عز الدين “سياج الورد”

  • 3/7/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

جلس أحمد على مقعد جوار سياج الورد، ذلك الواصل من باب الفيلا حتى مدخل النادي، تناول قهوته وقد خلت من السكر فأصبحت بطعم حياته، طيلة عامين لم يستفق من حزن وإحباط وفشل سيطر عليه بعد منعطف غادر تخلى فيه عن زوجته الطيبة نسمة التي عاشرها خمسا وعشرين عاما ليتزوج حبيبة صوبت على حياته سهما مارقا . فتاة لعوب هي، من هؤلاء اللاتي يجدن اصطياد الفرص. رجل أعمال ثري ناجح مرموق، استطاعت بدهائها أن توقعه في حبها، دغدغت مشاعره واستغلت نقطة ضعفه في أمل الأبوة الذي لم يتحقق مع زوجته، ثم لم يتحقق معها أيضا فلم يكن في الخطة هذه المحطة. سقط القناع سريعا ليكشف عن وجه مخادع كاذب أوقعه في براثن منافسيه فعرضوه لمحن كثيرة، وأجهزوا على أحلامه وطموحاته واقتنصوا منه كل الفرص بمنافسة غير شريفة وبمساعدة تلك الغادرة التي وضعوها في طريقه من أجل هذه المهمة. طلقها بعد أن خسر الشركة والأموال والسمعة، ولم يتبق له سوى هذه الفيلا التي حملت ذكرياته الغالية وسياج الورد الذي زرعته نسمه. سقته بماء الود وأجزلت له العطاء وتغنت به وله. وكلما أراد أن يعاقب نفسه جلس جوار سياج الورد يبكي على حلمه المسكوب ويقرأ خطابها الأخير الذي كتبته بدمعها قبل أن تغادر الفيلا بلا رجعة وتصر على الطلاق. اليوم خطفني سياج الورد من جديد حين ودعته، تلك السلسلة الزهرية في مدخل الفيلا ذات الألوان البهية التي حفظت فيها الأماني وعقدتها باقة من نور لأطرق بها معك ألوان الربيع، فإذا جلست أنت جوارها اذكرني، واسترجع بذرة حفرت من أجلها في قلبي غرستها ثم ردمتها بالرجاء وسقيتها برذاذ الأمل مترقبا ثمرة طيبة كانت لنا كل المراد. وعند الحصاد تركتني، تغافلت الود كأن لم يكن وخذلت الأماني دون وداع، ثم عدت من جديد إلى سياج الورد. سيرمقك بنظراته الغاضبة كلما يراك حزنا على من عشقته، سيعاتبك ويلقي عليك اللوم ولو كان بيده لأطلق أشواكه وأناته ليجرحك كما جرحتني أنت وغدرت، لو كان بيده لرحل وترك مدخل الفيلا حزينا قاحلا دون زهور لا يبشر بفرحة ربيع. بكى كثيرا هذه المرة وهو يقرأ الخطاب، بكى بعد أن تأكد أنه باع الغالي بالرخيص. طوى الخطاب ووضعه في جيبه وانطلق بسيارته إليها، سيطلب منها الصفح ويقبل راحتيها ويستحلفها بسياج الورد أن تسامح وتغفر زلته، لن يرجع إلا وهي معه فقلبها الكبير لا يعرف الشماتة ولا الانتقام. على مسافة قريبة توقف مؤقتا ليلقي السلام على جاره الذي لم يره منذ فترة ويطمئن على ابنتيه اليتيمتين اللتين كانت تحنو عليهما نسمة. دعاه بإصرار لفنجان من القهوة في دقائق، وفي الصالون الفخيم تقدمت زوجته الجديدة تحمل فنجاني القهوة لضيف كان يوما زوجها.

مشاركة :