باريس- جاءت نتائج الانتخابات المحلية الأولية، التي جرت في فرنسا الأحد، متباينة حيث لم تسفر عن سقوط مدو كان يتوقعه كثيرون لمرشحي الحكومة والرئيس إيمانويل ماكرون. وبالرغم من أن النتائج النهائية لم تصدر بعد، إلا أن النتائج الأولية كانت غير حاسمة ما يعني أنه ستكون هناك جولة ثانية. ولم تتأثر على ما يبدو هذه النتائج بالأزمات التي شهدتها فرنسا في السنوات الأخيرة، التي في مقدمتها حراك السترات الصفراء والحراك ضد إصلاح أنظمة التقاعد، بالرغم من أن مرشحي ماكرون لم يتمكنوا من الفوز في غالبية المدن. وأظهرت التقديرات الأولية في باريس، التي شهدت حملة محمومة جدا، تصدر رئيسة البلدية المنتهية ولايتها والاشتراكية آن هيدالغو بنيلها 30 في المئة من الأصوات، متقدّمة على منافستها اليمينية رشيدة داتي، فيما تأتي مرشّحة حزب ماكرون أنييس بوزين ثالثة. ومن بين أعضاء الحكومة تصدّر رئيس الوزراء إدوار فيليب في لوهافر (غرب)، بينما فاز وزير العمل والحسابات العامة في توركوان (شمال) من الجولة الأولى. وفي ليل (شمال) تتصدر الاشتراكية مارتين أوبري مع 30 في المئة من الأصوات متقدّمة على مرشّحي حزب الخضر وحزب ماكرون. وفاز عدد من مرشّحي اليمين المتطرّف بولاية جديدة من الدورة الأولى على غرار ستيف بريوا في غينان بومون (شمال) ودافيد راشلين في فريجوس (جنوب). إدوار فيليب: نسبة العزوف تشكل دليلا على تزايد القلق لدى الفرنسيين إدوار فيليب: نسبة العزوف تشكل دليلا على تزايد القلق لدى الفرنسيين وتعد نتائج الشعبويين هامة خاصة وأن هذا الاستحقاق تزامن مع انقسامات كبيرة شقت طريق الأحزاب اليمينية خاصة في بعض معاقله على غرار مرسيليا (جنوب شرق). وسيكون على اليسار الآن أن يتصدى لصعود البيئيين في مدن وسطية مثل بوزنسون (شرق) وتور (وسط) وروان (شمال غرب). وأجريت هذه الانتخابات في ظروف استثنائية جدا حيث تأثرت بانتشار وباء كورونا في فرنسا والذي أرغم ماكرون على اتخاذ حزمة من القرارات بهدف كبح جماحه. وكان لهذه القرارات عميق الأثر على نسب الإقبال على صناديق الاقتراع. وعزفت نسبة كبيرة من الناخبين الأحد عن المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات التي رزحت تحت تداعيات انتشار كورونا، وخضع هذا الاستحقاق لإجراءات مشددة. وبعد أن أغلقت أبواب مراكز الاقتراع وبدأت عمليات فرز الأصوات بدا أن المضيّ قدما بإجراء الانتخابات التي دعي إليها نحو 47.7 مليون ناخب لاختيار رؤساء بلدياتهم ومجالسهم البلدية أمر غير واقعيّ، وذلك في أعقاب قرار السلطات وقف الحركة في البلاد على نحو واسع، فيما طغت الأزمة الصحية تماما على الاقتراع. وقدّرت مراكز لاستطلاعات الرأي نسبة العزوف عن المشاركة بين 54 و56 في المئة، علما أن نسبة العزوف في الانتخابات البلدية الأخيرة التي أجريت في العام 2014 بلغت 36.45 في المئة. ومساء الأحد، قال رئيس الوزراء الفرنسي إن “نسبة العزوف تشكل دليلا على تزايد القلق لدى المواطنين”. وقال إنه ستجري استشارة خبراء ومسؤولي الأحزاب مطلع الأسبوع لاتخاذ قرار بشأن إجراء الجولة الثانية من عدمه. وطالب مسؤولو حزب الخضر وأحزاب اليمين المتطرف واليسار المتشدد واليمين بإرجاء الجولة الثانية من الانتخابات. ومن الواضح أنّ الناخبين لم يستجيبوا لدعوة الرئيس الفرنسي الذي كان شدد على أهمية التصويت “في هذه الأوقات” إثر اقتراعه الأحد في مدينة توكيه (شمال). وكانت الحكومة قد أعلنت إغلاق “الأماكن التي تستقبل جمهورا وتعدّ غير أساسية للحياة العامة” على غرار الحانات وصالات السينما والمتاجر غير المخصصة لبيع الأغذية بسبب انتشار الوباء العالمي الذي أسفر عن وفاة 127 شخصا من أصل 5423 مصابا في فرنسا. ومُنعت التجمعات التي تضم أكثر من 100 شخص، وأغلقت الاثنين المؤسسات التعليمية في كافة أرجاء البلاد، وستخفّض حركة النقل بدرجة كبيرة في الأيام المقبلة. كما أعلن وزير العدل أنّ المحاكم أغلقت قاعاتها الاثنين، مع استثناء “القضايا الحيوية”. ورغم ذلك، رأت الحكومة التي أصيب اثنان من أعضائها بالعدوى، أنّه بالإمكان إبقاء الاقتراع في موعده والمضي قدما في إجراء العملية الانتخابية. وجاء العزوف الواسع على خلفية هذه الظروف غير المسبوقة.
مشاركة :