أحمد توفيق: مسرح الطفل أصعب أنواع الكتابة

  • 3/12/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: مدحت صفوت في بداية مشواره، عُرف المسرحي والباحث في التراث الشعبي أحمد توفيق كشاعر عامية، تحول من قصيدة العامية إلى نثر العامية، قبل أن يترك كتابة الشعر ويغادر أرضه، ويظل المسرح بأشكاله المتباينة ملتصقاً به، لينتح عدداً من المسرحيات، وبصفة خاصة للأطفال، و يؤكد أن الكتابة لمسرح الطفل صعبة للغاية.منذ بداية «الألفينية» تقريباً، راح «توفيق» يخلص لجمع الموروث الشعبي في مصر، بدأ وكأنه هاوٍ يحب التراث، فجمع «أغنيات الفراق»، وتراث العديد لقريته العربية محافظة أسيوط. لكنه سرعان ما تحول إلى باحث «غول» يعرف كيف يقدم منتجاً معرفياً ضخماً يقوم على إنتاجه مركزٌ بحثي أو عدّة باحثين.يعمل «توفيق» في صمت، ويواصل طريق إنتاجه المعرفي، على الرغم من كثير من المعوقات التي واجهها، فهو مغرم بالموسوعات، والعمل الموسوعي، والتوثيقي الذي يحتاج إلى سفر وترحال في ربوع مصر كافة، ولذا زار كل مركز في البلاد، والتقى الناس والرواة من شتى بقاع المحروسة، لينتج «كتاب الحواديت.. موسوعة الحكايات الشعبية في مصر» في أربعة أجزاء، وضمت الموسوعة تقريباً أغلب الحكايات الشعبية التي يتناقلها المصريون، بجانب كشافات وفهارس علمية ودقيقة تساعد الباحثين على معرفة طبيعة النصوص وشكلانيتها، وقد أفاده هذا كله في العمل المسرحي.«الخليج» التقت «أحمد توفيق» وكان معه هذا الحوار.بداية، الحديث عن مسرح أحمد توفيق يستدعي بالضرورة الحديث عن التراث واستلهامه، فضلاً عن اهتمامك الشخصي كباحث في التراث الشعبي، لماذا نلجأ إلى التراث؟- عندما يستفيد المؤلف المسرحي من التراث كخلفية لعمل، فإن هذا التراث يضفي على النص حالة من خصوصية المكان وثقافة الناس؛ لذا فإنه بمجرد الإشارة لعنصر ثقافي تتضمنه موتيفة أو إيماءة أو تعبير شعبي يعبر عنه فن تشكيلي أو حركي أو قولي، يستدعي معه بالضرورة دلالات أخرى مكملة تعبر عن تلك الحالة الثقافية المختلفة، التي تضفي على العمل الإبداعي قدراً من التجلي المشوّق الجاذب لقارئ النص أو المشاهد للعرض.* لا يتوقف استلهامك للتراث عند حدود الموروث الشعبي، فسبق أن استفدت من إيزيس وأوزوريس في مسرحيتك «فضاء أبيدوس» بصياغة جديدة أثارت اعتراضات متخصصين في التاريخ بشأن اختلاط الأحداث؟- نعم استدعيت أسطورة إيزيس وأوزوريس من التراث، وأسقطتها على الواقع الجديد في «أبيدوس الجديدة» - أي الواقع المصري الحالي - وجعلتها تدور حول قضايانا المعاصرة، كذلك تناولت تناقضات الشخصية المصرية خاصة عند النخبة المثقفة والحاكمة. وقد صغت النص بمستويات متعددة للغة: الفصحى لتعبر عن الحوار بين الآلهة في مصر القديمة، والشعرية أو الشاعرية لتعبر عن الحوار النفسي والجدل الذاتي والأجواء السحرية والأسطورية، واللغة الدارجة لتعبر عن روح الفهلوة وحوارات العامة على المقاهي والمناطق الشعبية، وأثناء الكتابة اجتهدت في أن أجعل قارئ النص أو مشاهد العرض لا يشعر بأي قدر من عدم الانسجام بين هذه المستويات اللغوية. أجواء أسطورية لا تغيب الأجواء الأسطورية والسحرية عن مسرحياتك، لكنها تدور جميعاً في إطار البحث عن معنى لوجود الإنسان، فلماذا تسيطر القضايا الوجودية على نصوصك؟هذا العالم الأسطوري في مسرحيات: «فضاء أبيدوس»، «العصاية»، «قيراط لبسطاوي»، يمثل محاولة للهروب من واقع مرير ممتلئ بالمتناقضات، لواقع آخر بديل يمكنني فيه التعبير بحرية ويسر عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد، كذلك التخلص من الشعور بالاغتراب داخل الوطن. ويحدث ذلك خلال رحلة بحث أبيدوس في المسرحية، والشاطر حسن في مسرحية العصاية، وبسطاوي 1 وبسطاوي2 وبسطاوي3 في مسرحية قيراط لبسطاوي عن معنى الوجود الإنساني المفتقد.تعمل في النشر منذ عقود، كيف تقيم نشر النصوص المسرحية سواء في مؤسسات الدولة أو في دور النشر الخاصة؟- لا توجد لجان حقيقية لتقييم الأعمال المقدمة في دور النشر الخاصة أو الحكومية، ففي دور النشر الخاصة المؤلف هو الذي يدفع تكاليف الطباعة، ولا يجني بعد ذلك شيئاً من مبيعات كتابه، وتقيّم الدار الكتاب بقدر ما يدفعه المؤلف من مبالغ، ولا ينظرون مطلقاً لقيمة المكتوب. أما في مؤسسات النشر الحكومية فقد قلت الكميات المطبوعة، ما يؤدي لتضاعف الخسائر، فتقلص النشر وضاع الكتاب القيم في زحمة الركام.لكن هناك بعض الآراء التي ترى أن هناك أزمة في النصوص المسرحية في مصر، فما رأيك في ذلك؟- أرى أن الأزمة الكُبرى في قلة وسائل النشر ونزاهتها، وغياب اهتمام الدولة بقيمة الإبداع وتنمية مواهب المبدعين الشباب.ومن الذي يلفت انتباهك من كتاب المسرح؟- يلفت نظري الكاتب الذي يقف عند رؤية حقيقية تستند إلى تجربة ذاتية لها خصوصيتها المتفاعلة مع الواقع المعيش المستفيدة من التراث والموروث بعمقه ودلالاته وروعته المحببة لقارئ الكتاب أو المشاهد للعرض المسرحي. ومن كتاب المسرح المتميزين في الكتابة للكبار والأطفال: درويش الأسيوطي، سليم كتشنر، حسام عبد العزيز، سعيد حجاج، إبراهيم الحسيني، عبده الزراع. أزمة بخصوص أزمة التأليف المسرحي، توقفت أنت عن الكتابة المسرحية للكبار، وتوجهت إلى مسرح الطفل، ما الدافع وراء ذلك؟- الكتابة للطفل صعبة للغاية؛ لأنها تراعي الجوانب التربوية والقيم المجتمعية، ومن خلالها يتم تقديم بعد المعلومات البسيطة، والتعريف بمفردات المكان وما يحيط به وفيـــه مـــن طبيعة وكائنات ومفردات، وكذلك أدوات المنزل والزراعة والعمل، وكذلك تنمية روح التخيل والإبداع، بترك مساحات مناسبة لمشاركة قارئ النص أو مشاهد العرض، وقد جاءت الكتابة للطفل بعد عدة تجارب مسرحية للكبار وبعد تجربة بحثية ملموسة في مجال الموروث الشعبي للطفل، أنجزت خلالها موسوعة حكايات الطفل من 4 أجزاء>

مشاركة :