ما بين "نزاهة" و"الصحة" تستمر الحكاية

  • 10/30/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لعلي لا أضيف جديداً للقارئ عندما أطرح موضوع المرضى الذين تستدعي حالاتهم السفر للعلاج في الخارج، الذين هم ضحايا الانتظار القاتل في معظم الأحيان بسبب تعطيل إصدار قرارت الهيئة الطبية بسبب الروتين العقيم، والتساهل في أرواح المرضى لدرجة انعدام الإنسانية، ولكن الجديد في الموضوع هو استمرار هذا الخلل الذي تعاني منه وزارة الصحة وضحاياه غصت بهم ثلاجات المشافي، ولسنا عن قصة الأخ ماجد الدوسري - رحمه الله - ببعيد، وقد تعالت الأصوات من هنا وهناك منددة ومدينة لهذا الفعل الشنيع الذي تسبب في حرمانه من فرصة السفر لتلقي العلاج اللازم، إلا صوتاً واحداً، حدث كل ما حدث على مرأى ومسمع منه، ولم يحرك ساكناً، أو يفتح تحقيقاً، وهو المعني بمثل هذا التحقيق، ذلك هو صوت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أقولها وبحرقة، للأسف تناست الهيئة في خضم انشغالها بإعلاناتها في الصحف والمجلات والتليفزيون أن مهمتها ليست محصورة في الإعلان وتوعية الجماهير بأضرار الفساد، فغالبيتهم لا يمارسونه وإنما يمارس عليهم، ولذلك فهم على وعي تام بالفساد وأضراره، والهيئة مصرة على تجهيل الناس حيال وعيهم بالفساد، ناهيك عما يصرف على الإعلان ورسائل الجوال، الذي يكفي لعلاج آلاف الحالات الحرجة ممن تنتظر رحمة وزارة الصحة بانعقاد هيئاتها الطبية للسماح لهولاء المواطنين بالسفر لإكمال علاجهم أو البدء به، نعم يكفي لأنه بالملايين. أليس حرياً بنزاهة أن تطبق إستراتيجيتها المكتوبة والملزمة بالتنفيذ بعد ثلاث سنوات من العمل، وبعد أن تكامل لها عقدها الإداري من موظفين ونواب، لماذا هذ الصمت الرهيب أمام فتح ملفات الفساد الإدراي، لماذا يا نزاهة، الأرواح أمامك تزهق يومياً والأصوات ترتفع، وأنت أذن من طين وأذن من عجين، وإذا تكلمنا وهاجمنا ثارت ثائرة نزاهة، وبدأت تدافع عن نفسها، فإلى متى سنظل نتهم بالدليل ونزاهة تدافع بدون دليل؟ ما ذنب المرضى وهم بالقوائم أن ينتظروا بالشهور من أجل انعقاد اجتماع يضم مجموعة من الأطباء يقررون في أمر مقرر سلفاً، فالمستشفى الذي أحال المريض للهيئة الطبية، لو لم ييأس من علاج المريض لما أحاله، وهذه ليست لوغاريتمات بحاجة إلى آلة كاسيو لحلها، الأمر يحتاج فقط إلى ضمير حي وإجراء تحقيق من نزاهة في الموضوع برمته، بعد حصر المتضررين من الانتظار ووضعهم في قوائم، وإصدار قرار يلزم وزارة الصحة بأن آخر مرجع طبي يحال إليه المريض، هو من له الحق في تقرير استحالة علاجه في المملكة، وهو المعني بإنهاء موضوع الحالة خلال أربع وعشرين ساعة لا أكثر، نعم لا أكثر، وصدقوني الموضوع يحتاج لأقل من ذلك بكثير، لأنه بصراحة لا حاجة للجنة تقرر سفر مريض بناءً على تقرير من مستشفى معترف به يفيد بأن هذا المريض بحاجة إلى علاج خارج المملكة، ولأجل إيضاح الأمر بشكل لا لبس فيه، أقول إن ما تتبعه وزارة الصحة من أجل إثبات حاجة مريض للسفر للعلاج خارج المملكة لهو أمر يثير السخرية!! تقولون لماذا؟ فأقول لكم نفرض أن هناك مريضاً راجع مستشفى في منطقة المدينة المنورة، واتضح أنه بحاجة إلى علاج في مدينة الرياض لعدم توفر الإمكانات الطبية، فيحال بموجب تقرير إلى الرياض، ومتى ما قرر المستشفى بالرياض أن حالته تستدعي سفره للخارج، هل تعلمون ما يحصل، يقوم مستشفى الرياض بإعادة المريض إلى المدينة المنورة، ومن ثم المدينة المنورة تستخرج تقريراً طبياً بعد إرساله إلى جدة، ومن ثم يحال من جديد للرياض لتتم الموافقة من قبل الهيئة الطبية على السفر للخارج، وطبعاً لحين إتمام هذا الماراثون الخرافي عليك أن تراجع وتلهث وراء المعاملة أقصد التقرير- قرابة الشهر، ولكم أن تحكموا، أليس هذا يا نزاهة فساد إداري ما بعده فساد؟! هل تعلم نزاهة ووزارة الصحة أنني أكتب هذا المقال، وهناك مواطن انتظر منذ أكثر من شهر لحاجته لزرع كبد خارج المملكة بقرار طبي، ونظراً لتلكؤ الهيئة الطبية في الرياض في إصدر الأمر بذلك، وعدم قدرة أعضائها على التجمع في جلسة لإصدر القرار دخل المواطن في غيبوبة، وهو الآن على جهاز التنفس الصناعي وينزف دماً، وغيره المئات ممن يكابدون العناء ويحتضرون بلا رحمة أو شفقة، وعليه أعتبر هذا المقال بلاغاً على الهواء لـنزاهة للتحقيق في هذا الفساد والعقم الإدراي الذي يستخف بأرواح المواطنين، على مرأى ومسمع من الجميع، ولا بد له من رادع، وأعيد وأكرر للمرة الألف هناك المئات ممن ينتظرون توقيع قلم دخل في غيبوبة كاملة منذ زمن بعيد ويعيش على التنفس الاصطناعي.

مشاركة :