إن كان هناك الكثير من الآراء والاتجاهات بخصوص المسؤولية الاجتماعية، بين مؤيد لها ومعارض لتصوراتها، فإن فكرة الفرص الاجتماعية للشركات التي يطرحها David Grayson؛ مؤلف كتاب Corporate Social Opportunity، هي الحل الوسط لهذا التباين. يذهب David Grayson إلى أن الهدف الأساسي لأي شركة من الشركات هو، وبشكل حصري، السعي إلى الربح، ولا مانع، خلال مسيرة تحقيق الأرباح هذه، أن نؤدي بعض الخدمات للمجتمع، أو للبيئة.. إلخ. لكن الفكرة هنا أن هذه الخدمات لا يتم تقديمها مجانًا، وإنما هي مجموعة من الخدمات التي تُقدم للمجتمع من باب خلفي؛ فإذا كانت هناك أزمة أو مشكلة ما فإن العمل على حل هذه المشكلة الاجتماعية أو البيئية يتطلب تدخلًا من قِبل هذه الشركات حتى تحقق ربحًا ما. اقرأ أيضًا: نظام الأجور.. كيف يكون وسيلة لجذب الكفاءات؟مكاسب من الباب الخلفي إن الدعوة إلى تبني مبادئ ومعايير المسؤولية الاجتماعية هي، كما يشرح David Grayson في كتابه السالف ذكره، دعوة إلى العمل على تحسين أداء الشركات، والأخذ بيدها لكي تنمو، والدفع بها قُدمًا. إنها، إذًا، فكرة من أجل الشركات وليس من أجل المجتمع، لكن اللافت في الفكرة محل الفحص هنا أنه على الرغم من أن الهدف الأساسي هو الربح إلا أن المجتمع، البيئة أو أيًا ما يكن، يحصل على نصيبه من الكعكة، ولا يخرج خالي الوفاض. تلتزم الشركات والمؤسسات التجارية المختلفة بمعايير ومبادئ المسؤولية الاجتماعية وتحاول أن تقدم خدمات لهذا المجتمع أو ذاك؛ ليس من أجل خدمة هذه المجتمعات ذاتها، وإنما لكي تظفر لنفسها بالربح، وأن تجلب أكبر قدر من المكاسب لأصحاب المصالح. اقرأ أيضًا: نجاح التسويق والمبيعات.. 5 طرق تهديك السبيل شركات مستبصرة! إن الفرصة الاجتماعية للشركات التي نحاول الإشارة إليها هنا هي حصيلة سعي شركة ما إلى الاستثمار في الأزمات، ومحاولة تلمّح أفق المشكلات الحالية أو التي من المتوقع حدوثها في المستقبل؛ أملًا في تحقيق الربح. ولنلاحظ هنا أن التدخل من أجل حل مشكلة من المشكلات التي يعاني منها هذا المجتمع أو ذاك ليس مطلوبًا في ذات نفسه، كما يفعل المؤمنون بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، ولا يتم صنع الأزمة من أجل استثمارها وتحقيق الربح من خلالها، وإنما هي محاولة استغلال ظرف راهن _مشكلة على سبيل المثال_ والخروج؛ من خلال معالجتها وتقديم حل لها، بأكبر قدر من الأرباح. اقرأ أيضًا: تصنيف المشروعات الصغيرة.. طوق النجاة من الفقر إن فكرة الفرص الاجتماعية للشركات هي فكرة واقعية إذًا، دون أن تدعي لنفسها شرفًا كبيرًا، ودون أن تنسب لنفسها خدمة المجتمع ورعاية أفراده، كل ما هنالك أنها شركات تحاول تحقيق الربح، وتعظيم مكاسب أصحاب المصالح لديها، أو مالكي الأسهم، ولا تعارض أن تقدم خدمة للمجتمع أو البيئة طالما أن ذلك سيعود عليها بالنفع. اقرأ أيضًا: ثقة العملاء.. كيفية الحصول عليها والاستفادة منها كيفية صنع الفرص: ليست هناك طريقة واحدة ولا منهجًا وحيدًا يمكن من خلاله صنع فرصة اجتماعية لهذه الشركة أو تلك، بيد أن الخيط الناظم لكل المحاولات _التي سنشير إليها بعد قليل_ هي محاولة تقديم حل لمشكلة قائمة بالفعل أو ستظهر في المستقبل القريب. ومن هذه الطرق، على سبيل المثال، تقديم رؤى جديدة حول السوق، كأن نقدّم منتجًا متوافقًا مع ثقافة أفراد هذا السوق أو ذاك. أو أن يتم التعامل/ التعاون مع شركاء غير تقليديين لجعل المشاريع قابلة للتطبيق، ووضع أقدامها على طريق النجاح. ومن البديهي أن بعض الفرص الاجتماعية لا يُكتب لها النجاح؛ فهي، مثلها في ذلك مثل أي استراتيجية أخرى، عُرضة للنجاح والفشل، ومن ثم فشل أي من هذه الفرص وارد بلا شك، دون أن ينفي هذا وجاهة الفكرة في ذات نفسها. اقرأ أيضًا: المراقبة الإدارية.. مقارنة الواقع بالمأمول الاستثمار الأخلاقي.. هل من نمط رأسمالي بديل؟ اقتصاد الكوارث.. من أزمة الكمامات إلى معركة ورق المراحيض!
مشاركة :