رام الله/القدس 17 مارس 2020 (شينخوا) تتزايد التحديات أمام الفلسطينيين في ظل مواجهة خطر انتشار فيروس (كوفيد-19/كورونا) وما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية وركود تجاري بدأ بالتصاعد. ولجأت السلطة الفلسطينية إلى التحرك لمطالبة إسرائيل بالإفراج عن أموال الضرائب المحتجزة لديها علما أنها تعاني من عجز في موازنتها منذ عدة أعوام. وأعلن وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة أمس (الاثنين)، عن عقد لقاء مع نظيره الإسرائيلي موشيه كحلون لبحث المعطيات التي يواجهها الجانبين في ظل تفشي فيروس كورونا. وطالب بشارة خلال اللقاء بحسب بيان صدر عن وزارته تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه، إسرائيل بالإفراج عن كامل المبالغ المحتجزة منذ العام الماضي كضرورة قصوى في ظل الظروف الراهنة. واعتبر بشارة أن "المبالغ المحتجزة هي حق للشعب الفلسطيني وستساهم في مساعدة الخزينة في تبني الإجراءات الصحية الفضلى لمواجهة هذا التحدي". ولم ينشر البيان مزيدا من المعلومات أو مكان اللقاء، علما أن لقاءات فلسطينية إسرائيلية على مستوى رفيع عقد الأشهر الماضية لبحث الملفات الاقتصادية بين الجانبين، رغم أن مفاوضات السلام بين الجانبين متوقفة منذ منتصف عام 2014. وسبق أن صادق المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر في يناير الماضي على اقتطاع 43 مليون دولار من أموال عائدات الضرائب الفلسطينية كعقاب على دفعها مخصصات شهرية للأسرى وعائلات القتلى الفلسطينيين. وفي فبراير من العام الماضي اقتطعت إسرائيل مبلغ 502 مليون شيقل من عائدات الضرائب الفلسطينية لذات السبب، ما أدى إلى نشوب أزمة مالية اقتصادية للسلطة الفلسطينية استمرت عدة شهور ولا تزال تداعياتها مستمرة. وتستقطع إسرائيل نسبة 3 في المائة من إجمالي قيمة الضرائب التي تحولها إلى السلطة وتقدر بأكثر من مليار دولار سنويا، كما أنها تستقطع منها الديون الفلسطينية مقابل توريد البترول والكهرباء وخدمات أخرى. وكانت الحكومة الفلسطينية عقدت يوم السبت الماضي جلسة طارئة في رام الله، لمناقشة القراءة الثانية الموازنة العامة للعام 2020، في ضوء التداعيات المالية والاقتصادية المحتملة لفيروس كورونا وحالة التباطؤ التي يعيشها الاقتصاد العالمي. وحاولت السلطة الفلسطينية اتخاذ إجراءات للإنعاش الاقتصادي في ظل الركود الذي تسببه مواجهة فيروس كورونا وتداعيات ذلك على مختلف القطاعات ذات الصلة. وأصدرت سلطة النقد الفلسطينية تعليمات للبنوك ومؤسسات الإقراض بتأجيل الأقساط الشهرية لكافة المقترضين للأشهر الأربع القادمة قابلة للتمديد. كما شمل القرار تأجيل الأقساط الشهرية للقروض في قطاع السياحة والفندقة للأشهر الست القادمة قابلة للتمديد وذلك على خلفية الظروف الصحية الطارئة الناتجة عن انتشار فيروس كورونا. ويقول الخبير الاقتصادي من رام الله جعفر صدقة إن قرار سلطة النقد المذكور مهم كونه سيتيح زيادة ضخ سيولة في الأسواق المحلية تتراوح بين 300 إلى 400 مليون دولار شهريا ناتجة عن تأجيل اقساط القروض وغيرها من الحوافز. ويشدد اقتصاديون فلسطينيون لوكالة أنباء ((شينخوا)) على أن الاقتصاد الفلسطيني المتعثر أصلا تنتظره أياما صعبة نتيجة إغلاق المنشآت السياحية وفرض قيود مشددة على التنقل بين المدن. وأعلنت السلطة الفلسطينية منذ الخامس من الشهر الجاري حالة الطوارئ لمدة شهر عقب تسجيل أول إصابات بفيروس كورونا في مدينة بيت لحم، ووصل إجمالي الإصابات في صفوف الفلسطينيين بفيروس كورونا إلى 41 حالة. وبموجب حالة الطوارئ، اتخذت السلطة سلسلة إجراءات احترازية شملت إغلاق الفنادق وإلغاء حجوزات السياح ووقف استقبالهم فضلا عن إغلاق مطاعم وأماكن عامة وهو ما تسبب ببطالة مؤقتة لآلاف العاملين. وتحدث مسئولون محليون عن رصد انخفاض في معدلات الحركة التجارية بنحو 50 في المائة مع تصاعد أزمة انتشار فيروس كورونا وسط تهديدات في قدرة أصحاب المنشآت التجارية على الحفاظ على صمود هذه المنشآت. ويتهدد الاقتصاد الفلسطيني بالأسوأ في حال قررت إسرائيل وقف عمل نحو 200 عامل فلسطيني لديها علما أنه أعلنت حصر دخول العمال في مجالات الصحة والزراعة والتمريض والبناء فقط في هذه المرحلة. وكان وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي صرح بأن العمال في إسرائيل تقدر رواتبهم بما يزيد عن 280 مليون دولار شهريا وهي تحويلات ليس بمقدور الاقتصاد الفلسطيني الاستغناء عنها حاليا. وأكد العسيلي، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أنه "ليس من السهل علينا اتخاذ قرار بمنع العمل في إسرائيل، ولا توجد لدينا نية بهذا الاتجاه". ويعتبر الكاتب من رام الله عبد المجيد سويلم أن استمرار دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل "أصبح يشكل ثغرة كبيرة فيما يتعلق بجهود مواجهة فيروس كورونا ومنع انتشاره". ويقول سويلم "إن أكبر الثغرات التي تهدد الوضع الفلسطيني حالي هم العمال في إسرائيل، وإمكانية انتقال الفيروس إليهم من أماكن العمل فيها، إذ من الصعب، إن لم نقل من المستحيل السيطرة التامة على ثغرة كهذه". ويضيف "الأمر في غاية الصعوبة بالقياس إلى أعداد العاملين والأمر يحتاج إلى تعاون إسرائيلي شفاف للغاية، وإلى تزويدنا بالمعلومات الدقيقة من قبل إسرائيل حول التوزيع الجغرافي للإصابات لديهم، وحول أدق التفاصيل التي تتعلق بهذه الإصابات". وفي هذه الأثناء فإن السلطة الفلسطينية تواجه تحديات تتعلق بضرورة تعزيز كفاءة القطاع الصحي الفلسطيني لمواجهة التعامل مع أزمة فيروس كورونا وما تفرضه من تحديات. وباستثناء مساعدات من قطر والكويت بمبلغ نحو 15 مليون دولار، لم تتلق السلطة الفلسطينية أي مساعدات خارجية حتى الآن فيما يتعلق بدعم القطاع الصحي وتعزيز جهود مواجهة الفيروس. ويعتبر الكاتب عقل أبو قرع أن أزمة فيروس كورونا أظهرت الحاجة الماسة إلى الاستثمار في القطاع الصحي وفي جوانب مختلفة، من حيث التركيز أكثر على التخطيط لاستراتيجيات بعيدة المدى، تعتمد مبدأ الوقاية والتوعية كأولوية للحفاظ على الصحة العامة. ويبرز أبو عقل الحاجة فلسطينيا إلى التركيز على التطور النوعي وليس الكمي وبشكل مستدام في الرعاية الصحية الأساسية، بما يشمل الرعاية الأولية من عيادات ومختبرات وفحوصات وتأمين صحي وتطعيم وتثقيف وتوفر الأدوية والمختصين.
مشاركة :