«فردقان».. رواية تنبذ الطائفية والتطرف الفكري

  • 3/7/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يقول الروائي الفرنسي كلود سيمون: «الرواية ليس سرد مغامرة، إنما هي «مغامرة سرد»، ومن الروايات العربية التي يمكن عدّها كمغامرات سرد، رواية فردقان للكاتب الاشكالي يوسف زيدان – 1958، والمعتمدة في القائمة القصيرة لـ «البوكر 2020»، الصادرة عن دار الشروق في القاهرة، واتبع فيها منحى جديداً في كتابة السيرة الروائية للعالم والشاعر والفيلسوف والطبيب ابن سينا، ليحيلنا الكاتب في سرد بديع إلى القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين، وتحديداً السنوات الـ 56 التي عاشها ابن سينا بين عامي 980 و1037، وما يحيط بها من انزياحات مذهبية. تتكون الرواية من سبعة فصول، ومع ابن سينا يبدأ الروائي المستشرف في صياغة مفهوم البطولة كما يراه، والذي لا يرادف عنده شيئا آخر غير العلم وإعمال العقل في الواقع، فالعقلانية هي الخطاب الأجدر ببناء الحضارة وتشييد الأمم، كما يقول زيدان، مشدداً على ضرورة بعث ذوي الإنتاج المعرفي من مرقدهم في العقل العربي من العلماء والعباقرة، والاحتفاء بهم وتبجيلهم لأنهم وحدهم من يحضون على سعادة الإنسان، ووحدهم القادرون على بناء حالة حقيقية من الوعي لدى الناس. في الواقع لقد أفلح يوسف زيدان بيراعه المدرب على الحكي، ومن خلال قدرته الفائقة على سكب الرؤى الفلسفية العميقة في القوالب الإبداعية، في أن ينقل لنا حياة ابن سينا بحذافيرها من خلال هذه الرواية البليغة فكرا ومضمونا وشكلا وسردا، مكثفاً يتركز في فترة الـ 115 يوما التي سجن فيها ابن سينا العبقري المتمرد وأعظم طبيب عرفته البشرية في قلعة «فردقان»، ورغم أن آمر القلعة لم يعامله معاملة السجناء، إلا أنه يظل سجينا أو منفيا إثر الخلاف السياسي الذي نشأ بينه وبين أمير همذان سماء الدولة، وفي هذه القلعة التي ستتحول إلى شخصية مكانية بامتياز، يسرد لنا ابن سينا سيرة حياته العاطفية والعلمية والأدبية، فيما يسقط زيدان بمهارة عالية وفي قالب روائي بديع على علاقة المثقف بالسلطة في الراهن العربي. يمتلك يوسف زيدان في فردقان لغة سردية سلسة تستجيب للزمن الروائي الذي يستنطق التاريخ ضمن قالب معماري رصين، ما جعل نصه السردي مختلفا، ومتجاوزا تقليديات البناء الروائي النمطي.

مشاركة :