الابتكار منهج حكومي وثقافة مجتمعية.. «العقول» استثمار الخمسين

  • 3/12/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

التحرير: أشرف جبريل الإشراف العام: راشد الزعابي, ناصر الجابري الإخراج: محمد شخور لأن تحديات العقود القادمة لن تحسمها الحلول التقليدية، ويحتاج التعاطي معها إلى رؤى خلاقة، وأفكار مستنيرة، يظهر الاستثمار في «العقول» أحد أهم استراتيجيات الاستعداد للمستقبل، وتعزيز الابتكار في صدارة أولويات الحكومة الرشيدة، وكالعادة كانت الإمارات سباقة، وبدأت مبكرا مشوار تأصيل الابتكار كمنهج عمل حكوميا، وثقافة مجتمعية سائدة من خلال سياسات ومبادرات إجراءات رسمية، شملت إطلاق استراتيجية وطنية واستحداث شهر للابتكار. وجاءت النتائج سريعة ومبشرة، الإمارات الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغرب آسيا، وفي المركز الـ22 عالميا في مؤشر تنافسية المواهب العالمي 2020، والجهات المختصة توثق أكثر من 567 ابتكاراً خلال 2019، جرى تطبيق 78% منها عمليا لخدمة المجتمع، وسط شواهد إنجازات أخرى تبشر بغد أفضل تتربع فيه الإمارات على عرش الابتكار عالميا. هدى الهاشمي: 1000 مبادرة لمواجهة متطلبات العقود المقبلة أكدت هدى الهاشمي مساعد المدير العام للاستراتيجية والابتكار في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بوزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، أن تبني ثقافة الابتكار وتعزيز وعي المجتمع، هدف محوري في دولة الإمارات، ترجمة لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ويجسد هذا التوجه، رؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي تستهدف تعزيز الابتكار منهجاً للعمل الحكومي وثقافة مجتمعية. وقالت: أطلقت دولة الإمارات الاستراتيجية الوطنية للابتكار عام 2014 لتشكّل مساراً معتمداً للجهات الحكومية والخاصة، وحافزاً لأفراد المجتمع في وضع أفكار مبتكرة تعزز المبادرات الحكومية، وتسهم في تحقيق رؤية دولة الإمارات في أن تكون من أفضل دول العالم في الابتكار، ومن منطلق حرص الحكومة على ترسيخ هذه الثقافة تم تأسيس مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي في 2014، ويشرف المركز على عدد من المبادرات الحكومية الهادفة لإشراك أفراد المجتمع في مسيرة الابتكار، وتعزيز الوعي بأهمية تبني هذه الثقافة أسلوب حياة يومي، أهمها تنظيم أسبوع الابتكار لدورتين متعاقبتين عامي 2015 و2016. وأشارت إلى أن شهر الإمارات للابتكار الذي يتم عقده سنوياً، يهدف إلى تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية والخاصة والمؤسسات الأكاديمية والأفراد على مستوى الدولة، لإحداث قفزات نوعية واحتضان الأفكار المبتكرة التي تصيغ حلولاً جديدة للتحديات المستقبلية، وتسهم في ترسيخ مكانة دولة الإمارات مركزاً عالمياً للابتكار، من خلال تنظيم أكثر من 1000 مبادرة وفعالية ومعرض على مستوى الدولة. وبينت الهاشمي أن مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي أطلق تحدي الخمسين الذي يعد أكبر مسابقة وطنية من نوعها، لإشراك أفراد المجتمع في تصميم مستقبل دولة الإمارات وتطوير حلول مبتكرة ومستدامة في 4 تحديات رئيسة تهدف للوصول إلى معدل الصفر بحلول عام 2071، في نسبة الحوادث المرورية، ونفايات البلاستيك، ومعدل السمنة بين الأطفال، ونسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، واستقبل المركز العديد من الأفكار المبتكرة التي تثري العمل الحكومي. وأضافت الهاشمي: أطلقت حكومة دولة الإمارات خلال السنوات الخمس الماضية عدة مبادرات تهدف إلى تعزيز ثقافة الابتكار في العمل الحكومي، وتطوير نمط تفكير جديد في المجتمع، ومواكبة التغيرات المتسارعة في العالم، وفي إطار هذه الجهود تحوّل التركيز في دولة الإمارات من بناء بيئة داعمة للابتكار إلى تحويل الابتكار لثقافة مجتمعية وممارسة يومية في عمل الجهات الحكومية، كما أطلقت الحكومة منصة «ابتكر» أول منصة للابتكار الحكومي باللغة العربية بهدف نقل المعرفة بين الحكومات العربية، وتطوير منظومة العمل الحكومي في المنطقة، وهي منصة معرفية للتعلم التفاعلي تستهدف الحكومات في العالم العربي وتركز على تبادل أفضل ممارسات الابتكار الحكومي، ونقل تجربة دولة الإمارات إلى العالم العربي. ولفتت إلى تدريب 80 ألف شخص تفاعلوا مع منصة ابتكر من العالم العربي بينهم 13 ألف منتسب من موظفي حكومة دولة الإمارات، فيما يعتمد محتوى المنصة على شراكات متميزة مع أهم المراكز المتخصصة والمنظمات الدولية المعنية، كما استحدثت حكومة دولة الإمارات منصب الرئيس التنفيذي للابتكار الأول من نوعه على مستوى حكومات العالم، وتمكنت من بناء قدرات 250 شخصاً في الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، وتمكينهم من قيادة مسيرة الابتكار في الجهات التي يعملون بها. وأوضحت أن مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي وثق أكثر من 567 ابتكاراً عام 2019 عبر منصة «ابتكارات الحكومات الخلاقة»، بهدف توظيف أحدث الوسائل التكنولوجية والعلمية في خدمة أفراد المجتمع، ما يعكس التزام الحكومات بعملية التطوير المستمر، وإيجاد طرق لتحسين الحياة اليومية للسكان. وتشكل الابتكارات المطبقة نسبة 78% من جميع الابتكارات الموثقة، وتتنوع الابتكارات التي تم توثيقها، حيث قدّمت الجهات الحكومية سياسات مبتكرة وابتكارات في التواصل والإشراك المجتمعي، إضافة إلى ابتكارات مختلفة في قطاع الخدمات، مشيرة إلى أن نسبة الابتكارات التي تم توثيقها في مجال طرق تقديم الخدمات بشكل مبتكر وصلت إلى 60%، فيما وصلت نسبة الابتكارات التي أسهمت في رفع مستوى المعيشة في المجتمع الإماراتي إلى 62%. وأوضحت بأن حكومة دولة الإمارات تركز على تشجيع الأفراد على تقديم أفكار جديدة تخدم مجتمع الإمارات، وتحفيزهم على تسجيل الاختراعات التي تم تطويرها بالاستعانة بهذه الأفكار، حيث شهد مجال براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية تطوراً ملحوظاً في عدد براءات الاختراع التي وصلت إلى 734 في 2018، مقارنة بـ224 براءة اختراع مسجلة في 2011. وبينت الهاشمي أن حكومة الإمارات عملت خلال السنوات الماضية على نشر مفاهيم الابتكار في العمل الحكومي، ما أسهم في تعزيز المبادرات الحكومية الداعمة للابتكار وتبني الممارسات المبتكرة في حياة الأفراد، لافتة إلى أن الحكومة تهدف إلى تحقيق رؤية الإمارات 2021 بأن تكون الإمارات واحدة من أكثر الدول ابتكاراً، وصولاً إلى مئوية الإمارات 2071 بأن تصبح الأكثر ابتكاراً على مستوى العالم. ياسر جريش: المسابقات بوابة الإبداع قال الدكتور ياسر جريش من قسم الكيمياء والمختبرات في جامعة الإمارات: الابتكار واستدامة الاستثمار في الطاقة البشرية من المحاور المهمة للنهوض بالمجتمعات والارتقاء بالعقول التي تبدع في إطار منظومة تعتمد على العلم والكفاءة، لافتاً إلى أنه حين ننظر إلى المستقبل طويل الأمد في استغلال الطاقة البشرية وتوجيهها نحو الابتكار، فمن الضروري أن نضع في الاعتبار أهمية تبني سياسة تفاعلية تعزز القدرات والمهارات، ومضاعفة الاهتمام بالابتكار وترسيخ ثقافته في المجتمع، ومن ثم مع وجود بنية تحتية قوية وراسخة داعمة للإبداع. وبين أنه على سبيل المثال في مجتمع الجامعة، هناك تنافس قوي بين الطلاب، بما يتماهى مع الاستثمار في الطاقة البشرية، ويدعم خوض تجارب مغايرة لتنفيذ مشروعات تعبر عن المستقبل في البيئة والطاقة والصحة، ولكي تحقق هذه المنظومة نتائج أكبر خلال الخمسين سنة المقبلة فإنه من الضروري التحفيز المستمر على الابتكار من خلال منظومة تضمن وجود طالب مبتكر في كل القطاعات التربوية، ومن ثم موظف مبتكر في كل المؤسسات العامة والخاصة، مشيراً إلى أهمية تضافر جهود الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص والفعاليات الأكاديمية والمجتمعية لتحقيق استدامة الطاقة البشرية. ولفت جريش إلى أن المسابقات الجماعية المفتوحة في الابتكار تتيح الفرصة للتوصل إلى أفكار مبدعة قادرة على مواجهة التحديات، ومن ثم التفكير من أجل الوصول إلى وضع حل للمشكلات التي تواجه الإنسان والمجتمعات على المدى الطويل. الإمارات الأولى في مؤشر المواهب تصدرت الإمارات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغرب آسيا، في مؤشر تنافسية المواهب العالمي 2020 «المواهب العالمية في عصر الذكاء الاصطناعي»، فيما جاءت في المركز 22 عالمياً، وفق أحدث تقارير «إنسياد»، كلية إدارة الأعمال العالمية لعام 2020. وجاءت الدولة في المركز 3 عالمياً في مؤشر الجاذبية والمركز 18 في كفاءة الحكومة، والمركز 22 في مؤشر التمكين، والمركز 24 في مؤشر النمو، والمركز 29 في مؤشر الاحتفاظ بالمواهب والمركز 33 في حكم القانون. وحازت الدولة مراتب جيدة في عدد من المؤشرات الفرعية، ومنها المركز 3 في الانفتاح الخارجي، وجاذبية الأعمال، والمركز الأول في الطلاب الدوليين واليد العاملة المهاجرة، والمركز 9 في الانفتاح الداخلي، والمركز 11 في مؤشر التسامح مع الأقليات، والمركز 4 في التسامح مع المهاجرين، والمركز 9 في مؤشر فرص النساء القيادية. وجاءت الدولة في المركز 9 في وفرة العلماء والمهندسين، والمركز الأول في استخدام الشبكات المهنية الافتراضية متقدمة على الولايات المتحدة وسنغافورة وهولندا. مبارك الشامسي: تمكين الشباب تقنياً أكد مبارك سعيد الشامسي مدير عام مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، أن المركز يبتكر وسائل وبرامج حديثة تتوافق مع رؤية الدولة، فيما يتعلق بصناعة القوى البشرية باعتبارها أهم الموارد التي تحرك عجلة النمو الاقتصادي، ويتحقق هذا الهدف من خلال التعليم المتخصص والتدريب المتقدم وخطط صقل وتنمية المهارات الصناعية بمعايير عالمية، مشيراً إلى أن المركز نجح، من خلال مسابقة المهارات العالمية أبوظبي، في تمكين شباب الإمارات من التنافس مع موهوبي العالم بفريق يتكون من 34 مواطنا ومواطنة يمتلكون قدرات عالية في 31 مهارة متقدمة منها صيانة السيارات والطائرات وخدمات الرعاية الصحية وعلوم الحاسوب والميكاترونكس، ونعتقد أننا نخطو خطوات واسعة على طريق تمكين كفاءاتنا البشرية والارتقاء بقدرات شبابنا لنصل بها إلى مكانة تتناسب مع حجم التقدم الذي حققته دولة الإمارات في مختلف المجالات. ولفت الشامسي إلى أن تصدر الدولة مؤشر تنافسية المواهب أوسطياً ووجودها في المرتبة 22 عالمياً، جاء بناء على عدة معايير أهمها توفر القوى العاملة الحاصلة على المرحلة الثانوية، وهو معيار نركز عليه بقوة، ومعيار تمتع الفنيين في الدولة بالمهارات المطلوبة، ومعيار إنتاجية العامل بالدولة عبر صناعة الكفاءات الطلابية القادرة على الإبداع والإنتاج منذ مقاعد الدراسة، إضافة إلى معيار آليات التوظيف في الإمارات التي تتميز بالمرونة الكاملة، ومعيار وجود آلية مرنة لصناعة وتوفير الموظفين المهرة، وهو الواقع الفعلي في الإمارات من خلال خطط وطنية مشتركة يجري تنفيذها مع نخبة من المؤسسات الصناعية. وأوضح الشامسي أن المعايير الأخرى تتمثل في مدى ملاءمة النظام التعليمي مع متطلبات سوق العمل والاقتصاد، وتوافق المهارات المطلوبة في سوق العمل مع التعليم الثانوي والعالي، ونسبة الحاصلين على الثانوية العامة في المجتمع، وهو المعيار الذي تلعب فيه كثير من المؤسسات الحكومية والخاصة دورا بارزا من خلال تمكين الفئات المتعثرة من استكمال تعليمهم الثانوي، مشيراً إلى أن الحصول على الترتيب المتقدم على كثير من دول العالم، يعود إلى الجهود التي تبذلها الحكومة الرشيدة لتمكين الجهات الحكومية من طرح المبادرات والبرامج التي تجذب أفضل المواهب وأكثرها كفاءة في العديد من التخصصات التقنية والفنية المتقدمة، إضافة إلى استحداث نظام تعليمي ثانوي تقني متطور مبني على أحدث الأسس والممارسات، بهدف تعزيز المهارات وصقل الكفاءات وتطوير رأس المال البشري بما يتناسب واحتياجات سوق العمل. عبدالله الشحي: مخترع في كل بيت يقول المخترع عبدالله الشحي، (صاحب 60 اختراعاً)، إن الابتكار في الإمارات يسير بخطى واسعة وسريعة، وينطلق إلى المستقبل بثبات يعكس الاهتمام البالغ الذي توليه الحكومة الرشيدة بهذا المحور المهم الذي يساهم بفاعلية في بناء مستقبل الدولة، خصوصاً أننا نعيش في مرحلة تحتاج للتنمية وتوظيف كافة الإمكانات لاستشراف المستقبل واستخدام الذكاء الاصطناعي، والتقنيات الحديثة لتحقيق رؤية تنموية متكاملة للخمسين سنة المقبلة. وأكد أهمية رسم خارطة طريق مستقبلية لمسيرة الابتكار ومبادراته الخلاقة، ومن ثم العمل على تشجيع الصغار والكبار على الإبداع، فيما تحدد المؤسسات المعنية الأهداف العامة وتعمل على تحقيقها، فالأمل أن يكون في كل بيت مبتكر، وفي كل مدرسة مجموعة من المخترعين، وفي كل جامعة مشروعات عملاقة لبناء نهضة الوطن، وبذلك نكون قد وضعنا أيدينا على أهم مسببات الاستدامة في تطور القطاع البشري، ودعم منظومة الابتكار وفق نظم علمية دقيقة، وبأسلوب دقيق يضمن تحويل الابتكار إلى منهج عمل وأسلوب حياة. محمود الحادر: بناء مجتمع المعرفة قال المبتكر محمود الحادر، دكتوراه في الهندسة المدنية: نعيش زخماً حقيقياً وطفرة غير مسبوقة في الابتكار، غير أن استدامة هذا المجال تحتاج إلى المزيد من التفاعل مع المبادرات الوطنية، مع استحداث برامج لتحقيق الأهداف الوطنية على المدى البعيد، والوصول إلى مجتمع المعرفة، بما يحقق استدامة الابتكار بمعناها الواسع، وطالب بمزيد من الدعم لمشاريع المبتكرين، ومساعدة كل مبتكر حتى يجد فرصة حقيقية لإبراز ابتكاره وتنفيذه على أرض الواقع إن كان هذا الابتكار نافعاً ويقدم حلولاً عملية مفيدة. خليفة الرميثي: بنية تكنولوجية داعمة أكد المخترع خليفة الرميثي، حاصل على بعثة رئيس الدولة للطلبة المتميزين، ويدرس في جامعة «بردو» الأميركية قسم الهندسة الإلكترونية، أن الإمارات لديها بنية تكنولوجية داعمة للابتكار، تتيح تنفيذ الخطط المستقبلية وجني ثمارها، موضحاً أنه من الضروري وضع برامج لتحفيز المواطنين وتشجيعهم على المشاركة في المبادرات المتعلقة بالابتكار، مشيرا إلى أن الاستثمار في العنصر البشري هو المحرك الأول لتطور هذا القطاع، وأن البحث الدائم عن المبتكرين في كل القطاعات وتزويدهم بالمهارات المطلوبة لمواجهة التحديات أمر بالغ الأهمية، مع العمل على استغلال الطاقات البشرية الإماراتية في تطوير العمل في القطاعات كافة بما لديهم من أفكار ورؤى خلاقة.

مشاركة :