شعراء وأدباء ثمّنوا الاحتفاء بإرث عوشة السويدي: جائزة «فتاة العرب» ترسيخ لدور المرأة على الساحة الأدبية

  • 3/13/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تجسد الإمارات العربية المتحدة بعداً مختلفاً في تمكين الثقافة والفن والمعرفة، تماماً كما هو تمكين المجتمع بالمرأة، ولذلك ولأن العديد من الجماليات مؤنثة مثل اللغة واللوحة والموسيقى والقصيدة والطبيعة، فإن مفردة الجائزة مؤنثة أيضاً، فكيف إذا كانت باسم شاعرة إماراتية، أطلق عليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، «فتاة العرب». احتفاء بالدورة الأولى من جائزة الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي ـ فتاة العرب، التي أطلقت دورتها الأولى قبل أيام، خلال مؤتمر خاص، حضره خلف أحمد الحبتور مؤسس وراعي الجائزة، والدكتورة رفيعة غباش مؤسسة متحف المرأة رئيسة مجلس أمناء الجائزة، وعبد السلام المرزوقي أمين عام الجائزة، استطلعت «الاتحاد» الآراء حول أهمية الجائزة، ودورها في تنمية المواهب، واتفق الكتّاب والشعراء المشاركون على ضرورتها، التي جاءت في وقتها المناسب، لا سيما وأنها باسم شاعرة عريقة، نحتفي بمئويتها، وإرثها الشعري المختلف، لتكون بشعارها الأول «له قوافي كالصخر ملسا»، مبادرة ثقافية وطنية، خصوصاً وأنها تنطلق ضمن 4 فروع أساسية: تكريم شخصية إماراتية أو خليجية لإسهاماتها الأدبية، جائزة أفضل قصيدة نبطية في مجاراة إحدى قصائد عوشة، جائزة أفضل دراسة أدبية في شعر عوشة، جائزة أفضل إلقاء لإحدى قصائد عوشة. بدايةً، يقول د. سيف المزروعي: هنا يكرم الشعر والأدب والثقافة، عندما تحمل الجائزة ذكرى اسم غال على كل إماراتي وكل خليجي وعربي محب للشعر، تذوق في الماضي عذب الكلمات الشاعرية الإماراتية بما يحمل اسم الشاعرة (فتاة العرب) عوشة السويدي، رحمها الله، من مكانة أدبية سامية نقلت لنا تجربة الماضي إلى حاضرنا وعاصرت قيام دولة الإمارات، وكانت قصائدها تعبر عن الآمال بأجمل المعاني ورونق الصور الخيالية، بما فيها من جمال الروح مع جمال الفكر والتجربة الشعرية الناضجة.. فهي نشأت في بيت أدب وعلم ودين، وما زلنا نتعلم نحن الشعراء من مدرسة (فتاة العرب)، فالشكر للقائمين على الجائزة وتخليد مسيرتها الشعرية بالمسابقة السنوية، لأجل كل الشعراء أن ينتهجوا نهج الشاعرة في تجسيد إبداعات الشعر الإماراتي، ليبقى منارة تضيء شعلتها أفكار الشعراء في الأجيال القادمة. ويقول الشاعر عتيق خلفان الكعبي: الإعلان عن انطلاق جائزة عوشة بنت خليفة السويدي (فتاة العرب) يعد حدثاً متفرداً ومختلفاً في الساحة الأدبية، والشعرية على وجه الخصوص، حيث إن الجائزة ستكون أول جائزة لشاعرة إماراتية لها في وجدان الشعر النبطي قصب السبق، ويخلد مسيرتها وقصائدها التي وشحت الوطن بحروف الفخر والمجد والعز، وقوافيها التي نبضت لها القلوب، وعشقتها العيون، وأعشبت بمعانيها الرمال، ورفرفت لها النوارس، وسجعت لها الحمائم على الأغصان، وطاولت بسمو مفرداتها شموخ النخيل، إن جائزة الشاعرة (عوشة بنت خليفة السويدي) والذين قاموا على تبينها ودعمها وإطلاقها مشكورون، ترسخ في الأذهان لمسيرة شاعرة نبطية قامة شامخة في الشعر، صافحت القمر ولامست الغيم، وكتبت قصائد سارت بها الركبان ورددتها الحناجر. ويضيف الكعبي: ما يميز الجائزة، تعدد فروعها وحقولها التي يستطيع كل محب للأدب والشعر النبطي المشاركة فيها، وهذا الاحتفاء والصدى الكبير الذي حظيت به الجائزة منذ انطلاقها والإعلان عنها، يدل على نجاحها وحضورها وتفردها بين المسابقات الشعرية الأخرى في الساحة الأدبية. ويكفي أن انطلاقها جاء في عام 2020، الذي يتزامن مع مئوية الشاعرة الراحلة والخالدة اسماً ووجداناً في ربوع هذا الوطن الذي حفظ أشعارها وطهارة قصائدها وعلقها على أبواب الحياة. واعتبرت الكاتبة مريم القاسمي، الجائزة ترسيخاً لدور المرأة العربية في الساحة الأدبية عموماً، وفي مجال الشعر خصوصاً، وأكدت: طبعاً نفتخر بجائزة تحمل اسم شاعرة إماراتية أثرت وما زالت تؤثر في مجال الشعر. وتابعت: من وجهة نظري ككاتبة، وأحب الشعر رغم أني لا أكتبه، لكن الشعر بالنسبة لي فرع مهم من فروع الأدب، والجائزة عمادها الأساسي الشعر النبطي الذي تشتهر به منطقة الخليج العربي، كما أني أحب التنوع في الجوائز و الاهتمام في كل فروع الأدب، لأنها تضيف طاقات واكتشافات جديدة. تكريم للشعر النبطي ويقول عبدالله بن فهم الحمودي الزهراني، أحد فرسان الموسم التاسع لشاعر المليون: جائزة عوشة بنت خليفة السويدي (فتاة العرب) رحمها الله، تعتبر تكريماً للشعر النبطي في شبه الجزيرة العربية بوجه عام، وفي الإمارات بشكل خاص، من خلال تكريمها بتسليط الضوء على نتاجها الشعري العظيم، وإطلاق اسمها على الجائزة التي جاءت مع ذكرى رحيلها بعام، فقد رحلت الشاعرة بجسدها وبقيت روحها بيننا تقرأ علينا عيون الشعر في الحكمة والحب والجمال، إن فتاة العرب كما لقبها سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، تميزت بعمق المفردة وقوتها وجزالة المعنى، وفخامة الصور الشعرية في قصائدها التي حملت خصوصية اللهجة، وملامح بيئتها بكبرياء وشموخ المرأة العربية الأصيلة. ويختم الزهراني حديثه قائلاً: الشكر موصول لرجل الأعمال خلف الحبتور راعي المبادرات الإنسانية والأدبية، على إنصافنا جميعا كشعراء وشاعرات ومتذوقين للشعر النبطي، بتكريم فقيدة الشعر والشعراء فتاة العرب. من جانبه، يقول الشاعر محمد نور الدين: إن تأسيس جائزة باسم الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي هو تكريم للشعر الشعبي والتراث والمرأة، وهو أيضاً تعزيز للهوية الإماراتية لما تمثلها هذه القامة من تأثير كبير على الساحة الفكرية في الإمارات لعقود من خلال منتجها الأدبي الثمين، فقد رسخت في إبداعها الشعري قيماً نبيلة ومشاعر إنسانية، واستطاعت الوصول إلى جمهور عريض في المستوى الإقليمي، ولا زالت بصمتها فريدة غير قابلة للتكرار. وأرى أننا بحاجة ماسة إلى هذا الاحتفاء السنوي، من خلال هذه الجائزة وغيرها، كي تستثمر إنجازاتها وتنشأ أجيالنا على الإبداع والأصالة، ولا أظن أن هناك باحثاً في الشعر الإماراتي أو شاعرا ًلم يتأثر بهذه التجربة، وأنا أدين لها بفضل كبير، حيث كانت أولى محاولاتي النقدية قراءة في شعرها، وهذا يدل على تحريكها لقريحة الشعراء وقلم الباحثين والارتقاء بالذائقة الفنية للأفراد والمجتمع. رؤية ثاقبة عبرت الشاعرة مريم النقبي، مسؤولة منتدى شاعرات الإمارات، عن سعادتها قائلة: سعدت كثيراً بإطلاق هذه الجائزة، لارتباطها بشخصية فذة شعراً وحضوراً ومكانة، هذه الجائزة مهمة جداً ولها أهدافها البعيدة ورؤيتها الثاقبة، خصوصاً للأجيال القادمة، للتعريف بالإرث العظيم للشاعرة الراحلة، وتجربتها الشعرية الهامة والمميزة، وأثرها الكبير على المشهد الثقافي والشعري في الإمارات والخليج. واسترسلت: من المهم جداً، أن يطلع الجيل القادم على ما قدمته عوشة بنت خليفة السويدي، وتمسكها بالكتابة واللهجة الإماراتية والبحور الإماراتية الأصيلة. ويقول الشاعر خالد الظنحاني، رئيس جمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية: إطلاق جائزة عوشة بنت خليفة السويدي هو تخليد لذكرى الشاعرة الراحلة «فتاة العرب»، وتكريم لإرثها الشعري، فلقد كان لها الدور البارز في إثراء المشهد الثقافي الشعبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحفاظها على اللون الشعري الإماراتي الأصيل. وتابع: إن الشاعرة عوشة قامة أدبية عالية، وعلامة فارقة في مسيرة الشعر النبطي في الإمارات والخليج، تركت لنا كنزاً ثميناً من الموروث الشعري والأدبي، وله دلالات عميقة الأثر، ومن واجبنا كمؤسسات وأفراد تخليد أسماء الرواد المبدعين، وإبراز أعمالهم الإبداعية في مختلف المجالات الأدبية والفنية والتعريف بها وامتدادها للأجيال القادمة. واختتم: تكمن أهمية الجائزة بكونها منصة أدبية، ستسهم في دعم الطاقات والمواهب الشعرية الجديدة، وتنمية الذائقة الشعرية في الاتجاهين بين المبدع ومتلقي الشعر، فضلاً عن دورها المأمول في دعم جهود الدولة وخططها الاستراتيجية، الرامية إلى الارتقاء بالحركة الثقافية والأنشطة الإبداعية. هوية أصيلة وأكدت الشاعرة حمدة المر المهيري «اختصاصية إعلام»، على أنها جائزة تثلج الصدر وتدفع القلوب والعقول لمزيد من الإبداع، لأنها باسم الشاعرة فتاة العرب الشاعرة الإماراتية الأصيلة التي تغرس جذورها في تراثنا الثقافي، وتمتد باسقة كنخلة تظلل أجيالنا، وتدني قطوفها الجميلة من أغانٍ خالدة وسجالات مع الشخصيات الرفيعة. وتابعت: لذلك أثني على هذه الجائزة، التي بالتأكيد تحفز المواهب الرائعة التي نراها في هذا العصر، المواهب التي نتوسم منها كل خير لتتميز وتتطور في الشعر وصوره ومفرداته، مع مواكبة التراث والمحافظة على الهوية الأصيلة. الشاعر طلال الجنيبي: إطلاق جائزة باسم فتاة العرب، يحمل في طياته رسائل وفاء واعتزاز وتحفيز، وفاء لقيمة أدبية وطنية راسخة، واعتزاز بما قدمته لتجربتها ووطنها، وتحفيز للأجيال القادمة السائرة في طريق العطاء والإبداع، وتكمن أهميتها باسم الشاعرة فتاة العرب، وهذا يعني أنها تربط الإبداع المعاصر بقيم إبداعية عاصرت سنوات تأسيس الوطن، من خلال شخصية الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، التي احتفى بها وطنها في حياتها وازداد احتفاؤه بها بعد رحيلها، وكأن هذا الوطن يقول لكل من قدم ومنح وأعطى: إن الوطن وأهله لا ينسون رموزهم على كافة الأصعدة. نورة الكعبي: إرث شعري حي لدى الأجيال أكدت معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة «أن الشاعرة الراحلة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب» تمتلك تجربة شعرية فريدة، تركت بصمة مؤثرة على القصيدة النبطية، وأوجدت لها مكاناً وحيزاً كبيراً في المحافل الثقافية المحلية والإقليمية، كما أن شعرها يؤرخ لمراحل مهمة من التاريخ الحديث لدولة الإمارات والمنطقة بأكملها، ويشهد على تحولات مجتمعية وأدبية وثقافية». وأضافت نورة الكعبي: «تمثل جائزة عوشة بنت خليفة السويدي تكريماً لسيرتها الأدبية، وإنجازاتها الثقافية الحافلة بالعطاء، وإنتاجها الشعري الذي أضاف قيمة كبيرة للمكتبة العربية. لقد كانت فتاة العرب قامة شعرية، ومثالاً مشرفاً للمرأة الإماراتية، يحق لنا أن نفخر بإرثها الشعري وبما قدمته للأدب الشعبي من خلال هذه الجائزة». وأشارت نورة الكعبي إلى أن الجائزة ستسهم في جعل إرثها الشعري حياً لدى الأجيال الناشئة من خلال اكتشاف مواهب شعرية على الساحة الأدبية المحلية، وستتيح فرصة للموهوبين في المجال الأدبي في صقل مهاراتهم وتطوير قدراتهم ومخزونهم المعرفي، من خلال نظم قصائد شعرية مستوحاة من إرث الراحلة. خلف الحبتور: «فتاة العرب» رمز إماراتي مشرف قال خلف أحمد الحبتور، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، راعي الجائزة: عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب» هي شخصية استثنائية عرفتها عن قرب، وهي حقاً امرأة عظيمة، كم تمنيت أن أجد نساء أخريات يتسمن بخصالها وفصاحتها الشعرية. لذلك أطلقت الجائزة التي تحمل اسمها، تخليداً لإرثها الشعري وتكريماً لمكانتها وموهبتها الشعرية، وترسيخاً لدور المرأة الإماراتية وحضورها المؤثر على الساحة الثقافية والأدبية. أصبحت عوشة بنت خليفة السويدي أيقونة الكلمة والفكر لما تحتويه قصائدها من معانٍ عميقة، مستوحاة من صحراء هذه الأرض المباركة. ويأتي الإعلان عن الجائزة تزامناً مع الذكرى المئوية لمولدها، باعتبارها رمزاً إماراتياً مشرفاً وأيقونة لنساء الوطن. ستساهم الجائزة بتسليط الضوء أكثر على الشعر النبطي الذي تشتهر به منطقتنا (دول مجلس التعاون الخليجي)، وبالأخص قصائد «فتاة العرب» لما تحمله من مفردات وصور لغوية بليغة، حتى أن من يقرأ قصائدها ليعجب من خيالها الخصب الذي تعدى الحدود. أفخر بالشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، رحمها الله، كقامة أدبية ورمز كبير في الشعر النبطي، حيث ُتثري قصائدها الذاكرة الإماراتية والخليجية. رفيعة غباش: إثراء للحراك الثقافي الفكري قالت د. رفيعة غباش، رئيس مجلس أمناء الجائزة، مؤسس متحف المرأة، عن رؤية وأهداف جائزة فتاة العرب: هدفنا أن نساهم في تعزيز الاهتمام بقصائد عوشة، من أجل الحفاظ على هذا الإرث الثقافي، دون تركه محبوساً في إطار ورقي، ويكون ذلك بتفعيل العلاقة بينه وبين ثقافة الأجيال القادمة، بإبقائه حيوياً بشكل أو بآخر. وتابعت: هذا هو الهدف العام، أما الهدف من تدشين مجال التسابق في مجاراة إحدى قصائد عوشة فهو المحافظة على المفردات المحلية الإماراتية، خاصة المستخدمة في الشعر النبطي. أمّا عن فرع الجائزة المخصص لطلبة المدارس، فأكدت: نحن حريصون على أن ينهل الطالب من معين الثقافة، ويشعر بجذوره في قصائد الشاعرة القديرة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب». واختتمت: كما تسهم المشاركة بين الشباب في تعزيز روح التنافسية الوطنية نحو الأكثر أصالة والأجمل، مع إثراء الحراك الثقافي الفكري على أكثر من مستوى. ابتلعت القمر فأضاءت الشمس قصائدها نوف الموسى (دبي) في المكالمة الوحيدة التي جمعت الباحثة الدكتورة رفيعة غباش مع الشاعرة القديرة الراحلة عوشة بنت خليفة السويدي في عام 2006، كانت الأسئلة الأولى، تلك التي نحملها نحن جميعاً، «كيف دخلتِ إلى عالم الشعر؟!»، وسؤال الدكتورة رفيعة هنا ليس المقصد منه، معرفة البداية بمعناها التقليدي والاعتيادي، وذلك لما تملكه الشاعرة في الأساس من مكانة شعرية، تسمح للمتلقي أن يستشف قريحتها ومستوى تمكنها الصافي مع اللغة، ولكنه السؤال الافتتاحي نحو أفق الإمكانية الرفيعة للإنسان في أن يتأمل الحياة بوصفها قصيدة لحظية عابرة كما نتصورها أحياناً، ولكنها متجذرة كما نعتقد في كثير من الأحيان، إذاً فهو سؤال جوهري، كيف تدخل إلى عالم يحمل غموضاً في كيفية تشكيله لنفسه، عبر الوعي الجمالي من قبل الإنسان، ودائماً لا يملك الشاعر إجابات وافيه وواضحة، بل يرجع الأمر كله إلى القصيدة نفسها، تبقى دائماً هي الإجابة الموازية لكل الاستفهامات الحسية، فالجميع يبحث بطريقة وأخرى عن تجربة شعورية متسامية مع ذاته، وجاءت قصائد عوشة بنت خليفة السويدي، تعبيراً متماسكاً حول المكان ومدلولاته غير المتناهية، لذلك لا ينسى أحد أنها الشاعرة التي ابتلعت القمر في حُلمها، وأن قصائدها هي شمسها المضيئة. الشاعرة الإماراتيّة الراحلة، عوشة بنت خليفة السويديّ (1920-2018)، من رواد الشعر النبطي في الإمارات، اختار لها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لقب «فتاة العرب»، بعد تكريمها وتقليدها وسام إمارة الشعر في عالم الشعر الشعبي في عام 1989. يُذكر أن أول من وثق وجمع قصائدها التي نشرت في العديد من الصحف والمجلات والدواوين المسموعة هو الشاعر حمد بن خليفة بو شهاب سنة 1990. في 2011 أصدرت الدكتورة رفيعة عبيد غباش ديوان «عوشة بنت خليفة السويدي.. الأعمال الشعرية الكاملة والسيرة الذاتية»، ومنه بدأت مجدداً استعادة شاملة لسيرة الشاعرة على مستوى مكامن اللغة الشعرية ومقاصد الدلالات المتعلقة بالحراك الثقافي عبر المكان والموروث بأبعاده التاريخية والمعرفية. أطلعت الدكتورة رفيعة غباش، المهتمين بقطاع الشعر في الحراك الثقافي الإماراتي، كيف أن هناك مواجهة مهمة مع فهم المعاني والمقاصد في قصائد (فتاة العرب)، ما تطلب منها أن تتعاون مع مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، لإصدار الموسوعة الصوتية للشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، لتسهيل التناول اليومي للقصيدة، بحضورها المباشر والحيّ بالمكتبة المحلية والعربية، فالإنصات بالنسبة للقصيدة وخاصة النبطية، تعتبر تجربة مهمة، لاستكمال المنجز المعرفي في داخل مخيلة المتلقي، فالشاعرة تتحدث في قصائدها، على سبيل المثال، عن مواسم النخيل، إلى جانب أنواع الـ «مغاصات» اللؤلؤ، أو ما يطلق عليها في الخليج بـ «الهيرات»، وهو ما قدمه الباحث مؤيد الشيباني عبر كتابه: «بحر عوشة.. مغاصات المكان في شعر فتاة العرب الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي»، الذي صدر عن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية. شجاعة تعبيرية «ياشوق هزنيه هوى الشوق.. هزيز غصن تاح الأوراق، كل غرض في الوقت ملحوق.. إلا وصول الصاحب شفاق، قلبي لخزن الحب صندوق.. سيدي وفتح اقفوله إغلاق». يمكننا أن نميز الجرأة والشجاعة التعبيرية، التي تمتعت بها نساء الجيل اللاتي ولدن بين 1920، 1930، وصفتهن الدكتور رفيعة غباش بالمثقفات جداً، وينعكس ذلك كما أوضحت في مضامين مكتبة الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، وتحديداً الكتب المتخصصة في الشعر بأنواعه، ولذلك يلاحظ المتابع حول ما وثقته الدكتورة رفيعة غباش، بأنه دائماً يبحث عن طبيعة شخصية الشاعرة نفسها، لأنها تتحدث عن جيل كامل، في زمنها، وتوثيق تكوينها يقدم تصوراً مختزلاً للحالة الفكرية والحراك النوعي لأناس المكان في تلك الفترة، حتى أن قصة اعتزالها تحتاج بحد ذاتها، بحسب ما أشارت إليه غباش، إلى قراءة متعمقة وفهم لأسباب خروجها من عوالم الشعر في عام 1994، بعد 70 سنة، من كل تلك التجليات الشعرية، والتي اتصلت في النهاية بقصيدتها الشهيرة «الغفران» فيها قالت: «طيبه أرضها قيعان.. طاب منها شذى التربي، غرسها ذكره سبحان.. لا إله سوى ربي، روحها المسك والريحان.. ليس يخطر على قلبي». في زيارة قصيرة إلى متحف المرأة بمدينة دبي، يستطيع الزائر الاستماع إلى قصائد عوشة بنت خليفة السويدي عبر الأجهزة الذكية، ويدرك ما الذي قصده الكاتب والأديب ناصر الظاهري عند حديثه حول «التأمل» كنعمة قبضت عليها الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي، والتي قد تجعلها ربما قادرة على أن تقرأ شيئاً من خلال الفراغات الموجودة في الحياة، وهو تعبير قد يقصد به هذا الاتصال البديع من قبل الشاعرة مع كل شيء في محيطها، صرحت حوله الدكتورة رفيعة غباش أثناء رحلاتها البحثية حول «فتاة العرب»، بأن أهل الشاعرة أطلعوها على مسألة أنها تختلي بنفسها فترات طويلة، وتحب أن تكون لوحدها، مؤكدة أن اختيارها لـ عوشة بنت خليفة السويدي، كونها تمثل ثروة للإمارات، ويجب أن تستثمر فيها إلى أقصى حدٍ ممكن، نحو تعميق معرفتنا بتجربة الشعر في الإمارات. والجدير بالذكر أنه تقديراً للتراث الشعري والمنجز الأدبي للشاعرة، جاء اختيارها للشخصية المحورية لمعرض أبوظبي للكتاب بدورته الـ«29»، إضافة إلى نيلها «جائزة أبوظبي» في دورتها الخامسة عام 2009، لما تمثله تجربتها الشعرية من أرضية جوهرية في مسيرة الشعر النبطي.

مشاركة :