الدوحة -الراية: توقّعت وزارة التخطيط التنموي والإحصاء أن يسجل الاقتصاد القطري نموًّا حقيقيًا هذا العام بنحو 7.3 بالمئة مدعومًا باستمرار النشاط في القطاع غير الهيدروكربونيّ والزيادة في إنتاج المواد الهيدروكربونيّة. إلا أنه توقّع انكماشًا في الدخل الاسمي وتراجعًا في كلّ من فائض الموازنة العامة وفائض الحساب الجاري. ورجح تقرير الآفاق الاقتصادية لدولة قطر 2015-2017 الصادر عن الوزارة أمس أن يتراجع معدل نموّ الناتج المحلي الحقيقي العامين المقبلين مع بداية تباطؤ النشاط في القطاع غير الهيدروكربوني، لكنّ النموّ في الأنشطة غير الهيدروكربونيّة سيعزّز الزخم الاقتصادي العام، وسيكون قطاع الخدمات المساهم الأكبر في النموّ، يليه قطاع البناء والتشييد. ومن المتوقّع أن يعتدل النموّ في القطاع غير الهيدروكربوني نتيجة تركيز الاهتمام على إكمال المشاريع القائمة بدلًا من البدء بمشاريع جديدة، ونتيجة اعتدال النموّ السكاني. وقد نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 6.1 % في عام 2014، لكن الانخفاض في أسعار النفط في النصف الثاني من العام أدى إلى تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي إلى 4.1 %. كما توقّع التقرير ذاته انخفاض معدل التضخم العام الجاري إلى 2 بالمئة بعد التباطؤ السريع الذي حصل خلال الفترة بين يناير وأبريل.. وعزا ذلك إلى تراجع الارتفاع في مكون الإيجار والمرافق والذي كان يقود المؤشر الإجمالي إلى الأعلى. وأشار تقرير وزارة التخطيط التنموي والإحصاء إلى أنه من المتوقع أن يبقى أثر المكون الخارجي للتضخم ضعيفًا، لكنه نبه إلى أنه قد تظهر في عامي 2016 و2017 مصادر خارجية للتضخم فيما لو فقد ارتفاع سعر الدولار زخمه وبدأت أسعار السلع بالارتفاع. وفي تعليقه على التقرير، أوضح سعادة الدكتور صالح بن محمد النابت، وزير التخطيط التنموي والإحصاء، أن الاحتياطات المالية الكبيرة لدولة قطر ستؤمّن حماية واسعة وسيتواصل تنفيذ خطط الإنفاق الرأسمالي الهامة. وأضاف يتوقع التقرير أن يعود الحساب الجاري في ميزان المدفوعات إلى تسجيل فوائض، على الرغم من انخفاض أسعار النفط، حيث إن أسعار التعادل المقدرة للحساب الجاري أدنى من توقعات خط الأساس لأسعار النفط". وأشار إلى أن "انخفاض أسعار النفط واحتمال استمرار تقلبها يؤكّد على أهمية تنفيذ مشاريع إستراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر، لأنها تساعد على تنويع الاقتصاد وحمايته من تذبذب أسعار النفط".. مشيرًا إلى أن "انخفاض أسعار النفط الذي بدأ في يونيو 2014 لم يكن متوقعًا، وترافق الانتعاش الذي لوحظ منذ شهر يناير 2015 بتقلبات كبيرة". وقال إذا استمرّ الوضع على هذه الحال، فإن انخفاض أسعار النفط سيحدّ من الاحتياطيات المالية للحكومة. ويوضح تقرير وزارة التخطيط "أنه على الرغم من الانخفاض الكبير في أسعار النفط وتضاؤل إيرادات الهيدروكربون، فإن من المتوقع أن تحقق الموازنة العامة فائضًا صغيرًا في السنة الميلادية 2015، ولكن إذا استمرت أسعار النفط في انخفاضها، فإن الدخل الاستثماري سيتراجع وقد تبدأ الموازنة العامة بتسجيل العجز عامي 2016 و2017. ويقدّر سعر تعادل النفط للميزان المالي بحدود 86.4 دولار للبرميل عام 2016 و88 دولارًا للبرميل عام 2017". وتشير البيانات الأولية عن السنة المالية 2014 / 2015 إلى أن الفائض الحكومي العام يقدر بحدود 93.9 مليار ريال قطري، أي ما يعادل 12 % من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي المقدر (في الفترة نفسها)، متراجعًا عما كان عليه في نهاية السنة المالية السابقة (14.1 %). ويُتوقع أن ينخفض فائض الحساب الجاري الخارجي في عامي 2015 و 2016، لكنه سيبقى موجبًا. والعوامل الأساسية في الانخفاض هي: تراجع إيرادات القطاع الهيدروكربوني؛ وزيادة المستوردات (نتيجة قوة الطلب الداخلي)؛ وزيادة تحويلات العمال الأجانب إلى الخارج. وقد حققت دولة قطر فائضًا تجاريًا ضخمًا في عام 2014 بلغت نسبته 47.5 % من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، لكنه أقل بقليل مما تحقق عام 2013. وتراجعت الصادرات السلعية بسبب انخفاض أسعار النفط والغاز، وساهم نموّ المستوردات السلعية في إعادة التوازن إلى الفائض. وأدى هذا النمط، إضافة إلى الزيادة المستمرة في المستوردات من الخدمات والتحويلات المالية، إلى انخفاض طفيف في الحساب الجاري ليشكل 25.9 % من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي. وتوقّع تقرير وزارة التخطيط أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي (الكمي)، مقدرًا بأسعار عام 2004 الثابتة، نموًا بمعدل 7.3 % في عام 2015، أيّ بزيادة قدرها 1.2 نقطة مئوية على معدله لعام 2014. وتعزى جُلّ هذه الزيادة إلى الإنتاج الإضافي القادم من حقل برزان للغاز الذي سيدخل مرحلة الإنتاج أواسط هذا العام، حيث يتوقع أن يضيف حقل برزان إلى الإنتاج ما نسبته 21 % من إنتاج الغاز المنقول عبر الأنابيب. ويحافظ القطاع خارج النفط والغاز على زخمه القوي بفضل الإنفاق الاستثماري في البنية التحتية والنمو القوي نسبيًا للسكان في هذا العام. وفي عامي 2016 و2017، يتباطأ النمو الحقيقي ويعتدل ليبلغ 6.6 % و6.0 % على التوالي. ويصل الإنتاج في حقل برزان إلى كامل طاقته، ويستقر إنتاج قطاع النفط والغاز. وعلى الرغم من التوقع بأن يستمر النمو القوي عريض القاعدة للقطاعات خارج النفط والغاز، إلا أنه سيضعف في هاتين السنتين مع وصول الإنفاق الحكومي على البنية التحتية إلى ذروته وتباطؤ وتيرة النمو السكاني. ومن المتوقع أن يكون قطاع البناء والتشييد - الذي يتوقع أن ينمو بمعدل 13.6 % - أسرع القطاعات نموًا عام 2015، وعلى الرغم من استمراره في النمو في عامي 2016 و 2017 ، ستتباطأ وتيرته مع انتقال التركيز على إنجاز الاستثمارات القائمة بدلًا من البدء ببناء أصول جديدة. وتفيد هذه التوقعات أن قطاع الخدمات سيغدو المساهم الأكبر في النمو وتواصل حصته من الناتج الإجمالي ارتفاعها، أما الخدمات المالية والعقارية والنقل والاتصالات وخدمات الأعمال فجميعها سوف تستفيد من مشاريع التطوير العقاري والبنية التحتية. كما يتوقع أن ينمو قطاع التجارة والفندقة بقوة بفضل أنشطة المؤتمرات والنمو في عدد السائحين الوافدين، لاسيما من دول الخليج العربي. قطاع الخدمات وقال تقرير وزارة التخطيط إن الصناعة التحويلية تسجل نموًا تدريجيًا فقط في عام2015، حيث يتوقع أن ينخفض إنتاج المشتقات المكررة مقابل نمو محدود في إنتاج المنتجات النهائية الأخرى (إنتاج الغاز الطبيعي المسال والأسمدة) لأسباب تتعلق بتوفر المواد اللقيمة. لكن في عام 2016، من المرجح أن تحقّق الصناعة التحويلية انتعاشًا في نموها بفضل زيادة إنتاج حقل برزان من المواد اللقيمة التي سترفع إنتاج المشتقات المكررة والأسمدة والمواد الكيماوية الأخرى. ويتوقع أن يحافظ نمو الطلب على الإسمنت والمعادن من مشاريع البناء والبنية التحتية على زخمه في أنشطة الصناعات التحويلية الأخرى. ومن المقرر أن تدخل مصفاة "لفان2" الجديدة لمنتجات التكثيف طور الإنتاج في الربع الأخير من عام 2016 لتشكل الجزء الأكبر من النمو القوي المتوقع في عام 2017. كما ستنتج المصفاة وقود الطائرات النفاثة والنفط الغازي للبيع محليًا، وتصدر مشتقات أخرى بينها الديزل إلى الأسواق الآسيوية. نموّ الناتج المحلي تفيد التوقعات أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية (القيمة الاسمية) سينكمش بنسبة 10.2 % في عام 2015، ما يعبر عن حساسية عامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي في دولة قطر لتذبذبات أسعار النفط والغاز، التي تتحدد في الأسواق العالمية. (تتجه أسعار المنتجات الهيدروكربونية إلى زيادة معدل النمو في الناتج المحلي الاسمي قياسًا بالناتج الحقيقي، بينما يكون لهبوط أسعارها أثر معاكس). وينعكس انخفاض سعر سلة المنتجات الهيدروكربونية (بنسبة 40 % تقريبًا) بشكل مباشر في انخفاض الدخل الناتج من إنتاج المواد اللقيمة وتراجع في الموارد المتدفقة إلى الدولة. وإذا اتخذت أسعار النفط والغاز مسارًا صاعدًا كما هو متوقع في عامي 2016 و 2017، فسوف يعاود الناتج المحلي الاسمي نموّه.
مشاركة :