خلال نقاش مرشحي الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية ليلة أول من أمس في شارلستون (ولاية ساوث كارولاينا) حول المسلمين داخل وخارج الولايات المتحدة، قال دونالد ترامب الذي دعا قبل شهرين إلى منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، إنهم يمكن أن يكونوا مثل «حصان طروادة.. كما يمكن أن يقوموا بعمليات تدمير كبيرة جدا جدا» داخل الولايات المتحدة. وانتقد ترامب الرئيس باراك أوباما بحجة أنه دعا طبيبا سوريا لجأ إلى الولايات المتحدة ليشهد خطابه حول حالة الاتحاد من داخل مبنى الكونغرس الثلاثاء الماضي، وقال بنبرة تأليبية «تكفينا المشاكل التي نعاني منها.. فنحن نواجه البطالة، وديوننا وصلت إلى 19 تريليون دولار.. تكفينا هذه المشاكل. ولذلك يجب ألا نسمح لأولئك الناس أن يأتوا إلى هنا ويدمروا وطننا». وعندما قالت له صحافية اشتركت في إجراء المناظرة «إن كلامك عن المسلمين خلق عاصفة كبيرة في الداخل والخارج، فهل تريد تغيير رأيك؟» فأجاب متحديا «لا.. لا.. يجب أن نضع حدا للتهذيب السياسي، ويجب أن نقول بصراحة إن وطننا لا بد أن يواجه أمثال هؤلاء الذين يخطفون طائرات ويضربون بها مركز التجارة العالمي في نيويورك، وأمثال الذين يقتلون الناس في سان بيرنادينو (ولاية كاليفورنيا)، والذين يسببون المشاكل في كل العالم»، مضيفا أنه سيمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة «لفترة مؤقتة، وليس إلى ما لا نهاية»، وأن عددا من أصدقائه المقربين من المسلمين، وأن «بعضهم اتصلوا به وشكروه، وقالوا له: أنت تتحدث عن مشكلة يجب ألا نتجاهلها». من جهته، انتقد جيب بوش تصريحات ترامب عن المسلمين، وقال إن لأميركا أصدقاء كثيرين من المسلمين، مثل الأكراد الذين يساعدونها في الحرب ضد تنظيم داعش، ثم سأل ترامب متهكما: «هل ستمنع الأكراد إذن من دخول الولايات المتحدة؟»، قبل أن يطلب من ترامب إعادة النظر في رأيه حول دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، ويصفه بأنه معتوه. وهيمن المرشحان الجمهوريان المحتملان، دونالد ترامب وتيد كروز اللذان يتصدران سباق مرشحي الحزب لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية القادمة، على المناظرة التي جرت الليلة الماضية في معظم الوقت. أما المرشحون المحتملون، الذين يمثلون التيار الجمهوري الرئيسي، مثل حاكم فلوريدا السابق جيب بوش، وحاكم نيوجيرسي كريس كريستي، وحاكم أوهايو جون كاسيتش، والسيناتور ماركو روبيو من فلوريدا، فقد كان أداؤهم باهتا نوعا ما. وخلال المناظرة اختلف ترامب كثيرا مع غريمه كروز بشأن عدد من النقاط في مسعى لتعزيز وضعهما المتقدم، ولم يتركا مجالا لباقي المنافسين الذين حاولوا تضييق الفارق، قبل أن يبدأ فعليا الاقتراع لانتخاب مرشح الحزب، الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية التي تجري في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقد أثار هذا الوضع قلق بعض الجمهوريين من أن الوقت المتاح لمنع ترامب أو كروز من تحقيق مكاسب في سباق الترشح للرئاسة بدأ ينفد، ومن أن بقية مرشحي الحزب لا يقدمون شيئا يذكر لتحجيم تقدم الاثنين. وركز المرشحون السبعة المتفقون على انتقاد السياسة الخارجية للرئيس الأميركي باراك أوباما هجماتهم على هيلاري كلينتون، المرشحة الأوفر حظا في المعسكر الديمقراطي، إذ اعتبر جيب بوش نجل وشقيق رئيسين أسبقين أن وزيرة الخارجية السابقة ستكون «كارثة» للأمن القومي الأميركي، فيما قال روبيو إن «كلينتون لم تعد مؤهلة لتكون القائد الأعلى». لكن المناظرة شهدت قبل ذلك تبادلا للهجمات الحادة، حيث أخذ دونالد ترامب على كروز ولادته في كندا، وقال إن ذلك يحرمه من الحق في تولي الرئاسة. وقبل المناظرة، خرق قادة الحزب الجمهوري هذا الأسبوع الحياد النسبي الذي كانوا يلزمونه حيال المرشحين، مع اختيارهم نيكي هايلي، أصغر حاكمة ولاية في البلاد (43 عاما عن كارولاينا الجنوبية) لإلقاء خطاب الحزب، ردا على كلمة الرئيس باراك أوباما السنوية حول حال الاتحاد. وكانت هايلي قد قالت في إشارة واضحة إلى ترامب «أيظن البعض أنه يكفي أن يكون الشخص الأكثر صخبا من أجل تغيير الأمور»، مضيفة «أن أفضل ما يمكن القيام به في غالب الأحيان هو خفض الصوت». ويرى محللون أن السبب الفعلي لرفض مسؤولي الحزب الجمهوري لدونالد ترامب هو أنهم يعتبرون أنه ليس أفضل مرشح لرص صفوف اليمين والوسط في الانتخابات ضد هيلاري كلينتون، التي تعد الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي. كما أنهم يخشون حصول الأمر نفسه بالنسبة للانتخابات التشريعية التي ستجري بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، وعلى نفس بطاقة الاقتراع. ويقوم الناخبون عادة باختيار كل المرشحين الجمهوريين المدرجين على بطاقة الاقتراع في حال كان اسم المرشح للانتخابات الرئاسية في أعلى البطاقة يروق لهم. لكن سياسيا، يساهم لجوء مسؤولي الحزب إلى مثل هذه الوسائل ضد ترامب، في تعزيز صورته كمرشح معارض للمؤسسات.
مشاركة :