ريد كراكوف لـ «الشرق الأوسط»: المجموعة الجديدة تتكلم لغة جيل يريد أن يعيش الترف بشكل يومي

  • 3/12/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

المصمم ريد كراكوف هو رجل المسؤوليات الكبيرة. فهو الذي جعل اسم دار «كوتش» الأميركية رناناً في أوساط الموضة، حيث حقق خلال عهده فيها الذي دام 16عاماً إيرادات تزيد قيمتها على 4 مليارات دولار أميركي. وها هو الآن يضع لمساته الذهبية على دار «تيفاني» البالغة من العمر 182 عاماً. ولا يختلف اثنان على أن مجرد ذكر اسم «تيفاني» يثير كثيراً من المشاعر والذكريات السعيدة. فأي قطعة تأتي في علبتها الملونة بالأزرق الفيروزي تبقى من الكلاسيكيات التي تبقى مع المرأة مدى الحياة، وتُسجل لمرحلة مهمة من مراحل حياتها، سواء كانت على شكل خاتم خطوبة من الذهب تتوسطه ماسة، أو على شكل ملعقة من الفضة أو مشط ناعم عند ولادة طفل. وفي لقاء خاص جرى في لندن بمناسبة إطلاق الدار لمجموعتها الجديدة «Tiffany T1»، اعترف ريد كراكوف بأن المسؤولية كبيرة، مؤكداً أنه «ليس من السهل التلاعب بأساسيات دار يعود تاريخها إلى أكثر من قرن ونصف القرن بكثير، وفي الوقت ذاته جعلها مواكبة للعصر، ومتطلبات جيل يعتمد على الصورة». فجيل «إنستغرام»، حسب رأيه، يتوفر على كثير من المعلومات، وهو محاط بإغراءات لا حصر لها، وهذا ما يتطلب لغة مخاطبة مبتكرة، ونسج قصص مثيرة تشد انتباهه وإعجابه، ومن ثم ولاءه. وقد بدأ بالاستعانة بليدي غاغا وإيل فانينغ، كسفيرات للدار، وهو ما كان جديداً على دار لم تكن تستعين بنجمات من قبل بقدر ما كانت تعتمد على سُمعتها وتاريخها. كانت الفكرة واضحة، تتلخص في خض المتعارف عليه، وتغيير صورتها كدار كلاسيكية نخبوية. وأرفق إصداراته أيضاً بحملات تسويقية مفعمة بروح شبابية ساعدته على تحقيق المراد في فترة وجيزة. فقد بدأت الدار فعلاً في استقطاب زبونات جديدات أثارتهن تصاميمها الجديدة وتاريخها العريق على حد سواء، خصوصاً بعد أن صورت إيل فانينغ نسخة معاصرة من فيلم «إفطار في تيفاني» الشهير، قربت به جيل الألفية للدار، ممن لم يسمعوا بنسخته الأولى، أو لم يتفرجوا عليها من قبل. أما ليدي غاغا، فقد ظهرت بماسة تيفاني الصفراء الشهيرة في حفل توزيع جوائز الأوسكار في عام 2018، الذي تسلمت فيه جائزة عن فيلمها «ولادة نجمة» الذي تلقت فيه جائزة عن أغنيتها «شالو». والتحق كراكوف بتيفاني في عام 2017، بصفته مديراً فنياً مسؤولاً عن المجوهرات والأكسسوارات وكل ما يتعلق بجوانب الإبداع، من ديكورات وحملات ترويجية وغيرها. فخبرته تمتد إلى أكثر من 16 عاماً، وكان له فضل كبير في إعادة الوهج لدار «كوتش» التي ضخها بجرعة شبابية نفضت عنها غبار الزمن. كما سبق له العمل مع «تومي هيلفغر». لكن رغم أن فن التصميم يخضع لمعايير واحدة، مع اختلاف الأدوات فقط، فإن المصمم أدرك منذ البداية أن تطويع الذهب والتعامل مع الأحجار الكريمة يتطلب تعاملاً مختلفاً عن تطويع الجلود والأقمشة. لهذا، وبمجرد تسلمه مهامه، جعل دراسة تاريخ «تيفاني» وإرثها من أولوياته، فقد «كان فهم تطورها في غاية الأهمية»، حسب قوله. وتابع: «لهذا قضيت كثيراً من الوقت في قسم الأرشيف، أدرس كل التصاميم والرسمات والحملات الترويجية التي قامت بها على مدى عقود. كنت أعرف أن الغوص في هذا التاريخ وتشرب كل تفاصيله خطوة أساسية وضرورية قبل البدء في كتابة فصل جديد فيها». وكانت أول مجموعة قدمها بعنوان «ورود من ورق» (Paper Flowers)، وقد كانت مجموعة جريئة في تصميمها وتسويقها، احتفل فيها بالترف اليومي، بجمعه رومانسية الطبيعة التي تلتصق باسم الدار بالأسلوب الصناعي الجديد عليها. أما مجموعته الأخيرة «تيفاني T1» التي أتى إلى لندن خصيصاً للحديث عنها، فقال إنه سيطلقها على 3 دفعات: الدفعة الأولى ستكون في شهر أبريل (نيسان)؛ وكما يدل اسمها، فهي امتداد لمجموعة «تيفاني تي» المتميزة بموتيف (T) الأيقوني الذي يظهر في كثير من تصاميم الدار منذ بداية الثمانينات، والذي شهد رواجاً منقطع النظير في السنوات الأخيرة نظراً لمخاطبته جيلاً جديداً من النساء اللائي لهن الإمكانيات لاقتنائه، بالإضافة إلى أن كراكوف ضخه بجرعة معاصرة قوية جعلته يدخل مناسبات النهار والمساء، وبالتالي يُعبر عن تطلعاتهن. فـ«فامرأة اليوم (من وجهة نظره) مستقلة، فكرياً ومادياً، وهذا يعني أنها لا تنتظر من يُهديها قطعة مجوهرات لا تكون على ذوقها. بالعكس، فهي تريد أن تقتني ما يروق لها بنفسها، واستعماله بشكل يومي للتعبير عن استقلاليتها وذوقها في الوقت ذاته». ويتابع كراكوف: «نحن نؤمن بأن الترف يجب أن يكون راقياً من دون تكلف حتى يلائم كل المناسبات. لهذا حرصنا على تطوير موتيف (T) الأيقوني بترصيعه بالماس، في رسالة مفادها أن الأحجار الكريمة ليست حكراً على المناسبات الخاصة والكبيرة، بل يمكن أن تُستعمل في كل يوم». والمجموعة التي ستطرح هذا الشهر مصنوعة من الذهب الوردي، وتتراوح أسعارها بين 850 و28 ألف دولار، على أن يُتبعها بمجموعة من الذهب الأبيض والأصفر في فصل الصيف. أما في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، فستطرح الدار قلادة بسعر 150 ألف دولار، من المجموعة نفسها مرصعة بالأحجار الكريمة، وقد استغرق صنعها عاماً كاملاً في ورشاتها بنيويورك. وأهم ما يميز المجموعة الجديدة خطوطها البسيطة، وانحناءاتها الأنيقة التي تُلمس باليد أكثر مما تُرى بالعين، باستثناء حرف (T) الذي يُعرف بها من بعيد، ويتميز بازدواجية تجمع بين نعومة المرأة وقوتها. فهذه، كما يقول المصمم، ليست قطعة للتباهي والزينة فقط، بل هي أيضاً لتمكين امرأة لها استقلاليتها التي تريد أن تعبر عنها بأسلوبها الخاص. جدير بالذكر أن «تيفاني» كانت من أوائل دور المجوهرات التي خاطبت كل الإمكانيات، بطرحها تصاميم بمواد مختلفة تتباين بين الذهب والأحجار الكريمة والفضة. لهذا لم يكن غريباً ركوبها الموجة الحالية في مخاطبة الطبقات المتوسطة بأسعار متوسطة. فهذه الطبقة -حسب الدراسات وأرقام المبيعات- تحرك سوق الترف بشكل كبير وتؤثر عليه، وبالتالي أصبح تجاهلها غير ممكن. ودور مجوهرات كثيرة توجهت إليها بمجموعات خاصة كان لها مفعول السحر على أرباحها، مثل «سوار لوف» من «كارتييه» ومجموعة «تيفاني تي» المميزة بحرف (T)، فكلما كانت هذه القطع من مواد ثمينة، وبتصاميم قوية تصرخ بهوية الدار المصممة لها، زاد الإقبال عليها من قبل هذه الشريحة. والمُثلج للصدر، بالنسبة لدور المجوهرات، أن هذه الشريحة لها أسلوب خاص في ارتداء هذه القطع للتعبير عن إعجابهن بها. وغالباً ما تكون الطريق رصها بعضها فوق بعض، الأمر الذي يعني أنهن يقتنين أكثر من واحدة في لحظات ومناسبات مختلفة من حياتهن. والتحدي بالنسبة لكراكوف كان دائماً كيفية أخذ الدار إلى مرحلة جديدة، من دون تغيير رموز وأساسيات لصيقة بها، وتُميزها كواحدة من أكثر دور المجوهرات شهرة في العالم. وبحكم خبرته الطويلة بأحوال الموضة، وتعرضه شخصياً لمطباتها وتقلباتها الكثيرة، يُلمح إلى أنه لم يعد يأخذ أي شيء كتحصيل حاصل، أو يؤمن بأن الأمور تسير بما تشتهي السفن. فالمفاجآت غير السارة واردة دائماً، و«التجارب علمتني أن أتعامل معها بشكل واقعي».. يقول هذا وهو يبتسم ابتسامة متعبة، لا تعرف إن كانت بسبب تأخر الوقت وعدد المقابلات التي أجراها طوال النهار أم لتذكره عدد المطبات التي مر بها. ويقول إنه يقوم بكثير من الاختبارات «بعضها يصيب وبعضها يخيب، لكني محظوظ لأنه لدي الفرصة، أو بالأحرى الحرية، للقيام بهذه التجارب والمحاولات، بحكم أن ورشات العمل توجد بالطابق العلوي من بوتيك تيفاني الشهير، بفيفث أفينيو بنيويورك». لكن يبقى سؤال مهم وملح على أي متابع لأحوال الموضة وركوب كثير من دور المجوهرات الشهيرة، من «بولغاري» و«كارتييه» إلى «تيفاني أند كو»، الموجة السائدة، وهو: هل تؤثر هذه الإصدارات «المتوسطة» الأسعار على الحلم وعلى صورة الدار؟ والجواب بالنسبة لكراكوف أن الحلم يبقى دائماً موجوداً فيما يتعلق بالمجوهرات الرفيعة المرصعة بالأحجار الكريمة. كما أن صورة دار مثل «تيفاني» يرتبط تاريخها بأغلى ماسة في العالم لا يمكن أن تهتز، لكن في الوقت ذاته لا يمكن الاستكانة إلى أمجاد الماضي، وتجاهل شريحة مهمة أصبح لها صوت وإمكانيات وتطلعات لا بد من تلبيتها. المعادلة بين الاثنين ليست صعبة، حسب رأيه، عندما يأخذ المصمم «بعين الاعتبار أن يكون كل إصدار معبراً عن الحلم، ومصنوعاً بحرفية عالية ومواد ثمينة، أياً كان سعره. ففي هذه الحالة، يبقى معبراً عن الحلم». فسوار بسعر 850 دولاراً مثلاً قد يكون بداية علاقة تدوم مدى الحياة لأن أي فتاة صغيرة ستكبر، وتكبر معها إمكانياتها وذكرياتها المرتبطة بقطعة مجوهرات اقتنتها في مناسبة سعيدة.

مشاركة :