«كورونا» يضرب الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين .. صعوبات تعرقل اتفاق المرحلة الأولى

  • 3/17/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

باتت الهدنة التجارية، التي تم التوصل إليها بصعوبة بين الولايات المتحدة والصين، مهددة بعد أن هز وباء فيروس كورونا الاقتصاد العالمي، وجعل من الصعب على بكين الوفاء بالتزاماتها بموجب الهدنة. وبحسب "الفرنسية"، تواجه الولايات المتحدة اضطرابات هائلة بسبب الفيروس، بينما يهدد الخلاف الدبلوماسي بين بكين و واشنطن بعرقلة اتفاق المرحلة الأولى، الذي تحقق بعد أكثر من عام من التوترات المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم. وفي الاتفاق، الذي جرى التوقيع عليه في كانون الثاني (يناير)، وافقت الصين على شراء سلع أمريكية خلال عامين بزيادة بقيمة 200 مليار دولار عن 2017 أي قبل أن تندلع الحرب التجارية، التي أدت إلى فرض رسوم بمليارات الدولارات بين البلدين. إلا أن المخاوف تتصاعد من أنه لا يمكن الوفاء بشروط الاتفاق، نظرا لأن الاقتصاد العالمي مهدد بأن تتخذ الحكومات خطوات جذرية لاحتواء الوباء بما في ذلك فرض الحجر الصحي وحظر السفر وإغلاق الأماكن العامة. وقال ستيف تسانج، رئيس معهد الصين في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن إنه "من المرجح أن يشكل فيروس كورونا عاملا لتشتيت انتباه الحكومتين". وسجلت الأسواق العالمية انخفاضا، وكذلك أسعار النفط، وحذر صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي بأن النمو في 2020 سيكون أقل من معدله العام الماضي (2.9 في المائة) تحت "أي سيناريو"، ولا يعتقد تسانج أن الدولتين ستتمكنان من تحقيق شروط اتفاق المرحلة الأولى. وأدت الموجات الضخمة من إغلاق الشركات إلى إحداث اضطراب في إنفاق المستهلكين والإنتاج، وكذلك في سلاسل الإمداد العالمية، وقالت شركات إن العام الماضي شهد اضطرابات أولا من الحرب الجارية ثم من انتشار فيروس كورونا. وبحسب المدير العام شركة "كينجزهو رويوان التجارية"، فقد استأنفت الشركة استيراد حبوب الصويا من الولايات المتحدة هذا الشهر، إلا أن المبيعات انخفضت 20 في المائة على الأقل، مقارنة بالعام الماضي. وقال إنه غير متأكد من السرعة، التي ستتمكن فيها الشركة من تعزيز أعمالها بعد انتهاء الأزمة الصحية، مضيفا: "لقد تأثرنا بالوباء، والتأثير كان كبيرا"، مشيرا بشكل خاص إلى انخفاض الطلب المحلي، "لا نستطيع التحكم في السوق". وانخفضت صادرات الصين في أول شهرين من هذا العام بسبب فيروس كورونا المستجد، حيث انخفضت 17.2 في المائة، مقارنة بالعام السابق، بينما انخفضت الواردات 4 في المائة. ويعتقد روري جرين، الاقتصادي في شركة "تي.إس.لومبارد" للأبحاث، أن الفيروس يهدد "التزامات الاستيراد للصين على النحو المنصوص عليه في المرحلة الأولى من التجارة". وكانت بكين قد وافقت على شراء مزيد من السلع الزراعية والمأكولات البحرية الأمريكية والسلع المصنعة مثل الطائرات والآلات والصلب ومنتجات الطاقة. وأضاف جرين أن هناك أحكاما "تسمح بتأخير الامتثال، ومن المرجح أن تقبل الدولتان بذلك، بالنظر إلى الطبيعة العالمية لانتشار فيروس كورونا"، مشيرا إلى أنه "لا مجال الآن لأن تحقق الصين أهداف الاستيراد الخاصة بها ضمن الإطار الزمني، الذي حدده نص الاتفاقية". وألحق فيروس كورونا أضرارا بالاقتصاد الأمريكي، حيث فرضت الحكومة قيودا شاملة على القادمين من أوروبا، وسجلت البورصات هبوطا حادا. وتفاقمت التوترات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين أثناء تفشي المرض، وأمرت واشنطن وسائل الإعلام الصينية، التي تديرها الدولة بخفض عدد المواطنين الصينيين العاملين في الولايات المتحدة بعد أن طردت بكين ثلاثة مراسلين من "وول ستريت جورنال". ودار خلاف بين البلدين كذلك حول تفشي الوباء، وحظرت واشنطن وصول القادمين من الصين، ما أثار غضب بكين، وفي الآونة الأخيرة، ألقت واشنطن باللوم على بكين في ظهور المرض، بينما روجت الصين، حيث تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في كانون الأول (ديسمبر)، لنظريات المؤامرة التي تقول إن الولايات المتحدة هي السبب في ظهور الفيروس. ويشكك تسانج في أن أيا من الدولتين قد درس الآثار المترتبة على التدابير المتخذة لمكافحة انتشار الفيروس، وعلى علاقاتهما الثنائية، لكنه ذكر أنه بالنظر إلى الانتخابات الأمريكية المقبلة، من غير المرجح أن يسلط الرئيس دونالد ترمب الضوء على أي فشل من جانب الصين في الوفاء بجميع شروط الصفقة. وبدلا من ذلك، سيستخدم ترمب الاتفاقية لتسجيل نقاط سياسية، لكن الحرب التجارية غذت انعدام الثقة بين المزارعين في كلتا الدولتين ما قد يقوض نجاح الاتفاق. وفي أحدث دراسة أجراها الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي الأمريكي"، قال بعض المزارعين الأمريكيين إن مشتريات الصين من السلع الزراعية "لم تتحقق بعد"، وأعربوا عن مخاوفهم من أن الفيروس سيستخدم كذريعة لعدم تحقيق أهداف تجارية مستقبلية. وترى ليو لينجكسو، المدير العام لشركة التجارة الزراعية "جوانجزو ليانجنيان"، أن أرباحها انخفضت بنسبة الثلث على الأقل خلال تفشي الفيروس، لكنها لا تريد استيراد الذرة وفول الصويا من الولايات المتحدة. وقالت "سنأخذ في الحسبان أولا دولا أخرى كانت أكثر صداقة للصين". وأفادت أربعة مصادر أن الصين أعفت بعض المطاحن من رسوم استيراد فول الصويا الأمريكي، تمشيا مع خطط أعلنتها بكين أواخر فبراير. وواجهت الصين، أكبر مستورد في العالم للبذور الزيتية، صعوبات لاستبدال إمدادات فول الصويا الأمريكية بعدما فرضت رسوما إضافية في السابق بواقع 25 في المائة على الشحنات الأمريكية لتلحق ضررا ماليا بالغا بالشركات المحلية. ويعد فول الصويا أحد أقوى الأسلحة في ترسانة بكين التجارية لأن هبوطا في الصادرات إلى الصين سيضر بولاية أيوا وولايات أمريكية زراعية أخرى تدعم الرئيس دونالد ترمب، وكان فول الصويا أكبر منتج زراعي صدرته الولايات المتحدة إلى الصين العام الماضي بقيمة 12 مليار دولار. وتستهلك الصين نحو 60 في المائة من فول الصويا المتداول في العالم لتغذية قطاع تربية المواشي لديها وهو الأضخم في العالم، وتقوم المصانع بطحن البذور الزيتية لإنتاج مكون رئيس في غذاء الحيوانات. وقال مارك وليامز كبير اقتصاديي آسيا لدى كابيتال إيكونومكس "ببساطة لا توجد كميات كافية في العالم من فول الصويا خارج الولايات المتحدة لسد احتياجات الصين"، ويأتي نصف واردات الصين من البرازيل، بينما شحنت الولايات المتحدة نحو 33 مليون طن إليها، بما يعادل ثلث إجمالي وارداتها. واستبدال تلك الشحنات الأمريكية من فول الصويا لن يكون سهلا، وتزرع الصين نحو 14 مليون طن من فول الصويا، تستخدمها بشكل رئيس في صناعة الأغذية للاستهلاك البشري. ويقول محللون وخبراء وتجار ومشترون في مصانع الأعلاف إن هناك خيارات في الداخل من بينها استغلال احتياطيات الطوارئ الاسترتيجية للحكومة وتغيير مكونات الأعلاف، ويعكف بعض مصنعي الأعلاف بهدوء على وضع خطط طوارئ مثل إيجاد مكونات بديلة.

مشاركة :