قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، إن رحلة الإسراء والمعراج لم تكن رحلة معجزة منتهية المفعول، محددة الزمان والمكان، بل مازالت ماثلة أمامنا بما احتوته من أحداث وعبر، كما أنها مازالت منهلا عذبا تستفيد منه الأمة في معالجة قضاياها الراهنة اقتداء بالحبيب المصطفى والرسول المجتبى.وأضاف "جمعة"، خلال منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن معجزة الإسراء والمعراج علم غيب جعله الله شهادة لرسوله ، فكان الغيب مرئيا مشاهدا في عين وبصر النبي، غيب تراه عينه، ويدركه عقله، ويستنير به فهمه، ويستوعبه قلبه، وتعيه مدركاته لتعلم الخلائق جمعاء أنه في أعلى مراتب الإيمان واليقين.وأشار الى أن الرحلة التي قام بها النبي في إسرائه إلى بيت المقدس، ثم معراجه إلى ما فوق السماوات السبع لينتهي به المطاف عند سدرة لينتهي في ساعات محدودة ليعود فيجد فراشه مازال دافئا، كل هذا أمر لم يتكرر مرة أخرى مع بشر، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مدى تميز هذه الحادثة عن بقية التاريخ الإنساني جملة وتفصيلا. وأوضح أنه فيما يتعلق بإسراء النبي يقول الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [الإسراء:1] إنها لحظة لطيفة لا يدركها الإنسان بحواسه، فهي معجزة زمانية ومكانية، وهي منحة إلهية وتسرية ربانية للحبيب المصطفى ، حيث تجلى علم الغيب للرسول المجتبى فأصبح علم شهادة، وذلك في انتقاله اللحظي من مكة إلى بيت المقدس.وتابع: إن معجزة الإسراء والمعراج لا تخضع لقوانين الكون إنما هي استثناء، لأن الذي خلق المكان والزمان، اختصرهما وطواهما لسيد الأنام، كما لا يمكن أن يفسر ذلك وفق قوانين الأرض، فهو خروج جزئي وكلي عن قوانين الأرض ومدارك الإنسان. وهو ما تفرد به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث جمع الله عز وجل له في حادثة واحدة بين هذين الخروجين. ففي الإسراء خروج جزئي وكشف محدد لعالم الغيب أمام الرسول، إذ قد أصبح من الممكن للإنسان في العصر الحالي السفر من الشرق إلى الغرب في وقت قصير , مما يؤكد إعجاز حادث الإسراء في ذلكم العصر.وأشار الى أن معجزة الإسراء هي كشف وتجلية للرسول، عن أمكنة بعيدة في لحظة خاطفة قصيرة ، كل من له علم بالقدرة الإلهية وطبيعة النبوة لا يستغربون من ذلك شيئا , فالقدرة الإلهية لا يقف أمامها شيء وتتساوي أمامها جميع الأشياء والمقدرات , فما اعتماد الإنسان أن يشاهده ويدركه بحواسه البشرية الضعيفة ليس هو الحكم في تقدير الأمور بالقياس أمام القدرة الإلهية , ومن جهة أخرى فإن من خصائص طبيعة النبوة أن تتصل بالملأ الأعلى , وفي هذا الأمر تجليات وفتوحات ربانية يمنحها اللطيف القدير لمن يصطفيه ويختاره من رسله.
مشاركة :