يتواصل سباق حزم الدعم المالي والاقتصادي حول العالم، في محاولة لمجاراة سرعة انتشار فيروس «كورونا»، خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة، فيما بدا أن وول ستريت، بدأت تستجيب للحزم والخطط المعلنة والتي أصبحت تريليونية.وتستمر المفاوضات في واشنطن حول خطة إنعاش يمكن أن تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار، في وقت أكد فيه وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، أن الحكومة الأمريكية «ليست لديها مشكلة في إصدار مزيد من سندات الديون» لوقف الأضرار الاقتصادية التي تسبب بها فيروس «كورونا».ويناقش الكونجرس، ما يمكن أن يكون أكبر خطط طوارئ فيدرالية في تاريخ البلاد، ممكن أن تشمل 500 مليار دولار دفعات مباشرة للأمريكيين، و300 مليار دولار على شكل قروض للشركات الصغيرة، و300 مليار دولار في مستحقات الضرائب المتأخرة.مؤشرات الأسهم الأمريكية، وبعد جلسة دامية للمؤشرات الثلاثة يوم الأربعاء، شهدت انتعاشاً وسط حالة من التردد فبعدما قفز كل من «ستاندرد آند بورز» و«داو جونز» 2% لكل منهما دخلا في حالة تذبذب وما لبثا أن أغلقا على صعود 0.48% للأول و0.95% للثاني، فيما أغلق «ناسداك» على ارتفاع 2.3% وكانت أرباح الجلسة وصلت إلى 3.5%. تريليون يورو وبموازاة التحرك الأمريكي، قام البنك المركزي الأوروبي، بالإعلان عن توسعة برنامجه للحفز المالي إلى 750 مليار يورو (820 مليار دولار) عبر تعزيز برنامج التيسير الكمي الذي أطلقه قبل أيام بقيمة مبدئية 100 مليار يورو، ورفع القيمة الإجمالية للبرنامج إلى 750 مليار يورو، وبذلك ترتفع القيمة المرصودة لمشتريات البنك من السندات في العام الجاري إلى 1.1 تريليون يورو.وعزز البنك آليات طباعة النقود لديه بما يمكنه من طباعة تريليون يورو هذا العام.وفي إجراء مواز قام بنك إنجلترا، يوم الخميس أيضاً، بخفض الفائدة مجدداً 15 نقطة أساس إلى 0.1 %، وأطلق برنامجاً جديداً لشراء سندات، تصل قيمتها إلى 200 مليار جنيه إسترليني. وبقيت الأسهم الأوروبية مرتفعة، في حدود 1%. البورصات الأوروبية واستمرت البورصات الأوروبية في البحث عن توازنها بعد إعلان المركزي الأوروبي الخطة الطارئة، لم تنجح في طمأنة المستثمرين، لكنها أثرت إيجابياً في معدلات فائدة الديون السيادية. فبعدما سجلت تحسناً طفيفاً عند الافتتاح، تراجعت البورصات الأوروبية قبل أن يستعيد عدد منها الثقة، وأغلق مؤشر كاك 30 مرتفعاً 2.7% وداكس الألماني 2% وفوتسي البريطاني 1.4%.في غضون ذلك، أغلقت البورصات الآسيوية الرئيسية على تراجع، ففقد نيكاي الياباني 173 نقطة متراجعاً 1%، مقابل تراجع 0.98% لشنجهاي و2.6% هبوط هانج سينج.وقال مدير الاستثمار في «صندوق إدموند دي روتشيلد» بنيامين ميلمان إن «كل شيء يتغير بسرعة في هذه اللحظة ويمكن أن يحصل أي شيء».وبالنسبة للمستثمرين، تمثل هذه الأزمة الصحية مصدراً للقلق، خاصة أنه لا يزال من الصعب تقييم تداعياتها الاقتصادية بدقة.وتتوالى إجراءات السلطات المالية والضريبية واسعة النطاقوأخرج البنك المركزي الأوروبي «مدفعيته الثقيلة» لإطلاق خطة «طوارئ» بقيمة 750 مليار يورو لشراء الديون العامة والخاصة، في محاولة لاحتواء التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا.وجاء ذلك عقب إعلان مساعدات أولى بقيمة 120 مليار يورو لاحتواء تداعيات المرض وبرنامج معتاد لإعادة شراء أسهم بقيمة 20 مليار يورو يقوم بها البنك المركزي منذ نوفمبر/تشرين الثاني.ويقدر ميلمان، أن التدابير المتخذة لا تسمح فقط بتجنب إعلان إفلاس العديد من الشركات على المدى القصير؛ بل من المنتظر أيضا أن تسرّع التعافي عقب خروج الاقتصاد من الحجر.وفي انتظار نتائج ملموسة، يقول الخبير «سيبقى الشك مرتفعاً جداً، وذلك ما ينعكس في التقييمات الحالية للأصول المالية».وفي حال رفضت الولايات المتحدة وبريطانيا فرض حجر، فإنه «من الصعب توقع متى تنتهي هذه الأزمة الاقتصادية الصحية وتكلفتها». فائدة الاقتراض أثرت هذه الإعلانات في معدلات الاقتراض الأوروبية التي تباطأ ارتفاعها في الأيام الأخيرة جزئياً.ويقول الخبير الاقتصادي لدى شركة «أفيفا أنفاستورز» جوليان رولان «نرى تقلصاً ملحوظاً إلى حد ما» في الفروق على صعيد الفوائد بين ألمانيا، التي يستقر عائدها، والدول الأخرى في منطقة اليورو، لاسيما إيطاليا، التي شهدت انخفاضاً حاداً في سعر الفائدة الخميس، تماماً مثل إسبانيا وفرنسا وإن إلى حد أقل.ويقدر رولان، أن «دول الأطراف (أكثر الدول هشاشة في منطقة اليورو) هي التي ستستفيد أكثر من غيرها من مشتريات البنك المركزي الأوروبي في الأسابيع المقبلة، وهو ما يفسر رد الفعل» المتصل بمعدلات الفائدة.لكن، قال من جانبه كريستوفر ديمبيك، رئيس البحوث الاقتصادية في «ساكسو بنك»، «ما عدا بالنسبة للديون السيادية الإيطالية؛ حيث كان لخطة البنك المركزي الأوروبي دور، فمن الواضح أن الأسواق الأوروبية لدينا إنما تعكس ببساطة المخاوف الأمريكية»، لاسيما تلك المتصلة بسوق الديون الخاصة التي تقع تحت ضغوط في الولايات المتحدة.من جهته، يقول الخبير الاقتصادي أنطوان لوسني إنه بينما تتم متابعة مدى فاعلية الإجراءات المتخذة «تبقى السوق خاضعة لتطور الفيروس وعدد الإصابات به ولأي إشارة إيجابية على انعكاس منحنى الإصابات والوفيات».ويضيف: «من المؤكد أن أي إعلان عن وجود أمل في العلاج (لقاح أو دواء) سيؤدي إلى ارتفاع الأسهم».
مشاركة :