إلى أي مدى ستشعر الشركات بأنها ملائمة لأصحاب المصالح في سوق هابطة؟ تحول إجماع الشركات بسرعة لافتة للنظر إلى فكرة أن التنفيذيين يجب أن يعملوا لمصلحة الموظفين والمستهلكين والموردين والكوكب على المدى الطويل بدلا من التركيز فقط على تلبية توقعات المستثمرين للربع التالي. إلا أن هذا التوبيخ للعقيدة القديمة المتمثلة في أولوية المساهمين جاء خلال سوق صاعدة طويلة. الأرباح القياسية جعلت من السهل على الرؤساء التنفيذيين التفكير برحابة صدر بشأن الأفراد الأساسيين الذين ليست لديهم القدرة على الإطاحة بهم إذا فشلوا في تلبية التوقعات. اندلاع فيروس كورونا يقدم تذكرة صارخة بأن مثل هذه الظروف الحميدة لن تدوم. مع انخفاض أسعار الأسهم وتراجع سلاسل التوريد العالمية، يواجه التحول الأخير للرأسمالية أكبر اختباراته. تحركت البنوك المركزية بسرعة لتخفيف التأثير الاقتصادي للاندلاع، ولا يزال معظم الرؤساء التنفيذيين يأملون أن أرباحهم ستنتعش، لكن الأسابيع المقبلة ستكون محفوفة بالمخاطر غير المألوفة للشركات التي أصبحت تعرف نفسها من خلال مؤهلاتها في مجال المسؤولية الاجتماعية. هذا الدعم الذي يتم تسويقه بكثافة لطريقة جديدة في ممارسة الأعمال يرفع التوقعات بين الموظفين والزبائن، لدرجة أن الخطوات الصارمة لخفض النفقات فعلها التنفيذيون في الأزمات السابقة، ويمكن أن تتسبب بأضرار دائمة للعلامة التجارية. الركود المستمر أيضا سيتركها مع خيارات أكثر صرامة مقارنة بالتحولات السابقة. الظروف القاسية دائما ما تدفع الرؤساء التنفيذيين إلى خفض الميزات المثالية للمنتجات 61 في المائة من التنفيذيين خفضوا الإنفاق التقديري لتجنب عدم تحقيق توقعاتهم للأرباح، وفق مجموعة تشكلت لتشجيع تركيز الشركات على المكاسب طويلة الأجل. عند الاختيار بين معالجة أزمة بيئية طويلة الأجل واضطرابات سلاسل التوريد الوشيكة، كثير من الشركات يوقف الطلب الأكثر إلحاحا. القيام بذلك الآن سيعرض التنفيذيين الذين تبنوا المتطلبات البيئية والاجتماعية والحوكمة المتعلقة بالعالم المتنامي لصناديق "الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة" إلى تدقيق غير مريح. يقول مارتن ويتاكر، الرئيس التنفيذي في "جست كابيتال" Just Capital، التي تصنف الشركات حسب الطريقة التي تعامل فيها أصحاب المصالح: "دائما ما نتلقى ذلك السؤال: في حالة الانكماش، هل سيستمر الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة؟" ويحذر أنه "في عالم أكثر خطورة، لن يفكر بعض الناس على المدى الطويل"، حيث يتنبأ بهزة من شأنها أن تعرض للخطر "الذين يعملون من أجل التسويق". على سبيل المثال، ادعاء شركة وي ويرك أنها مكرسة "لطاقة الجميع" ظهر أنه كلام فارغ، منذ أن استعانت بألف عامل نظافة من مصادر خارجية. حتى الأعمال كالمعتاد قد تبدو غليظة القلب عندما تتغير الظروف بشكل حاد كما حدث في الأسابيع الأخيرة. رفع الأسعار عند نقص العرض من المنتجات المطلوبة هو أمر منطقي في الأوقات العادية؛ لكن في أزمة، يبدو كأنه تلاعب. شركة أمازون شطبت هذا الأسبوع الآلاف من قوائم المنتجات التي انتهكت سياسة التسعير العادل، واقترح عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك فرض عقوبات على متاجر التجزئة التي ترفع أسعار الكمامات. بالمثل، التباينات في الفوائد التي تقدمها الشركات للعاملين المختلفين تشكل مخاطر سمعة غير متوقعة. من المعقول إخبار موظفي المكاتب أن بإمكانهم البقاء في المنزل مع أجهزة الحاسوب المحمول، لكن الموظفين الذين يتقاضون الحد الأدنى من الأجور في سلسلتي وولمارت وماكدونالدز والعاملين في اقتصاد الوظائف المرنة الذين تعتمد عليهم شركات ليس لديها ذلك الخيار. في حين أن مخاوف العدوى تعزز العمل عن بعد "يعتقد الجميع في نيويورك أنهم سيجلسون في المنزل ويطلبون الوجبات الجاهزة، لكن لا أحد سيسلم طلبات الطعام أو طرود شركة أمازون يحصل على إجازة مرضية مدفوعة الأجر"، كما تشير أليسون تايلور، المديرة التنفيذية في مركز النظم الأخلاقية في كلية ستيرن في جامعة نيويورك. العمل الأخلاقي ينبغي أن يوسع مثل هذه الفوائد للعاملين بعقود في اقتصاد الوظائف المرنة، وتجادل: "هل أظن أن هناك أملا أن يفعلوا ذلك؟ مستحيل". حجة الشركات التي تركز اهتمامها على المصالح طويلة الأجل لمجموعة من أصحاب المصالح -حتى في الأزمات- تصبح أقوى. تشير تقديرات ديلويت إلى أن نصف جميع الصناديق التي تدار بنشاط ستحصل على تفويضات للاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة بحلول عام 2025، وتشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أن الشركات التي تركز على العمل على المدى الطويل تتفوق في الأداء بغض النظر عن الدورة الاقتصادية. "تشير الأرقام إلى أن العمل على المدى الطويل يمكن أن يحمي الشركة من الآثار الدائمة لتراجع السوق" وفقا لسارة وليامسون، وهي رئيسة شركة في المجال. شركات مثل بايبال التي قامت بتحسين الفوائد للأشخاص الموجودين في أسفل هياكلها التنفيذية حظيت بدعم المستثمرين. لذلك، ما ينبغي أن تفعله الشركات واضح. ما تختار أن تفعله سيحدد أي الشركات سيصبح الأقوى. حتى مع الدعم من المستثمرين في مجال البيئة والمجتمع والحوكمة على المدى الطويل، يواجه الرؤساء التنفيذيون ضغوطا شديدة لإعطاء الأولوية لمتطلبات المساهمين على المدى القصير. إذا استسلموا لذلك من خلال تقليص الوظائف أو خداع الموردين أو التراجع عن الالتزامات البيئية، فإنهم يخاطرون بألا ينظر إلى أعمالهم كاستجابات حتمية للأوقات الصعبة، لكن كنفاق شركات ما يحطم ثقة الجمهور المتزعزعة بالأصل في الشركات. في عام 1963 عرف معهد ستانفورد للأبحاث "أصحاب المصلحة" على أنهم "مجموعات بدونها ستتوقف المنظمة عن الوجود". تطلب الأمر عقودا من التنفيذيين كي يتوصلوا إلى فكرة أن هناك أصحاب علاقة آخرين بخلاف مستثمريهم يلعبون هذا الدور الوجودي. الآن يجب عليهم إظهار الجوهر وراء تحولهم المعلن. الأسابيع المقبلة ستكون محفوفة بمخاطر غير مألوفة لشركات أصبحت تعرف نفسها من خلال مجال المسؤولية الاجتماعية
مشاركة :