في كل مناسبة انتخابية في الولايات المتحدة تقام انتخابات تمهيدية لاختيار المرشح عن الحزب لشغل منصب معين، فهناك انتخابات تمهيدية لتحديد مرشح الحزب لشغل منصب عضو مجلس النواب ومجلس الشيوخ، والأهم المرشح الرئاسي لحزب معين. وتشير أحد المصادر إلى أن تأسيس الانتخابات التمهيدية هي لإعطاء فرصة أكبر للناخبين لاختيار مرشحهم المفضل لخوض الانتخابات العامة ضد الخصم من الحزب الآخر. وقد كان المرشحون يختارون من قبل قيادة الأحزاب دون تدخل من الناخبين. وكان المنتقدون لعملية اختيار المرشح عن الحزب يصفون غرف الاجتماعات بالغرف المليئة بالدخان تعبيراً عن النخبوية في الاختيار. وحسب المصادر فقد قامت الحركة التقدمية في أوائل القرن العشرين إلى اعتماد الانتخابات التمهيدية، وكان المقصود من ذلك تحويل تسمية المرشحين من الأحزاب إلى الناخبين. كما أن اختيار المرشحين من قبل الناخبين عز من مكانة المرشح ولعله اكسبه أكثر شعبية. وهناك أنواع من الانتخابات التمهيدية، والتي تختلف من ولاية أمريكية إلى أخرى، فلكل ولاية طريقة لاختيار مرشحيها، فهناك الانتخابات المغلقة، والتي لا تسمح لغير المنتسبين لذلك الحزب من المشاركة. وهناك الانتخابات المفتوحة، والتي تسمح لكل شخص بغض النظر عن انتمائه الحزبي من التصويت، وهناك نوع فريد من الاختيار يُسمى مجلس انتخابي لاختيار المرشح المفضل بين المتقدمين. ومن المهم معرفة أن اختيار المرشح لا يتم بشكل مباشر، بل إن الناخبين يصوّتون لمندوب ينوب عنهم في المؤتمر العام للحزب والذي يعقد في الصيف، وهناك يقرر المندوبون من هو المرشح. وهناك نوعان من المندوبين. المندوبون الملتزمون، أي أنهم ملزمون بالتصويت لصالح المرشح الذي أوكل إليه من قبل المنتخبين، وهناك المندوبون غير الملتزمين المشكلون من قادة الحزب بالنسبة للحزب الجمهوري، والمسؤولون المنتخبون من أعضاء الحزب الديمقراطي. وللحصول على أي من المندوبين فإن القاعدة في الحزب الديمقراطي تقول على المرشح أن يتجاوز عتبة الـ 15% من الأصوات للحصول على مندوبين. وإذا لم يحصل المرشحون على أغلبية من كل من المندوبين الملتزمين وغير الملتزمين، فإن المندوبين سيتحررون من التزامهم ويصوتون للمرشح الذي يرون أنه الأحق. وقد رأينا الانتخابات التمهيدية تشتد ضراوة بين مرشحين عدة من الحزب الديمقراطي للحصول على ترشيح واحد للحزب الديمقراطي لمواجهة المرشح المقابل من الحزب الجمهوري. وبما أن المرشح الوحيد للحزب الجمهوري هو الرئيس دونالد ترامب فإنه سيحصل على الفوز في مؤتمر الحزب لمقارعة خصمه الديمقراطي. وقد بدأ أعضاء الحزب الديمقراطي منذ بداية العام بالاقتراع لاختيار مرشحهم. ودخل السباق ما يزيد على 20 مرشحاً، ما جعل السباق لترشيح الرئاسة للحزب الديمقراطي من أكبر السباقات في تاريخ الانتخابات التمهيدية الرئاسية. وكانت أول الولايات هي آيوا والتي عقد فيها مجلس انتخابي وكان التقدم لبيت بوتيدجيدج والمرشح الاشتراكي بيرني ساندرز وكان جو بايدن، والذي كان من المفترض أن يكون المرشح الأكثر حظاً، بسبب شغله منصب نائب الرئيس في عهد أوباما قد احتل المركز الثالث. وكانت الانتخابات في نيوهامشر أيضاً مخيبة لآمال جو بايدن، وشهدت تقدم بيرني. ولكن الفوز المدوي لبايدن في ساوث كورلينا والذي وصل إلى 49% أدى إلى قلب المعادلة بالنسبة لهذا المرشح. وقد استفاد بايدن من انسحاب كل من بوتيدجيدج وإيمي كلوبوشار وتزكيتهما لبايدن قبيل انتخابات الثلاثاء الكبير. ويعتبر الثلاثاء الكبير أهم يوم انتخابي، حيث يعقد في 15 ولاية ويشكل نحو 35% من مجموع المندوبين الملتزمين. وعندما ظهرت نتائج الثلاثاء الكبير، والذي عقد في 3 مارس كسب بايدن معظم الولايات وأصبح يتقدم باقي المرشحين بواقع 484 مندوباً، ومنافسه الرئيس ساندرز يمتلك 463 مندوباً، وبهذه النتيجة يصبح السباق للحصول على مرشح الحزب الديمقراطي بين قطبين رئيسيين هما ساندرز وبايدن. وسينسحب الباقي في الأيام المقبلة. ويشير موقع 538 للمحلل الشهير نيثن سيلفر إلى أن احتمال عدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية هي 3 من 5، وأن فوز بايدن بالأغلبية هو 3 من 10، بينما حظوظ ساندرز هي 3 من 12، ولكن المشوار لا يزال طويلاً لمعرفة من هم المرشح المفترض، والذي سيواجه الرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء 3 نوفمبر المقبل. * كاتب وأكاديميطباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :