على لبنان تعلم دروس الماضي

  • 3/12/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

جمانا بيرسيتش * في مؤتمر صحفي رسمي عقد خلال عطلة نهاية الأسبوع، ألقى رئيس الوزراء اللبناني الجديد حسان دياب خطاباً سوف يسجله التاريخ.ونظراً إلى أن البلد كان يدفع ثمن الأخطاء التي ارتكبت في الماضي، أعلن دياب للعالم أن لبنان لن يتمكن من تسديد كامل السندات المستحقة وأن البلاد ستطلق عملية إعادة هيكلة مع دائنيها لترتيب سداد ما يقرب من 32 مليار دولار من السندات المقومة باليورو، وهذه أول مرة يتخلف فيها لبنان عن تسديد أقساط ديونه.قد يفترض الذين لا يتابعون القصة أن لبنان، الذي يمتلك واحدة من أعلى نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم، هو أول بلد يقع ضحية تباطؤ النمو العالمي، وهي مشكلة ستتفاقم مع ظهور فيروس كورونا الجديد.لكن واقع الحال غير ذلك. فالوضع الذي وجد لبنان نفسه اقتصادياً فيه نشأ محلياً تقريباً، وذلك بسبب الاختلالات غير المستدامة والعجز المزدوج. وعانى لبنان ميزان مدفوعات سلبياً لأغلبية السنوات العشر الماضية بينما كان يشهد في نفس الوقت عجزاً متنامياً في الموازنة تجاوز 10% عام 2018. وتمثل خدمة الديون وحدها حوالي نصف الإنفاق بينما يستهلك قطاع الكهرباء غير الكفؤ عالي التكاليف ثلث الإنفاق. فبعد انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990، لم يكن لدى لبنان كهرباء على مدار 24 ساعة ومعظم الناس يعوضون النقص في الإمداد من الشبكة العامة باستخدام مولدات خاصة تحولت فيما بعد إلى استثمارات مجزية لبعض الأطراف.علاوة على ذلك، يعتمد البنك المركزي اللبناني بقوة على النظام المصرفي المحلي. فودائع العملاء المصرفية بالدولار تحفظ في البنك المركزي، ويمنح أصحابها أسعار فائدة أعلى من سعر السوق وهذه العملية وحدها كانت مصدراً مهماً لتحقيق الثراء لدى الأغنياء.بعد اندلاع الحرب السورية في عام 2011، بدأت الودائع الأجنبية تجف بالتزامن مع ضعف نمو الاقتصاد وتلا ذلك فترة طويلة من الشلل السياسي. وصلت الأمور إلى ذروتها في الخريف الماضي عندما اجتاحت التظاهرات البلاد حيث خرج المتظاهرون إلى الشوارع للاحتجاج على سنوات من القيادة غير الفعالة والفساد المتفشي، ما أدى في نهاية المطاف إلى إسقاط الحكومة.بدأت الليرة اللبنانية، التي تم ربطها بالدولار منذ التسعينيات، بالتداول في الأسواق الموازية بخصم حوالي 30٪ من السعر الرسمي. وهرع السكان المحليون لسحب دولاراتهم من البنوك، ما أدى إلى استمرار نقص الدولار في البلاد.كل ذلك تسبب في قرار دياب الأخير والذي تعهد في خطابه بمعالجة التهرب الضريبي، والفساد، وتخفيض تكاليف قطاع الكهرباء، والعمل على وضع ميزانية متوازنة وإعادة هيكلة النظام المصرفي المتضخم. هذه قائمة طويلة من الإصلاحات التي يجب القيام بها على جناح السرعة خاصة أن البلاد أجرت محادثات أولية مع صندوق النقد الدولي واحتياطياتها من النقد الأجنبي آخذة في التناقص.لا شك أن هذا طريق طويل وشاق. لقد تخلفت العديد من البلدان عن التعافي ومنها الأرجنتين التي تعثرت ثماني مرات، لكن الأهم من ذلك هو تعلم الدروس من الماضي لحماية الشريحة الأفقر من السكان وعدم تكرار الأخطاء من جديد. * «سي إن بي سي»

مشاركة :