يبدو أن الأزمة الأوكرانية كانت على لسان الجميع عندما انطلقت فعاليات "سيراويك"، وهو مؤتمر عالمي سنوي للطاقة، في وقت سابق من هذا الأسبوع في هيوستن، أكبر مدينة بولاية تكساس الأمريكية الغنية بالطاقة، وسط اضطرابات النفط العالمية حيث وصلت أسعار النفط الخام إلى مستويات عالية جديدة منذ العاصفة المالية لعام 2008. فقد حذر المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشؤون المناخ جون كيري في كلمته الافتتاحية قائلا "على الناس أن يعيشوا الآن بتكاليف طاقة أعلى لبعض الوقت"، مضيفا أن العقوبات المفروضة على روسيا لها تكاليف. تجدر الإشارة إلى أن روسيا هي ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم بعد المملكة العربية السعودية. وتجاوز سعر خام برنت، الذي يعد معيارا عالميا، لفترة وجيزة 139 دولارا أمريكيا يوم الاثنين وأغلق فوق 123 دولارا. وانتقدت موسكو الحظر الشامل الذي فرضته الولايات المتحدة على جميع واردات النفط الروسية، محذرة من أنه قد يكون له تداعيات عالمية. من الواضح أن "رفض مواردنا سيؤدي إلى تقلبات كبيرة في أسواق الطاقة العالمية. وسيؤثر سلبا على مصالح الشركات والمستهلكين، وخاصة في الولايات المتحدة نفسها"، هكذا ذكر بيان صادر عن السفارة الروسية في واشنطن. وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الاثنين إن روسيا "تفي بكامل التزاماتها" فيما يتعلق بتجارة الطاقة، وإن النفط ومنتجات النفط يتم شحنها إلى الأسواق الأوروبية كما هو مخطط لها. وذكر محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، للصحفيين خلال فعاليات "سيراويك"، إن العالم ليس لديه ما يكفي من الطاقة الإنتاجية للنفط لتحل محل حصة روسيا في صادرات الخام العالمية. ومن جانبه، قال دارين وودز الرئيس التنفيذي لشركة ((إكسون موبيل)) خلال المؤتمر إن "التأثيرات محسوسة في جميع أنحاء العالم، وصناعتنا"، مشيرا إلى أن الأزمة الأوكرانية "تؤكد الحاجة إلى أمن الطاقة العالمي". وذكر وودز "سنشهد أوقاتا عصيبة في المستقبل"، في إشارة إلى الاضطرابات وردود الفعل الدولية بشأن الأزمة الأوكرانية. وفي مواجهة الطلب العالمي المتزايد على النفط، لفت وودز إلى أن إكسون ستزيد إنتاجها إلى أقصى حد، خاصة في حوض بيرميان، الواقع في الجزء الجنوبي الغربي من الولايات المتحدة، مع إدخال تغييرات كبيرة على المعدات. وحث جون هيس، الرئيس التنفيذي لشركة ((هيس))، الحكومة الأمريكية على الإفراج عن المزيد من احتياطيات النفط لتحقيق الاستقرار في سوق الطاقة العالمية وسد الفجوة الهائلة بين العرض والطلب. وقال هيس في حلقة نقاش عقدت يوم الاثنين بعنوان "المشهد التنافسي وتحول الطاقة" إن "الـ60 مليون برميل التي تم الإعلان عنها قليلة جدا"، مشيرا إلى أن الرقم لا يشكل سوى 4 في المائة من المخزونات الاستراتيجية للبلاد. وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أعلنت في وقت سابق أن دولها الأعضاء وافقت على الإفراج عن 60 مليون برميل من النفط من احتياطياتها الطارئة لتخفيف أي نقص في الإمدادات ناجم عن الصراع الروسي الأوكراني. وقال هيس إن الوقت قد حان لأن تفرج الولايات المتحدة عن 120 مليون برميل من الاحتياطيات الاستراتيجية في العالم وتلتزم بالإفراج عن 100 مليون برميل أخرى الشهر المقبل وتعد بالمزيد إذا لزم الأمر، وحث البيت الأبيض على "التحرك بسرعة كبيرة الآن". وفي نفس الإطار، ذكر جاك فوسكو الرئيس التنفيذي لشركة ((تشينيير)) أن أسعار النفط والغاز ترتفع إلى مستويات غير مستدامة، ما سيؤثر على تحول الطاقة. والآن يتم تحويل كل إنتاج شركته من الغاز الطبيعي المسال، والذي يتم "الوصول به إلى الحد الأقصى"، إلى أوروبا، في حين كانت آسيا هي الوجهة الرئيسية قبل الأزمة الأوكرانية. وعند إلقائه نظرة على آفاق سوق الطاقة العالمية، قال فوسكو "أعتقد أن الاضطراب قد بدأ للتو". وذكر دانيال يرجين، نائب رئيس وكالة ((ستاندرد آند بورز جلوبال))، وهو مؤرخ نفطي معروف، عند افتتاح المنتدى الذي يستمر خمسة أيام أن "الاضطرابات على صعيدي الطاقة والاقتصاد يتردد صداها في جميع جنبات الاقتصاد. لم نر أي شيء بهذا البعد منذ السبعينيات". يصادف هذا العام الذكرى الـ40 لتأسيس "سيراويك"، وهو أحد أكبر منتديات الطاقة العالمية وأكثرها تأثيرا، حيث يشارك فيه أكثر من 850 متحدثا وأكثر من 400 مشارك من أكثر من 80 دولة ومنطقة، وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن الجهات المنظمة.
مشاركة :