أعلنت إحدى الجمعيات التربوية الألمانية عن إدراج حصص لسرد قصص وغناء أناشيد باللغة العربية في مناهج رياض أطفال. المشروع يهدف إلى بناء الجسور بين الثقافات المتعددة والتقليل من المخاوف. غير أنه تعرض لانتقادات يمينية متطرفة. يشجع المشروع الأطفال على التعامل مع اللغات الأخرى كلغة مألوفة قريبة منهم علنت إحدى الجمعيات التربوية الألمانية في ولاية سكسونيا عن إدراج حصص لسرد قصص وغناء أناشيد باللغة العربية في مناهج رياض أطفال. المشروع يهدف حسب القائمين عليه إلى بناء الجسور بين الثقافات المتعددة والتقليل من المخاوف. غير أنه تعرض لانتقادات واسعة من قبل اليمينين. يبدأ الأطفال داخل الرياض بتكوين وتوسيع قاموسهم اللغوي والمعرفي، وتطوير مهارات التحدث والاستماع، ومن أجل ذلك يلجأ المربون إلى أساليب تعلمية عديدة من أجل تحقيق هذا الهدف. الأناشيد وسرد القصص إحدى هذه الوسائل التي لها دور في تنمية المهارات اللغوية في مراحل الطفولة المبكرة، كما ترى الجمعية الألمانية Erzählraum، بمدينة دريسدن عاصمة ولاية سكسونيا في شرقي ألمانيا. تهتم الجمعية الألمانية، التي تأسست عام 2016، من خلال عروضها المتنوعة بتنمية المهارات اللغوية للأطفال من خلال سرد القصص وغناء الأناشيد. ووفق صفحتها الرسمية فإن هذا الأسلوب، كما أظهرت الدراسات لا يعمل فقط على تنمية مهارات الأطفال اللغوية، وإنما يطور الخيال لديهم، ويعلمهم مشاركة الصور الداخلية ومشاعرهم مع الآخرين، كما يزيد من ثقتهم بأنفسهم. وعن طريقة العمل في رياض الأطفال توضح الجمعية أيضاً أن "الراوي أو الرواية يأتي إلى الروضة أو المدرسة الابتدائية مرة واحدة في الأسبوع من دون حمل كتاب قصص، ولا دمى في اليد ولا ارتداء زي معين". ويستخدم بدل ذلك في سرد القصص تعبيرات وإيماءات الوجه وكذلك أسلوب تغيير وتنويع نبرة الصوت، وترك فرصة للأطفال للتفاعل مع القصص وطرح الأسئلة، ما يشجعهم على التعبير وينمي لديهم مهارة الاستماع والتواصل مع الغير. المشروع يهدف إلى بناء الجسور بين الثقافات من خلال سرد القصص المختلفة حول العالم جمعية „Erzählraum" أو ما يعني غرفة السرد باللغة العربية، ترسل معلمين ومعلمات إلى رياض الأطفال والمدارس الابتدائية لسرد قصص وأناشيد للأطفال باللغات التشيكية والبولندية والصربية، وذلك نظراً للقرب الجغرافي للولاية من بولندا وجمهورية التشيك. وبعد أن قرر القائمون على المشروع إضافة لغة جديدة، إلى برنامجهم التعليمي ووقع الاختيار على اللغة العربية. وكما أعلنت الجمعية، حسب صحيفة "بيلد" الألمانية الشعبية الواسعة الانتشار، سيدخل هذا المشروع حيز التنفيذ الخريف المقبل في اثنين من رياض الأطفال المتواجدة في ولاية سكسونيا. وتم تخصيص 17 ألف يورو من وزراة العلوم والثقافة والسياحة في ولاية سكسونيا وحدها، إضافة إلى 6 آلاف يورو من جهات أخرى ساهمت من دعم المبادرة. وعن الفكرة خلف هذا المشروع تقول، يول رشتر من جمعية „Erzählraum" في إحدى المقابلات مع صحف ألمانية: "على الأطفال التعامل مع اللغة الأخرى على أنها ليست لغة أجنية وغريبة عنهم. من خلال هذا المشروع نستهدف في المقام الأول الأطفال الألمان، وكذلك الأطفال من أصول مهاجرة، الذين سيستمعون في المستقبل إلى أصوات مألوفة لديهم". مشروع إدراج اللغة العربية ضمن البرامج التعليمية لرياض الأطفال في ألمانيا، أثار الكثير من الجدل، خاصة وأن بعض وسائل الإعلام استخدمت عناوين مغلوطة أو قصيرة أعطت انطباعاً مغايراً عن ما يرمي إليه المشروع، حسبما جاء على صفحة الجمعية على موقع فيسبوك. ما أتاح المجال لليمين المتطرف والعنصريين، لاستغلال المشروع على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ذهبت تعليقات عديدة إلى تناول المشروع على أنه مشروع لتعليم اللغة العربية في رياض الأطفال. ومن بين هذه التعليقات المتداولة "على الأطفال في ألمانيا تعلم اللغة الألمانية" و"الأحرى أن يتعلم اللاجئون اللغة الألمانية أولاً، ومن ثم يمكننا الحديث عن هذا" و تعليق آخر "يا للأطفال المساكين، أنا لا أستوعب هذا!!!". وعلقت دورين شفيتسر، المختصة بشؤون الأسرة في الكتلة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، في برلمان ولاية سكسونية، نقلاً عن صحيفة Junge Freiheit الأسبوعية الألمانية "يجب تعليم أغاني الأطفال الشعبية الألمانية التي أضحت في طي النسيان. وإن مهمة المعلمين يجب أن تتجلى في تلقين الأطفال الأغاني الوطنية إضافة إلى تعليمهم اللغة الأم (الألمان)". من جانبها ورداً على سيل الانتقادات، كتبت الجمعية المعنية بالمشروع في صفحتها على موقع فيسبوك موضحة الهدف الحقيقي منه: "(…) المشاركة ليست إجبارية، كما جاء في بعض الصحف، ويمكن لجميع الأطفال المشاركة والتعرف على لغة أصدقائهم. نحن لا نقدم حصصاً لتعليم اللغة، وإنما نريد تعزيز التعددية اللغوية في المنطقة. وهذه المبادرة تتضمن اللغات الألمانية والصربية والبولندية والتشيكية والروسية والإنجليزية، بالإضافة إلى العربية والعديد من اللغات الأخرى (…)". وتابعت: "يمكن لسرد القصص الخيالية من جميع أنحاء العالم بناء الجسور بين الثقافات، لفهم الآخر بشكل أفضل والتقليل من المخاوف. هذه الجسور نريد بناءها، كي يعبرمنها أطفالنا إلى مستقبل أكثر انفتاحاً وسلماً". مدّونة BILD Blog الألمانية والتي تأسست عام 2004، تقوم بالكشف عن أخطاء في التغطية الإخبارية لأهم الصحف والمواقع الألمانية، نشرت تقريراً مفصلاً عن مشروع الجمعية التربوية وأوضحت الكثير من النقاط، التي تناولتها صحف بشكل غامض وخاطئ في بعض الأحيان، ما شكل مادة دسمة جديدة لليمينيين المتطرفين والعنصريين. تقرير المدونة أظهر أيضاً كيف يمكن للتغطية الإعلامية أن تلعب دوراً أساسياً وخطيراً في تغذية خطاب الكراهية والعنصرية ضد المهاجرين والإسلام في ألمانيا. ومن ضمن ما جاء في التقرير تعليق إحدى العاملات في „Erzählraum": "عندما لم تكن اللغة العربية ضمن المشروع ولم تكن تسرد القصص إلا باللغات الألمانية والبولندية التشيكية الصربية، لم نشهد ردود فعل مماثلة أو اهتماما إعلاميا مماثلا، كما شاهدنا مع اللغة العربية". إيمان ملوك المصدر: مهاجر نيوز
مشاركة :