الاعلان عن إنتاج المملكة العربية السعودية بمستوى قياسي يصل الى 12.3 مليون برميل يومياً في ابريل ارتفاعاً من 9.7 مليون برميل يومياً في شهر مارس الجاري، أذهل العالم، حيث أنه لم يستطع أحدا في تاريخ صناعة النفط أن قفز بالإنتاج 2.6 مليون برميل يوميا في شهر واحد، حتى وإن قفز الانتاج إلى 13 مليون برميل يوميا فالسعودية قادرة بالبنية التحتية القوية وزيادة الانتاج هذه لم تأتي من فراغ بل جاءات بناءا على طلبات عملاء “ارامكو السعودية” للنفط الأعلى موثقية. وهنا تثبت السعودية بللجميع قدرتها التي لا تظاهى وهو ما يعد ردّ صريح على كل من شكك في الطاقة الاستيعابية القصوى للمملكة فهذه ارقام إنتاج وليس أرقام مخزونات كما يتوهم البعض. بينما المنتجون الآخرون بما فيهم روسيا يستغرقون اكثر من 4 أشهر لخفض أو زيادة الانتاج بمقدار 200 ألف برميل يوميا فقط. نؤكد على أن هذه الارقام في الزيادة من الانتاج هي ارقام انتاج وليست ارقام المخزونات النفطية كما يتوهم البعض ممن شكك في المملكة على انها الأعلى موثوقية في تصدير النفط بعد هجمات منتصف سبتمبر على اكبر مرافق للنفط في العالم في بقيق.من الواضح أن روسيا ارادته سوقاً حراً للنفط، ولكن من الذي سيتحمل العواقب بعد أن جاءت التصريحات الروسية بأن المنتجين أحرار في الإنتاج حسب الرغبة اعتباراً من الاول من شهر ابريل ونوهت بضرورة الحفاظ على حصتها في السوق، ولكن هذا يحتاج إلى إظهار القدرة التنافسية والتي لا يستطيع أي منتج أن يجاري المملكة فيها.** ما هي العواقب ومن الذي سيتحملها؟ إنتاج برميل النفط في المملكة العربية السعودية هو الأقل تكلفة في العالم، وليس صحيحاً أنها تحتاج إلى 80 دولار على الأقل لموازنة ميزانيتها، بل على العكس زادت السعودية من دخلها من الإيرادات الغير نفطية إلى نسبة %31 وهذا وقاية كبيرة من تقلبات أسعار النفط الحادة وأثرها على الميزانية. لقد رأينا ثاني أكبر ميزانية إنفاق في تاريخ المملكة العام الماضي ورابع ميزانية منذ بداية الرؤية، وزيادة الإيرادات على الرغم من أن أسعار النفط اقل بكثير من الاسعار في اعوام 2011 و2012 و2013.** كيف سينعكس انخفاض الأسعار على أداء النفط الصخري؟ يواجه النفط الصخري الامريكي عاماً بالغ الصعوبة في 2020 حتى عندما كان سعر خام غرب تكساس فوق 50 دولار مما لايشجع على زيادة الإنفاق الاستثماري وهذا سيزيد حالات الإفلاس لدى المنتجين. ولا يزال منتجو النفط الصخري يبيعون براميلهم بتخفيضات كبيرة في السوق الفوري ولم يستحوذوا على حصص سوقية بعقود بيع طويلة الاجل مثل عملاء “ارامكو السعودية”، لأن النمو غير مستدام حتى وان تجاوزت صادرات الولايات المتحدة من النفط 3 ملايين برميل مؤخرا. فكيف ستكون مقاومة النفط الصخري وسعر خام غرب تكساس عند 30 دولار فقط او ربما اقل؟** ما مدى مقاومة روسيا لانخفاض الاسعار؟ يقال ان سعر التعادل للميزانية الروسية هو 42 دولار، ولكن لا ننسى أن اقتصاد روسيا يعتمد على تصدير المواد الهيدروكربونية، حيث يُمثّل النفط والغاز أكثر من %60 من الصادرات الروسية وأكثر من %30 من الناتج المحلي الإجمالي الروسي. روسيا ليست أحد أكبر منتجي النفط في العالم فحسب، بل هي أيضاً ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي والمُصدّر الرئيسي للغاز إلى أوروبا. ترتبط أسعار صادرات الغاز في روسيا بأسعار النفط الخام، وبالتالي فإن روسيا أكثر قلقاً بشأن استدامة الأسعار من منتجي اوبك. لذلك لن تستطيع شركات النفط الروسية العملاقة الاستمرار في مشاريع المنبع وحقول النفط في صحراء سيبيريا المتجمدة عند اسعار نفط عند مستويات 30 دولار. ولايزال هناك كميات نفط روسية كبيرة تباع في السوق الفوري ويتحكم بها تُجّار النفط وليس بيع تعاقدي مباشر إلى مصافي التكرير بعقود طويلة الأجل كما تفعل ارامكو السعودية والتي هي اقل عرضة من غيرها في تحكم السوق الفوري وتجار النفط في التداولات.فيصل الفايق مستشار في شُؤون الطاقة وتسويق النفط، مدير تسويق النفط الخام لأرامكو السعودية في آسيا والمحيط الهادئ سابقا، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا.[email protected]
مشاركة :