المغرب: ناشطات حقوقيات يسعين لكسر الصمت بشأن العنف الإلكتروني ضد النساء

  • 3/12/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تفضل غالبية النساء ضحايا العنف الإلكتروني في المغرب الصمت خشية تحميلهن مسؤولية ذنب لم يقترفنه، بينما تسعى ناشطات حقوقيات "لكسره" والتوعية بأن آثاره لا تقل خطورة عن أشكال العنف الأخرى ضد النساء. واضطرت لبنى (27 عاما) إلى ترك عملها والانقطاع عن العالم لفترة، مكتئبة بسبب تسريب صور حميمية لها على موقعي "انستغرام" و"فيسبوك"، من طرف خطيبها السابق "انتقاما منها بعد أن رفضت العودة إليه"، كما تتذكر آسفة، لكنها عانت أيضا من "اعتبارها مذنبة" كما يحدث في أغلب حالات العنف ضد النساء، تحت ضغط ثقافة محافظة. وكشفت دراسة حول العنف الإلكتروني، أجرتها منظمة "امرأة" غير الحكومية، أن 70 بالمئة من الضحايا فضلن الصمت وعدم طلب المساعدة. وترجع أسباب ذلك إلى "الخوف من اعتبارهن مخطئات وإلقاء اللوم عليهن"، أو الجهل بالقوانين والإجراءات المتبعة في هذه الحالات بحسب الدراسة التي نشرت في آذار/مارس. وفضلا عن قرصنة وبث صور أو فيديوهات خصوصية انتقاما أو استعمالها في ابتزاز الضحايا ماليا أو جنسيا، يشمل العنف الإلكتروني أيضا التحرش الجنسي عبر وسائط التواصل الاجتماعي. ويمكن أن يصل الأمر أحيانا إلى "بيع الفيديوهات المقرصنة لمواقع إباحية"، بحسب المحامي محمد المالكي المستشار القانوني لجمعية "التحدي للمساواة والمواطنة". وأطلقت هذه الجمعية مؤخرا مبادرة "لنوقف العنف الرقمي" ضد النساء "الذي بات مقلقا لكنه لا يؤخذ بعد بالجدية اللازمة، لكون أغلب الضحايا يفضلن الصمت" كما توضح رئيستها بشرى عبدو."كنت ألوم نفسي" وتطمح هذه المبادرة الأولى من نوعها بالمغرب "إلى كسر هذا الصمت أولا"، مستهدفة التلميذات وربات البيوت في أحياء شعبية بالدار البيضاء، فضلا عن دعم إرشاد الضحايا ودعمهن. وأظهرت معطيات رسمية نشرت العام الماضي أن أكثر من 54 بالمئة من المستجوبات تعرضن لشكل من أشكال العنف، وبينهن 13.4 % عانين من التحرش والشتم والابتزاز والتشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتعتقد المسؤولة في جمعية "إمرأة" سعيدة كوزي أن "معدل انتشار العنف ضد النساء أكبر من هذا المستوى في الواقع، يكفي أن نطرح السؤال على عينة مغلقة من النساء لنتأكد من ذلك". وتبنى المغرب في 2018 قانونا لمكافحة العنف ضد النساء يشدد العقوبات في بعض الحالات، وينص لأول مرة على عقوبة الحبس حتى ثلاثة أعوام في حق من يبث صورا "تمس بالحياة الخاصة للأشخاص أو تشهر بهم". كما يجرم التحرش الجنسي في الفضاءات العمومية والفضاء الافتراضي على السواء. ورغم ذلك لم يخطر على بال لبنى اللجوء إلى القضاء عندما صدمت بنشر صورها، إذ لم تكن تعلم بأن القانون يجرم ذلك، ولا أحد من محيطها شجعها على ذلك. وتوضح "كنت أتخيل أن الجميع شاهد تلك الصور ولم أجرؤ على الخروج للشارع لأيام، كما أن عائلتي لم تدعمني وكنت ألوم نفسي وكأنني أنا المذنبة أو أستحق ما حدث لي". وتؤكد الدراسة التي أجرتها جمعية "إمرأة" في 39 مدينة، أن ردود فعل العائلات "غالبا ما تعاقب الضحية وفي حالات قليلة فقط اتخذت إجراءات ضد المعتدي". ولم تتقدم لبنى بشكوى للقضاء إلا بعدما لجأت لجمعية "التحدي" التي شجعتها على ذلك، ما أسفر عن توقيف الجاني، بيد أنها فضلت في النهاية التنازل عن ملاحقته "تحسبا لكي لا ينتقم منها ثانية بنشر صور أخرى".يوم المرأة العالمي: احتجاجات نسوية عالمية على استمرار حوادث الاغتصاب و التحرش الجنسيالثورة أنثى في لبنان.. نساء يتظاهرن في بيروت ضد التمييز والاغتصاب والتحرش الجنسيشاهد: نساء يتحدين التحرش بناد خاص للدراجات النارية في فنزويلا"الخوف من الملاحقة" ويعد الخوف من التعرض للملاحقة القضائية سببا آخر يمنع النساء ضحايا العنف الإلكتروني لتفضيل الصمت، كما تؤكد ذلك دراسة جمعية "إمرأة". ويرجع الأمر لكون القانون الجنائي يعاقب بالحبس على إقامة علاقة جنسية رضائية بين بالغين غير متزوجين، ويمكن أن تعتبر الصور أو الفيديوهات المقرصنة دليل إدانة. وهذا ما وقع مع ضحية شابة (26 عاما)، تبنت جمعية التحدي قضيتها، بعد أن عانت على مدى أشهر من ابتزاز مالي وجنسي من طرف شخص كانت على علاقة به، مهددا بنشر فيديوهات كان يصورها خلسة. وبعد أن نفذ صبرها بادرت الضحية إلى التقدم بشكوى بالتعرض للاغتصاب، لكن الجاني استطاع إقناع العدالة بأن علاقتهما كانت رضائية، فحكم عليهما معا بالحبس موقوف النفاذ بسبب "الفساد". وتوضح عبدو "وجهناها لرفع شكوى أخرى بالابتزاز المالي والجنسي بواسطة صور خصوصية، إذ لم تكن تعلم بأن هذه جريمة في حد ذاتها". ومهما يكن مآل القضية التي ما تزال بين يدي القضاء فإن "حياة الضحية دمرت" كما تتابع عبدو، فقد طردتها عائلتها واضطرت لترك عملها ومغادرة الدار البيضاء نحو مدينة أخرى. وتورد دراسة جمعية "إمرأة" ثلاث حالات لنساء تعرضن للملاحقة بتهمة "الفساد" رغم أنهن كن ضحايا عنف إلكتروني، مشددة على خطورة آثار هذا النوع من العنف، التي يمكن أن تصل إلى محاولة الانتحار. وتعتبر لبنى نفسها محظوظة لاستفادتها من دعم نفسي مجانا بواسطة جمعية التحدي، قائلة "ساعدني لأقتنع أنني لم أرتكب أي خطأ"، داعية جميع الضحايا إلى "عدم التردد في تقديم شكاوى".

مشاركة :