يواجه آلاف اللاجئين من جنسيات عدة أوضاعًا مأساوية على طول «الحدود التركية اليونانية» وذلك بعدما أعلنت أنقرة بقيادة أردوغان فتح أبوابها أمامهم للعبور إلى أوروبا، في خطوة تهديدية للأوروبيين، ما يعيد إلى الأذهان أزمة المهاجرين عام 2015. هؤلاء اللاجئون عالقون بين أنقرة التي دفعت بهم بعدما أعلنت عدم قدرتها على تحمل أعبائهم، وبين اليونان والاتحاد الأوروبي الذي يغلق أبوابه أمامهم ويدافع بقوة عن حدوده، معتبرا أن تركيا تبتزه بمشكلة اللاجئين وتخرق اتفاق عام 2016. ويهرب هؤلاء اللاجئون من الحرب، والفقر، والمرض والألم والجوع، فيفرون من صراعات سياسية تجعل منهم قتلى أو مشردين؛ باحثين عن حق في أن يبقوا على قيد الحياة، لكن الحق الإنساني الأساسي في الحياة، يبدو صعبا وبعيد المنال بالنسبة لمئات الآلاف من اللاجئين، الذين لم يعد بمقدورهم أن يجدوا لهم مكانا في دول ضاقت بالفعل بملايين غيرهم. ففي أزمة هجرة جديدة تعيد للأذهان ما حدث خلال أزمة التي شهدتها القارة الأوروبية في عام 2015، حينما تدفق أكثر من مليون لاجئ إلى القارة العجوز، يقف هنا على الحدود التركية اليونانية، آلاف المهاجرين من سوريا وإيران وباكستان ودول أفريقية، عالقين في العراء، مذبذبين بين أنقرة التي تدفع بهم إلى أوروبا بعدما قررت فتح حدودها للتخلص منهم، واليونان ودول الاتحاد الأوروبي الذين شددوا على إغلاق حدودهم والدفاع عنها باستخدام القوة، معتبرين هذا التدفق خطرا على أمنهم القومي. ويقول أحد المهاجرين: “لا ندري ماذا يجري، نحن مثل اللعبة بأيديهم، نحن مثل الكرة لهم، الكل يمررنا إلى هذا الجانب وإلى الجانب الآخر، لا أعرف ماذا سيحدث لنا”. وتطلق قوات الأمن اليونانية، قنابل الغاز ومدافع المياه، من ناحية، وقنابل غاز أطلقتها القوات التركية على الجانب اليوناني من ناحية أخرى، وبينهما رد المهاجرون برشق الحجارة، فيما عبر مهاجرون آخرون عن شعورهم المتزايد بالإحباط حيال أنقرة التي اعتبروا أنها خدعتهم عندما جعلتهم يعتقدون أن بإمكانهم عبور الحدود بسهولة. ووسط هذه المعاناة يزداد بؤس المهاجرين العالقين باستغلالهم من قبل باعة متجولين أتراك يبيعونهم زجاجات المياه أو الطعام أو معدات لصنع خيام بعشرات أضعاف أثمانها. وتشتعل هذه الأزمة خارقة اتفاق عام 2016 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، الذي دفع فيه الاتحاد مليارات اليوروهات لأنقرة لدعم وتمويل اللاجئين وإبقائهم على أراضيها لمنع تدفقهم إلى دوله. ووسط هذه الأزمة المعقدة بأبعادها المتعددة، يقف مهاجرون يرفعون فوق السياج الشائكة شعارات تقول “نريد أن نعيش بسلام”. وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة ارتفاع عدد قتلى البحر الأبيض المتوسط إلى أكثر من 20 ألفا منذ 2014. وتضمنت الوفيات الأخيرة غرق سفينة قبالة ساحل ليبيا، ما رفع حصيلة الضحايا. frameborder="0" allow="accelerometer; autoplay; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture" allowfullscreen> ويشكّلُ السوريون أقلية من بين الراغبين في الهجرة نحو أوروبا، من بين المهاجرين الذين وصلوا بالفعل إلى الحدود التركية مع اليونان وبلغاريا. ورصدت كاميرا “الغد”، أعداداً كبيرة من العائلات الآسيوية، الأفغانية والباكستانية والإيرانية، في المناطق الحدودية التركية مع اليونان، فيما لم تتجاوز نسبة السوريين 20% من مجموع المهاجرين، وهو الأمر الذي أكده وزير الداخلية التركي سليمان سُوْيْلُو. frameborder="0" allow="accelerometer; autoplay; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture" allowfullscreen> ويعاني المهاجرون من أجل الوصول إلى أوروبا، فقبل اندلاع هذه الأحداث، علق عشرات الآلاف بها بعدما دخلوها طمعًا في الانتقال إلى دول أوروبية أخرى. ويعيش الكثير منهم أوضاعًا صعبة في المخيمات التي لم تعد قادرة على توفير حاجياتهم الأساسية، في وقت يتنامى فيه الرفض الشعبي لموجات اللاجئين، خاصة مع معاناة البلد من مشكلات اقتصادية.
مشاركة :