انخفضت ميزانيات منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية للسنة الثانية على التوالي، مما يُثير عدة تساؤلات حول مدى مقاومته لانخفاض الاسعار على المدى المتوسط والطويل عند تدني سعر خام غرب تكساس إلى مستوى 50 دولار للبرميل، بينما كان من المُسلّم به أن صناعة النفط الصخري تقاوم انخفاض الاسعار وتحقق أرباحاً عند مستويات اقل. انخفاض عدد منصات حفر النفط الامريكية مؤخراً الى 671 حفاراً اقل بنحو 215 حفاراً مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وغالبية هذا الانخفاض جاء في الحوض البرمي، الذي يُهيمن على نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة. ولكن هذا النمو أصبح مهدداً الآن، حيث يتصارع المنتجين في خفض الميزانيات وارتفاع تكاليف الإنتاج. بلغ متوسط سعر خام غرب تكساس هذا العام حوالي 57 دولار، مع هذا المستوى، يبدو انه من الصعب إثبات زيادة القدرة على نمو الانتاج، حتى مع الزيادة التي جاءت من الآبار الغير مكتملة والمحفورة سابقا وليس من الآبار المحفورة حديثا. على الرغم من أن بعض منتجي النفط الصخري عزّزوا الإنفاق الرأسمالي عند ارتفاع الأسعار في شهر اكتوبر عام 2018 عندما وصل سعر خام برنت إلى 86 دولار للبرميل، ولكن كان ذلك الارتفاع قصير الأجل بعد ان تراجعت الأسعار مرة أخرى بعد شهرين فقط. خفض الإنفاق الرأسمالي لمنتجي النفط الصخري بحوالي %13 إلى %15 في العام المقبل مقارنة بالعام الحالي يجعل توقعات النمو للقطاع تبدو قاتمة للغاية. كما تبدو أيام المجد في صناعة النفط الصخري على حافّة الهاوية بينما تظل توقعات وكالة الطاقة الدولية للطاقة ومنظمة اوبك متفائلة جداً بأن الإنتاج سوف ينمو بأكثر من مليون برميل يومياً في عام 2020، مما يتوافق مع توقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بزيادة إنتاج الولايات المتحدة بنحو 1.3 مليون برميل يوميا هذا العام إلى 12.3 مليون برميل يوميا ومليون برميل آخر في عام 2020. ومع كل هذه الزيادة في الإنتاج الا ان النفط الصخري الامريكي عاجز على تحقيق ارباح في المبيعات او حتى البيع بتعاقدات طويلة الأجل، بالرغم من أن جميع البراميل المُباعة في السوق الفورية حصدت ارتفاعا في الأسعار بينما براميل النفط الصخري لا تزال تُباع بخصومات كبيرة. وهذا يؤكد أنه حتى مع افتراض نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية كما هو متوقع فإنه غير مستدام مع مستويات الأسعار الحالية، وبالتالي فإنه لايُمثّل تهديد لحصة اوبك السوقية. يأتي هذا الاسبوع الاجتماع ال 177 لمنتجي اوبك والاجتماع السابع للمنتجين من خارجها، حيث نجحت جهود خفض انتاج اوبك بلس للعام الثالث على التوالي في الحفاظ على إمدادات كافية والحد من تخمة المعروض: * أُنجزت مهمّة اوبك بلس بعد 15 شهرا فقط من بدايتها، ولكن الجهود المستمرة لثلاث سنوات متتالية هي للتأكد من أن السوق في حالة توازن ولتجنّب اي فائض امدادات محتمل قد يتسبّب في تخمة المعروض. * كانت مخزونات النفط التجارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بنهاية عام 2016 أعلى بـ 299 مليون برميل من متوسط الخمس سنوات الأخير. * انخفضت مخزونات OECD لشهر مارس 2018 بمقدار 40 مليون برميل دون متوسط الخمس سنوات الأخيرة، مما يعني أن تخفيضات اوبك بلس بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا والتي بدأت في يناير 2017 نجحت بعد 15 شهرا فقط من بدايتها. * في يناير 2019، كانت مخزونات نفط OECD عند مستوى 19 مليون برميل أعلى من متوسط الخمس سنوات الأخيرة عندما تم تخفيض إنتاج اوبك بلس بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، مما يعني أن مخزونات نفط OECD آخذة في الازدياد بغض النظر عن تخفيضات إنتاج اوبك بلس. * وفقاً لتقرير اوبك الشهري الأخير (نوفمبر 2019)، فإن أحدث ارقام لمخزونات نفط OECD عند 28.2 مليون برميل عن متوسط الخمس سنوات الأخير. * تقارير منظمة اوبك الشهرية تفيد بتوقعات انخفاضا حادا في الطلب على نفطها في النصف الأول من العام المقبل، حيث تتنافس الإمدادات من خارج اوبك خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، مما يدعم تمديد تخفيضات إنتاج اوبك بلس حتى نهاية عام 2020. قُبيل اجتماع اوبك بلس نهاية هذا الاسبوع يُثير الإعلام النفطي العالمي ان روسيا لم تستطيع في شهر اكتوبر المنصرم ان تفي بإلتزامها تجاه تخفيض انتاج اوبك بلس بالرغم من أن تخفيض إنتاج روسيا والمكسيك وكازاخستان في شهر اكتوبر المنصرم حقق نسب امتثال عالية رفعت النسبة الكلية لامتثال المنتجين العشر من خارج اوبك. من الواضح أن المملكة العربية السعودية وروسيا كبار منتجي اوبك بلس سيستمران في التعاون في الاتفاقية للسنة الرابعة على التوالي لضمان توازن السوق واستقرار الاقتصاد العالمي. مستشار في شُؤون الطاقة وتسويق النفط، مدير تسويق النفط الخام لأرامكو السعودية في آسيا والمحيط الهادئ سابقا، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا.[email protected]
مشاركة :