احتفل العالم، في منتصف شهر مارس (آذار) الحالي 2020. بيوم النوم العالمي الثالث عشر في تقليد بدأته الرابطة العالمية للنوم عام 2008 وكان شعار هذا العام «نوم أفضل، حياة أفضل، كوكب أفضل Better Sleep، Better Life، Better Planet». - نوم صحي> نوم أفضل. تقول البروفسورة فانغ هان الاستشارية بمركز النوم بمستشفى الشعب بجامعة بكين، الصين: يوم النوم العالمي هو فرصة للوعي والنوم بانتظام والنوم الكافي وعلاج اضطرابات النوم، والنوم مهم لصحة الفرد الإدراكية. يمكن أن يعيد النوم وظائف الدماغ من جوانب عديدة، مثل التعلم والذاكرة والمزاج. وقد تتسبب اضطرابات النوم في ضعف إمداد الشخص بالأكسجين، أو تعكير صفو جهاز المناعة، أو تلف بنية الدماغ.> حياة أفضل. يقترح البروفسور فيليس سي زي، أستاذ علم الأعصاب ومدير مركز طب النوم في كلية الطب بجامعة نورث وسترن فاينبرغ الأميركية، أن «الإجراءات التي يمكننا اتخاذها من أجل حياة أفضل تشمل إعطاء الأولوية للنوم مع ممارسة الرياضة والتغذية، والحفاظ على النوم المنتظم ووقت الاستيقاظ، بمتوسط 7 - 9 ساعات من النوم ومناقشة النوم مع الطبيب في حالة وجود اضطراب مزمن في النوم كما وإن النوم يعزز القدرة على إزالة الفضلات من الدماغ - والتي يمكن أن تضر بوظائف الدماغ». وعلى مدى العقد الماضي، كان هناك تقدم كبير في فهمنا للآليات العصبية، وربط العلاقة بين النوم والصحة المعرفية. وتشير الدلائل المتزايدة إلى أن النوم عملية نشطة يتم فيها دمج الذكريات المشفرة مؤخراً ونقلها للتخزين على المدى الطويل.> كوكب أفضل. تقول الدكتورة ليبوريو بارينو رئيس لجنة يوم النوم العالمي «إذا أردنا حقاً المساهمة في بقاء كوكبنا صحيا، فمن الحكمة أن نمدد فترة وقت نومنا ولهذا السبب يربط شعار يوم النوم العالمي هذا العام النوم الجيد بتحسين صحة الكوكب». وتعني زيادة فترات النوم استهلاكاً أقل للوقود والكهرباء والطعام والأكسجين (حيث يتم تخفيف التنفس أثناء النوم). كما أن النوم الأفضل جودة يقلل أيضاً من خطر الحوادث المرتبطة بالعمالة وحوادث الطرق، ويعزز إفراز الميلاتونين ويحمي الساعة البيولوجية الطبيعية، والتي يمكن أن تمنع الشيخوخة المبكرة عند البشر. وتضيف الدكتورة بارينو: «إن تمديد فترة نومنا يحسن أيضاً من أدائنا العقلي والجسدي خلال النهار، كما يعزز تجربة الحلم لدينا، حيث تتركز مراحل حركة العين السريعة غالباً في الجزء الأخير من النوم، والذي غالباً ما يتم تقليصه بسبب القواعد الملحة للحياة الحديثة». - صحة جسدية وعقليةتحدث إلى «صحتك» أ.د. سراج عمر ولي استشاري أمراض الصدر وطب النوم مدير مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز – موضحا أن مركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز، كعادته السنوية منذ 2014. يشارك في هذا اليوم التوعوي ولكن في هذا العام وكإجراء وقائي بسبب تفشي وباء كوفيد - 19 تم تأجيل الفعالية حتى إشعار آخر. وأكد على أن النوم الصحي ذا الجودة العالية يشعر المرء بالراحة ويعيد للبدن حيويته وللذهن نشاطه وهو كغيره من النعم لا يدرك المرء أهميته إلا إذا حرم منه ولو لليلة واحدة.وأوضح أن إحياء هذا اليوم على المستوى العالمي يهدف إلى توعية المجتمعات بالنوم الصحي واضطرابات النوم ومعرفة سبل تشخيصها وعلاجها وإلى مشاركة المتخصصين في هذا المجال لتبادل الخبرات والاطلاع على أحدث ما توصلت إليه الدراسات والأبحاث في هذا المجال.وأضاف البروفسور سراج ولي أن الحياة الطبيعية للإنسان تقتضي أن يقضي ما يقارب ثلث حياته نائماً، إلا أنّ معظم الناس لا يعرفون الكثير عن النوم، فيظنّون أنّ وظائف الجسم الجسدية والعقلية تتوقف خلال النوم، وهذا اعتقاد خاطئ فقد أثبتت الكثير من الدراسات والأبحاث أنّه خلال فترة النوم تحدث الكثير من الأنشطة المعقّدة، لا بل تكون بعض الوظائف أنشط وأكثر فعاليّة من فترة اليقظة.إن معدل النوم اليومي الطبيعي يتفاوت من شخص لآخر، فهو يتراوح بين سبع إلى ثمان ساعات في الليلة الواحدة وقد يزيد أو ينقص بمعدل ساعة أو ساعتين. وبالتالي فإن النوم الطبيعي عند البعض قد يصل إلى تسع ساعات في حين أنه قد يقتصر عند البعض الآخر على ست ساعات فقط. ويتحكم في ذلك عوامل عدة أهمها الفئة العمرية، فالإنسان البالغ يحتاج إلى معدل 7 إلى 8 ساعات من النوم في اليوم والليلة، بينما يحتاج الطفل الرضيع إلى حوالي ست عشرة ساعة ويقل إلى حوالي خمس إلى ست ساعات عند كبار السن. ومن العوامل الأخرى التي تؤثر على عدد ساعات النوم أيضا عدد ساعات الاستيقاظ، فبقدر ساعات الاستيقاظ التي تزداد مع مرور الوقت تزداد حاجة الإنسان للنوم، وكذلك دورة الساعة الحيوية للجسم والتي تخضع لدورة الشمس والقمر ولذا يشعر الإنسان بالنعاس ليلا وذلك تبعا لإفراز هرمون (ميلاتونين) الذي يبلغ ذروته في النصف الثاني من الليل وينخفض بدرجة كبيرة لدى طلوع الشمس حيث يكون الإنسان في أوج نشاطه.في بداية النوم ينتقل الإنسان تدريجيا من حالة اليقظة التامة إلى حالة النوم، وتسمى هذه الفترة الانتقالية بين اليقظة والنوم بفترة النعاس التي تتفاوت مدتها من شخص لآخر ومن ليلة لأخرى، وغالبا ما يتخللها العديد من الأفكار والخواطر المتفرقة في حين تسكن فيه حركة الجسم وتبدأ العضلات في الارتخاء ويعقب فترة النعاس هذه حالة النوم الفعلية. - مشاكل النوم> أقسام النوم. كما تحدث إلى «صحتك» الدكتور إبراهيم أحمد زكريا اختصاصي طب النوم – وقسم النوم إلى نوعين: الأول هو النوم غير الحالم وهو الأطول ويشكل حوالي 80 - 85 في المائة من النوم كله وفيه يتعرض الجسم إلى إفراز هرمون النمو الذي يعمل على استمرار واكتمال النوم العضوي والعقلي لدى الأطفال والمراهقين، وتجديد الخلايا الميتة، وإصلاح عطب الأعضاء المختلفة وإعادة ضبط وظائفها للشعور بالنشاط والحيوية خلال فترة الاستيقاظ نهارا. أما النوع الثاني فهو النوم الحالم وهو الأقصر ويشكل حوالي 15 - 20 في المائة من النوم كله، ويتم فيه التعامل مع المشاعر الإنسانية والذكريات غير المرغوب فيها، ويعمل على دعم الذاكرة وحفظ المعلومات المهمة واسترجاعها عند الحاجة ودعم نظام مناعة الجسم ضد العدوى. ويأتي النوم بصورة عامة على شكل دورات يتراوح عددها من أربع إلى ست دورات حسب طول فترة النوم أو قصرها وتعقب كل دورة من النوم غير الحالم فترة من النوم الحالم.> مشاكل النوم. يقول الدكتور إبراهيم زكريا إن مشاكل النوم المتفاقمة في الليل والنعاس الشديد في النهار ليست حالة طبيعية إطلاقا، فقد أثبتت الدراسات العلمية الموثقة أهمية النوم السليم للصحة، وارتفاع خطر الإصابة باضطرابات عضوية وأمراض مزمنة خطيرة جراء الحرمان المزمن من عدد ساعات النوم المطلوبة وانتشار ثقافة السهر، واختلال ساعات النوم والاستيقاظ فضلا عن تواتر بعض الدراسات التي ربطت طول السهر وقلة النوم بزيادة نسبة الوفيات وتلك التي ربطت فرط النوم وزيادة النعاس أثناء النهار باحتمال الوفاة المبكرة. وفي المقابل يتمتع معظم الأشخاص أصحاب النوم السليم وأوقات النوم والاستيقاظ المنتظمة، بصحة بدنية ونفسية أفضل من غيرهم، ويتحصلون بشكل عام على درجات علمية وأكاديمية أعلى نتيجة انعكاس فوائد نومهم الجيد على أمزجتهم ونفسياتهم وسلوكياتهم.ولا تقتصر أهمية النوم على تأثيره على الشعور بالتعب أو القدرة على التركيز فحسب، بل قد يتعدى ذلك، فقد أثبتت دراسات كثيرة سابقة أهمية النوم للوقاية من عدة أمراض كألزهايمر، والاكتئاب، وأهمية الحصول على ساعات كافية من النوم لتجنب الإصابة بأمراض القلب والشرايين.> الحرمان من النوم. ولفسيولوجية النوم واليقظة لدى الإنسان دور في تنظيم وظائف جهازه المناعي، فهنالك دراسات عديدة تثبت العلاقة بين النوم والجهاز المناعي وأثر الحرمان من النوم على الجهاز المناعي وقد خلصت في مجملها إلى أن الحرمان من النوم يضعف الجهاز المناعي، ويساعد على العدوى بالبكتريا والفيروسات المختلفة، حيث يقل عدد الخلايا المسؤولة عن إفراز الأجسام المضادة للمخلوقات الغريبة التي تحاول أن تغزوا الجسم، وكذلك الخلايا القاتلة الطبيعية وهي الخلايا المسؤولة عن التصدي للفيروسات والخلايا السرطانية، بالإضافة إلى نقص الخلايا الأكولة، مما يجعلنا أكثر عرضة للعدوى دون وجود المقاومة الكافية.ويؤكد الدكتور إبراهيم زكريا أنه لقد بات من المعروف أن الحصول على قسط كاف من النوم يومياً أمر ضروري لتزويد الجسم بالطاقة والنشاط وتحسين قدرة الاستيعاب، وبالتالي إنجاز الأعمال اليومية بشكل جيد. إذ يساعد النوم أيضاً على الاسترخاء، والتقليل من الضغط النفسي والتوتر، وتحسين الذاكرة، وبالتالي يُساعد على اتخاذ القرارات المصيرية ويُعزز قوة الدماغ. فالنوم لساعات كافية يعزز جهاز المناعة، ويكافح الجراثيم لا سيما في هذه الأيام التي تشهد انتشارا عالميا لفيروس كورونا المستجد (COVID - 19) مما يجعل الحاجة لنوم صحي كاف أمرا ملحا لاكتساب مناعة جيدة وبالتالي مقاومة هذا الفيروس وغيره. - استشاري طب المجتمع
مشاركة :