ضحكتها كانت كطفلة صغيرة، قلبها يسع كل الدنيا، ظهورها على المسرح كان يشع بهجة وخفة ظل ممزوج بصوت جبلي قوي مليء بالعذوبة والطرب الأصيل، إنها الأسطورة شحرورة الوادي الصبوحة أيقونة الغناء العربي التي عاشت حياة حافلة من الفن تمثيلاً وغناءً وزواجاً ومواقف حياتية ووطنية، تضحك وتبكي وتفرح وتحب. ظلت صباح طيلة حياتها الفنية التي تقدر بسبعين عاماً كالشمس المشرقة تشع بنورها في أي مكان تتواجد فيه، وظلت صباح تحتفظ بنجوميتها في الغناء والتمثيل حتى رحلت عن عالمنا العام 2014 وحتى بعد الرحيل ظل صوت صباح كلما سمعناه يشع بهجة وحباً في قلوبنا. «سيدتي» ألقت الضوء على هذا الجانب من خلال حوارنا مع المطربة جانو فغالي ابنة أخت صباح الصغرى نجاة، والتي روت لنا تفاصيل عن طفولة خالتها وارتباطها بشقيقاتها والذكريات التي جمعت بين صباح وشقيقاتها في البيت الذي عِشْنَ فيه معاً. حكت لنا جانو أيضاً عن أزواج صباح وعلاقتها بفريد الأطرش ووردة الجزائرية وحقيقة خلافاتها مع فايزة أحمد والمرأة التي ساعدتها مالياً؛ لكي تحج، وهل كانت تغضب من الشائعات ولماذا طلبت الطلاق من رشدي أباظة، ولماذا أحبت الإعلامي أحمد فراج، وكيف كانت تعيش هويدا ابنة صباح الوحيدة الآن، وأسرار جديدة تبوح بها جانو فغالي وتخص بها «سيدتي». «كلنا نشبه بعض»، وخالتي صباح علمتنا حب الحب وحب الناس، الصبوحة كانت تحب الحياة بكل معانيها الحلوة، مازلت أتذكر يوم الرحيل والجنازة وكم كان يوماً قاسياً وموحشاً، لكنه أظهر حب الناس الشديد، شعرت بأن لبنان كله يبكي على فراق الصبوحة، جمهورها كان يودعها من شرفات المنازل بالدموع والورود، أوصتنا بأن نفرح ونضحك ونرقص ولا نبكي على فراقها، الصبوحة كانت كثيراً ما تبكي بسبب ضغوط تتعرض لها في الحياة، وفور أن تظهر على المسرح وتشاهد الجمهور وتبدأ في الغناء حتى تتحول إلى إنسانة أخرى، قلبها كان مملوءاً بحب كل الناس ولم تكره أحداً، كانت متسامحة وتنسى الإساءة. بالفعل أوصت خالتي بأن تكون جنازتها مثل زفة العروس؛ لأنها كانت تقول سأذهب إلى رب العالمين، أحلى مكان بالنسبة لي، كانت مؤمنة جداً ورحلت في يدها سبحة نحن مسيحيون نصلي أيضاً بسبحة مثل إخوتنا المسلمين، طول عمرنا كما علمتنا الصبوحة نحترم الأديان، فأنا زوجي مصري مسلم. وأتذكر خالتي كانت معجبة جداً بالإعلامي أحمد فراج عندما تزوجته؛ لأنه متدين يصلي كل فرض. وكانت تحب الرجل المنضبط المتدين، وعندما بدأ في تقديم «نور على نور» البرنامج الديني الأشهر في تاريخ التليفزيون المصري، طلب أحمد فراج من خالتي الصبوحة أن تترك الفن لكنها رفضت باعتبارها مسؤولة عن عائلة، واتفقا على الطلاق لكنهما ظلا يحملان كل حب وتقدير واحترام لبعضهما. لا أنسى أبداً ما شاهدته من شعب لبنان فنانين وسياسيين على ما فعلوه يوم جنازة الصبوحة وخروج الجيش اللبناني عن بروتوكولاته وعزفه موسيقى وأغاني الصبوحة، لا أنسى إخلاص ووفاء الفنانين المصريين عندما حضروا جنازة وعزاء الصبوحة في لبنان، فقد تركت حبها في قلوب كل من عرفها واقترب منها. هذه عاداتنا وتقاليدنا وكل واحد حر، ويجب على الآخرين احترام تقاليدنا وعاداتنا، كانت الصبوحة مثل العروس «اللي بتتوفى ويرقصوا بالتابوت الخاص بها»، ولأن الصبوحة كانت عروساً في يوم زفافها وكانت وصيتها أن نفرح ونغني ونرقص. مدير أعمالها المصري مصطفى يحيى الذي يتواصل معنا هاتفياً، أو عندما يزور لبنان، وفي كل مرة يأتي فيها لبنان يذهب لزيارة قبر الصبوحة ومخلص لها جداً لدرجة أنه يعلق صورتها في ركن خاص في منزله بمصر. شخصية أخرى في حياة الصبوحة تحمل لها كل الوفاء والإخلاص «جوزيف غريب ونسميه جوزيف قريب»، وهو ماكيير ومزين الشعر للصبوحة في آخر عشرين عاماً في حياتها، وكان أخاً عزيزاً جداً لنا، وبقي مع خالتي لا يتركها حتى آخر يوم في حياتها وإلى الآن لا يزال على اتصال بنا. نبيلة عبيد ولبلبة ونيللي والراحلة مديحة يسري، أما الجيل القديم فكان أحمد رمزي وفاتن حمامة وعمر الشريف وفريد الأطرش ومحمد عبدالوهاب وعبد الحليم ووردة الجزائرية وكثيرين. خالتي صباح منذ طفولتها كانت تحب الفن والغناء، وتحب أن ترتدي ملابس جديدة ومختلفة، ودائماً كانت تسعى لتفصيل ملابس طبقاً للتصميمات التي كانت تراها في المجلات العالمية، ودائماً كانت تقول لوالدتها إنها ستكون فنانة مشهورة وكانوا يضحكون ولم يتخيلوا أبداً أنها ترى مستقبلها الحقيقي. جدي وجدتي كانا مؤمنين بموهبة خالتي وشجعاها على حب الغناء، عائلة صباح كانت مكونة من خمس بنات، خالتي الكبيرة لمياء كانت ممثلة مشهورة في لبنان، وابنتها تعمل مخرجة وصباح وسعاد ونجاة، وكان لهن أخت خامسة ماتت في سن 12 سنة اسمها جولييت، أما الذكور فهم أنطوان شقيق من الأب والأم، ولهن أخ توفي في عمر العامين اسمه سيمون، ولنا خال اسمه روجيه أخو صباح من الأب، ويعتبر أصغر فرد في العائلة ولا يزال على قيد الحياة، ويعمل محامياً وشاعراً في آن واحد. العائلة معظمها فنانون وجدتي كان صوتها جميلاً جداً، وأمي أيضاً كان صوتها رائعاً، وقد احترفت الغناء مع الأخوين رحباني لكنها تركته بعدما أنجبتني لتتفرغ لي، وأنا مطربة معتمدة من الإذاعة المصرية. عندما بلغت خالتي سن الخامسة عشرة باع جدي كل ما يملك في لبنان؛ لكي يحقق حلم الصبوحة، وجاءوا إلى مصر ودخلت امتحان اعتمادها مطربة في الإذاعة، ولكن كانت الصدمة بالنسبة لها عندما رفضها فريد الأطرش الذي كان أحد أعضاء اللجنة، وقال لها إن صوتها لا يصلح، وظلت خالتي فترة تعمل وتغني، ولم تكن معتمدة كمطربة حتى تم اعتمادها لكنها لم تنسَ أبداً هذا الموقف لفريد الأطرش، وبعد اعتمادها كمطربة بدأت الأفلام تعرض عليها، ومرت الأيام وعرض عليها فيلم «بلبل أفندي» مع فريد الأطرش لكنها أصرت أن يوضع اسمها قبله ومن هذا اليوم بدأت الصداقة بينهما، واستمرت حتى رحيل فريد الأطرش في منتصف السبعينيات. من ضمن ما حكوا لي أنه في يوم ولادتي، كانت خالتي تحيي حفلة، وكان طبيب أمي من ضمن الحضور هو وفريد الأطرش، فلما أخبروا خالتي بمخاض أمي لم تستطع أن تغادر الحفلة، فطلبت من الطبيب أن يذهب إلى المنزل فذهب مسرعاً، ومعه فريد الأطرش الذي أصر أن يظل مع خالاتي وأمي حتى انتهت صباح من الحفل، وبالفعل بعد الحفل وصلت صباح فوجدت فريد الأطرش بصحبة خالاتي. من الذكريات أيضاً أن خالتي صباح كانت جارة فريد الأطرش، وكان يغني لها كل الألحان من النافذة لكي تسمعها وتقول رأيها فيها، وأتذكر أنه غنى لها أغنية «حبيبة أمها» من النافذة. كانت صداقة ليس أكثر بدأت منذ فيلم «شارع الحب»، وكانا دائماً ما يشتركان في حفل «أضواء المدينة»، وكثيراً ما كانت تدعو عبد الحليم وفريد الأطرش وآخرين على العشاء في منزلنا في لبنان، والذي كان يجمع كل عائلتنا. وكانت الصبوحة تحب أكلات أمي فقد كانت تستطيع أن تطهو أصناف أكلات مختلفة لأكثر من سبعين شخصاً. جمعتنا خالتي صباح في منزل واحد، وكانت كل واحدة من شقيقاتها تسكن في شقة، كانت الصبوحة تحب دفء العائلة وكأنها الأم لخالتي سعاد وأمي نجاة منذ رحلت جدتي؛ حيث كانت أمي في سن الحادية عشرة وخالتي سعاد في سن الثانية عشرة. وبعد انفصال خالتي سعاد وأمي عن زوجيهما أقمنا جميعاً مع الصبوحة في هذا البيت، وألحقتنا خالتي بأفضل المدارس، وكانت تحضر لنا أنا وابنة خالتي كثيراً من الهدايا والملابس «الشيك» (أنيقة) المليئة بالذوق والجمال، وكانت هويدا أختاً لنا، وبالفعل قضينا أجمل أيام حياتنا في بيت الصبوحة، وأتذكر أن بيتنا كان مليئاً بالزوار أمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب وزوجته السيدة نهلة القدسي وعبد الحليم حافظ وسمير صبري ومديحة يسري ووردة الجزائرية. أشيع أن هناك خلافات بين خالتي صباح والمطربة فايزة أحمد، لكنها كانت مجرد شائعات وبالعكس كانت علاقتهما جيدة جداً، وأتذكر عندما مرضت فايزة أحمد كانت خالتي تذهب لها دائماً لزيارتها وتصر على إطعامها بيديها. أما وردة الجزائرية فكانت صديقة غالية جداً عند خالتي، وكانت دائماً تزورنا في لبنان وتمزح مع خالتي وتقول لها «سلفيني» (أعيريني) أختك نجاة؛ لأن أمي كانت خفيفة الظل وكانت طباخة ماهرة، وعندما أجرت المطربة وردة عمليات جراحية في القلب كانت خالتي معها دائماً في هذه اللحظات. بعد وفاة وديع الصافي دخلت الصبوحة في حالة من الحزن والاكتئاب؛ لأن الأستاذ وديع كان على صداقة عائلية بأسرتنا وكان أخاً وصديقاً وأباً للصبوحة، وأخفينا عليها خبر وفاته، وبعد علمها بذلك دخلت مرحلة طويلة من الحزن. أحلى هدية أنها خالتي. تعلمت منها حب الناس والقلب الطيب والتسامح وأن يتصالح الإنسان مع نفسه، وألا يحزن أبداً، وأن تكون حياتنا كلها صحة وسعادة، أما أحلى هدية من الصبوحة لي فكانت سيارة أحدث موديل بمناسبة عيد ميلادي. كانت تحب أكلة اسمها مجدرة بالعدس والأكلات بدون دسم. والسلطات بأنواعها المختلفة والحلويات وخاصة الشوكولاتة، وعندما تأكلها لا تأكل أي أكلات أخرى طول اليوم، وكانت تحافظ جداً على رشاقتها لآخر وقت. كثيراً ما كانت تأخدنا معها لنشاهد البروفات ونسمع الأغنيات ونكون سعداء جداً. خالتي صباح كانت دائماً حريصة على ذلك وتقوم بعمل حفلة كبيرة في منزلها، وتحضر تورتة مثل تورتة العروس، وتدعو أصدقاءنا وأحياناً تغني في حفلات أعياد الميلاد، أما إذا كانت مشغولة بتصوير أفلام أو بروفات أغنيات فكنا نؤجل حفلات عيد الميلاد حتى تنتهي من عملها. كنت أنا وليلى ابنة خالتي سعاد نقرأ لها الرسائل، وأذكر واحدة من المعجبات طلبت منها أن تدفع لها تكلفة أداء فريضة الحج؛ لأنها لا تملك المال فتأثرت خالتي كثيراً، وبالفعل تكفلت بتكاليف الحج لهذه السيدة، ورسالة أخرى كانت من فتاة غير ميسورة الحال وطلبت من الصبوحة أن تغني في زفافها وقالت إنها تعلم أنها تطلب المستحيل، وأنها تأمل أن توافق، وفعلاً ذهبت مع أمي وحضرت الفرح وغنت للمعجبة، وكان عندها جبر خواطر غير عادي. كانت تهتم بأناقتها واختيار الألوان والتصميمات على أحدث موضة، وكان يقوم بتصميم فساتينها وليام خوري، وكانت معجبة جداً بهاني البحيري وبتصميماته، وتوقعت له أن يكون من أشهر مصممي الأزياء وقد حدث بالفعل. أما أكسسوارات الصبوحة فكانت تشتريها من البلاد التي سافرت إليها سواء لإحياء الحفلات أو للفسحة. فى 20 يناير 1969 غنت الصبوحة على أكبر مسارح أوروبا وفرنسا وهو مسرح أوليمبيا، وكانت أول مطربة لبنانية تقف عليه، وقد صدرت الصحف الفرنسية بعنوان «انتصار صباح في الأوليمبيا»، وغنت العام 1977على مسرح رويال، وهو أكبر وأعرق مسارح لندن وغنت الصبوحة 20 أغنية منها أغنيتها الوطنية الشهيرة «يا لبنان، دخل ترابك» التي أعدتها خصيصاً لهذا الحفل، وقد أبكت هذه الأغنية المهاجرين اللبنانيين في لندن، وغنت في أميركا وفي مدينة غزة وخان يونس ورفح، وأحيت حفلات كثيرة في الدول العربية لصالح فلسطين. ولكنها للأسف لم تكرم في مصر بما يليق بمكانتها، وأتمنى أن تقيم دار الأوبرا المصرية حفلاً لتكريم الصبوحة في ذكراها القادمة وأغني فيه أغانيها، وهذه الفكرة كانت فكرة الأستاذ وجدي الحكيم صديقها المقرب، لكن لم يمهله القدر لتحقيقها، فقد كانت تحب مصر جداً، وتعيش بين مصر ولبنان. وكانت دائماً تقول إن مصر صاحبة الفضل في أن أكون صباح، وهي سبب شهرتي، وبدون مصر كنت سأظل جانيت فغالي مطربة لبنانية فقط. كانت تحب الرئيس السادات كثيراً، وقد أعطاها الجنسية المصرية تقديراً لفنها ومكانتها الكبيرة. علاقة احترام متبادل، وكانت الفنانة فيروز تحضر حفلات الصبوحة، وأيضاً خالتي تحضر حفلات الفنانة فيروز، وكنا نحضر كعائلة نيابة عن الصبوحة في حالة انشغالها. خالتي تزوجت 7 مرات، وكل أزواجها كانت تربطها بهم علاقة طيبة بعد الانفصال، كانت تحب كل زوج تزوجته، كانت تتمنى أن تتزوج رجلاً واحداً، وتعيش حياتها معه ويكون لها السند، ولكن خالتي كانت مؤمنة بأن النصيب هو الذي يتحكم وكانت تحزن لفترة بعد انفصالها عن أي زوج؛ لأنها أحبت كل من تزوجته ولكن سرعان ما كانت تندمج في الحياة والفن الذي كان كل حياتها. خالتي تزوجت من نجيب شماس الذي أنجبت منه ابنها «صباح»، وكان نجيب شماس يكبر الصبوحة بخمسة وعشرين عاماً لكنهما لم يتفقا، وأخذ منها ابنها «صباح»، وكانت دائماً تريد رؤية ابنها وتبكي حتى تراه وعندما بلغ «صباح» سن الثامنة عشرة أخذته خالتي في حضانتها، وظل معها ثم سافر إلى أميركا ليدرس الطب وأصبح طبيباً نفسياً، وكانت خالتي حريصة على السفر له في الولايات المتحدة لقضاء الإجازات، وكانت تحب أحفادها جداً، وكان «صباح» أيضاً يعود إلى لبنان في بعض الإجازات لقضاء الوقت مع خالتي. ثم تزوجت الصبوحة عازف الكمان أنور منسي، والذي أنجبت منه هويدا، وعاشت مشكلات الحضانة نفسها، وتم حسم الموضوع في المحكمة وأخذت حضانة هويدا، ثم تزوجت وسيم طبارة ثم جو حمود، ثم رشدي أباظة ثم أحمد فراج وأخيراً فادي لبنان. خالتي كانت روحها في هويدا وكانت فعلاً حبيبة أمها. أبداً لم تسبب أي عقد بالعكس هويدا طول عمرها فخورة بوالدتها وتحبها كثيراً. مثل أي فترة مراهقة تتعب فيها الوالدة، فترة من الزمن «وتعدي». خالتي لم ترغم هويدا، لكنها وجدت فيها الموهبة وقالت لها جربي التمثيل، وبالفعل قبلت هويدا وقدمت أكثر من فيلم واستعراضات ومسرحية «المتزوجون» قبل شيرين ولو استمرت كان سيصبح لها شأن كبير، الآن لكن هويدا لا تحب الفن ولا تحب الشهرة. كانت علاقتها بهم جيدة وخاصة رشدي أباظة، كانت تحبه كثيراً منذ طفولتها وحتى تزوج خالتي، واستمرت العلاقة حتى رحيله. وكان رشدي أباظة يعتبر هويدا ابنته الثانية. صباح تزوجت رشدي أباظة أياماً معدودة وبالتحديد في صيدا أثناء تصوير فيلم «إيدك عن مراتي» سنة 1967، وأتذكر أن خالتي وافقت على هذه الزيجة عندما أخبرها رشدي أباظة أنه انفصل عن سامية جمال؛ لأنها كانت صديقتها. وبمجرد أن علمت خالتي أن رشدي لم يترك سامية وأنها لا تزال زوجته طلبت الطلاق على الفور، وغضبت جداً منه وأخبرت سامية بأنها لم تكن تعرف أنها لا تزال زوجة رشدي، وظلتا صديقتين حتى وفاة سامية جمال. كانت علاقة هويدا بفادي لبنان جيدة جداً، وبالرغم أن زواج صباح وفادي لبنان استمر سبعة عشر عاماً، وهو أطول زواج بالنسبة للصبوحة إلا أنها كانت ضد الزواج الذي يكون فيه فارق كبير في العمر بين الزوجين؛ لأن الاهتمامات تختلف والأصدقاء أيضاً وطبيعة الحياة، وبالرغم من ذلك ظلت خالتي صديقة وعلى علاقة طيبة بكل أزواجها بعد انفصالها عنهم. فلم يكن قلبها يعرف الكراهية أو الحقد أو القسوة. كانت علاقة رائعة، وكانت هويدا تزور الصبوحة دائماً في لبنان عندما تأتي من أميركا؛ حيث تقيم في لوس أنجلوس، وكانت الصبوحة تقضي معها إجازاتها هناك وبينهما اتصال يومي هاتفياً. وشعرت صباح بالندم أنها تركت هويدا تسافر لتكمل تعليمها الجامعي في الخارج؛ لأنها رأت أن من يسافر ويتعلم في الخارج يتطبع بطبع الغرب أكثر، وهذا كان سبب ندمها. علاقة رائعة فهو على اتصال دائم بها؛ للاطمئنان عليها، وهما يعيشان في الولايات المتحدة الأميركية ولكن في ولايات مختلفة. لأنها كانت تعاني من انهيار عصبي، ولا تصدق أن الصبوحة توفيت، فقد كانت صدمة كبيرة بالنسبة لها، وإلى الآن وأنا على اتصال دائم يومياً بهويدا ودائماً تبكي حين تتكلم عنها. في أوائل السبعينات فقدت خالتي صوتها من كثرة المجهود والحفلات، وكانت تشعر بأنها انتهت كمطربة ولن يعود لها صوتها مرة أخرى؛ لكن الحمد لله وجدت طبيباً أعطى لها الأمل مرة أخرى، وأجرت عملية في الأرجنتين وكانت مرحلة صعبة وظلت خالتي لا تتكلم وتكتب ما تريده، وعندما عاد لها صوتها مرة أخرى بعد العملية سجدت على الأرض هي وخالتي سعاد وأمي شكراً لله. كانت معجبة بصوتي، ودائماً كانت تقول أنتِ أكثر بناتي شبهاً بي. كانت كارول سماحة تزور الصبوحة لتأخذ تفاصيل عن حياتها، وكانت خالتي تحبها جداً، ونحن أيضاً نحب كارول، وكانت خالتي تحب عائلة صادق الصباح منتج العمل، وعند عرض أول حلقة في رمضان 2011 كنا في مصر، وكلمت كارول وصادق الصباح وشكرتهما جداً وفريق عمل المسلسل، أما أنا شخصياً فأحببت المسلسل جداً، وكنت أشاهده بقلبي وأرى أمي وخالاتي وعائلتي كأنهم أمامي، والفنانة كارول سماحة كانت «هايلة»، وما افتقدته في المسلسل كان أناقة الصبوحة واستعراضاتها وحفلاتها. كثرة الشائعات عن وفاتها، وكانت تقول «أنا مضايقاهم في إيه وأنا أعيش في حالي وفي هدوء وطول عمري أحب الناس ولا أكره أحداً». كانت تحزن كثيراً بسبب هذه الشائعات. بالرغم من مرور 6 سنوات على رحيل خالتي، إلا أنني أشعر بأنها ما زالت معنا أنا وبنات خالاتي، شعرنا بأن الحياة بدون ألوان بعد الصبوحة، شعرنا باليتم الكامل بعد رحيلها؛ لأننا كنا نشعر بأن وجودها هو وجود لأمهاتنا.
مشاركة :