سواء كانت المقاطعة من قبل شركات مثل أورانج أو سودا ستريم، أم كانت أكاديمية أو فنية، فإنها ستتطور من سيئ إلى أسوأ طالما أصرت إسرائيل على برنامجها الاستيطاني، واستمرت في استغلال وسرقة الأراضي الفلسطينية، فعن ماذا يدافعون؟ وما الذي يقاتلون من أجله؟ ومن أجل ماذا يتخندق الإسرائيليون الآن، لماذا كل هذا الهجوم من قبل السياسيين القوميين، وهذا السعار من وسائل الإعلام الشعبية ضد العالم؟ لماذا يغطون الأعلام البرتقالية لشركة أورانج بالعلم الوطني الأزرق والأبيض؟ هل تساءل أي شخص لماذا فعلوا ذلك؟ لماذا بدأت المقاطعة تنخر في عصب إسرائيل الآن؟ وهل يستحق أن نفعل كل ذلك؟ الحديث للكاتب. كالعادة دائماً، هناك الكثير من الأسئلة التي لم يسألها أي شخص منا، ويبدو أن البحث عن الذات بعد كل شيء، هو علامة واضحة على ضعفنا، وهكذا ابتكرنا مبرراً يعفينا من المسؤولية، يتمثل في أن المقاطعة سقطت من السماء، أو جاءت بفعل قوة قاهرة لا مفر لنا منها، وأنها ولدت من رحم الكراهية لإسرائيل، والطريقة الوحيدة للخلاص منها هي محاربة المقاطعة نفسها. لدى إسرائيل دائماً مخزون هائل من الردود الصهيونية الجاهزة (وأحيانا العنيفة)، التي تتحدث دائماً عن المردود وليس عن الأسباب، هذه هي الطريقة التي كانت تتعامل بها مع الإرهاب، وهذا ما أصبحت تتعامل به مع العالم، وهذا ما حمل زعيم حزب العمل الصهيوني يتسحاق هرتسوغ، الذي يضم جميع القوميين المتطرفين الإسرائيليين، لتسمية هذا الوضع باسم مثير للسخرية إرهاب من نوع جديد (في إشارة إلى تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة أورانج ستيفان ريتشارد). لن نستسلم أبداً، هذا شيء طيب، لكننا نحارب المقاطعة، ولم نسأل أنفسنا لماذا ظهرت إلى الوجود؟ إسرائيل تدافع الآن عن الوضع الراهن، وتقاتل ضد العالم كله، للحفاظ على مدرستها المتطورة من الوحشية والقسوة، التي تعلم فيها أجيال من الشباب أساليب الوحشية ضد البشر وكبار السن والأطفال، وارهابهم، والنباح عليهم، وسحقهم، وإذلالهم، فقط لأنهم فلسطينيون. إسرائيل تدافع من أجل استمرار الفصل العنصري في الأراضي المحتلة، التي يعيش فيها شعبان، أحدهما دون أية حقوق. إنها تدافع عن نظام تسويغي بأكمله، هو مزيج من قصص الكتاب المقدس، الإخلاص والتضحية، مصحوباً بالأكاذيب. إنها تدافع عن القدس الموحدة، التي ليست سوى وحش يوجد داخله أيضاً الفصل العنصري. إنها تقاتل عن حقها في تدمير قطاع غزة طالما أنها تهتم بتدميره، والاحتفاظ به على شكل غيتو، تحتل هي فيه منصب السجان لأكبر سجن في العالم. يدافع الإسرائيليون عن حقهم في الاستمرار في الاستيطان واستغلال وسرقة الأراضي؛ ومواصلة انتهاك القانون الدولي الذي يحظر الاستيطان، ومواصلة تحديهم للعالم كله، الذي لا يعترف بأي مستوطنات. إنهم يدافعون الآن عن حقهم في اطلاق النار على الأطفال الذين يرشقون الحجارة، والصيادين الذين لا حول لهم ولا قوة، الساعين للحصول على فتات لقمة العيش في البحر قبالة سواحل غزة، وحقهم في مواصلة انتزاع الناس من فراشهم في منتصف الليل في الضفة الغربية، وحقهم في احتجاز مئات الأشخاص دون محاكمة، واحتجاز السجناء السياسيين، والتنكيل بهم. هذا هو ما يحمونه، وهذا هو ما يقاتلون من أجله، من أجل منطقة لم يتواجد معظمهم فيها لسنوات عدة، ولا يهتمون بما يحدث فيها، من أجل سلوك هو مخجل حتى لبعض منهم. هذه هي الذنوب وهذا هو العقاب. هل منا من يعتقد أن إسرائيل يمكنها الاستمرار دون عقاب؟ ألا تستحق إسرائيل العقاب؟ أيظل العالم متسامحاً معها بشكل لا يصدق، حتى الآن؟ سواء كانت المقاطعة من شركة أورانج أو صودا ستريم، أو مقاطعة أكاديمية أو فنية، فهذه في مجملها عقوبات خفيفة، لكن ستظل العقوبات تتزايد من سيئ إلى أسوأ، طالما لم تعتبر إسرائيل. وخلافاً للمحاولات التي تقوم بها إسرائيل والمؤسسة اليهودية لوصف ما يحدث بأنه معاداة للسامية، فإننا نقول إن الاحتلال هو السبب. كاتب عمود إسرائيلي مناصر للقضية الفلسطينية
مشاركة :