تحليل اخبارى: مهمة صعبة تنتظر الزرفي بعد تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة في العراق

  • 3/20/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد 18 مارس 2020 (شينخوا) كلف الرئيس العراقي برهم صالح، السياسي الشيعي المعتدل عدنان الزرفي، بتشكيل الحكومة الجديدة في مهمة تبدو صعبة على وقع الخلافات بين الأحزاب السياسية والاحتجاجات المستمرة المناهضة للحكومة. وجاء تكليف الزرفي، بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بعد يوم واحد من انتهاء المهلة الدستورية الممنوحة للكتل السياسية لتقديم مرشح إلى رئيس البلاد لشغل منصب رئيس الوزراء. وينتظر العراق رئيس وزراء يخلف عادل عبدالمهدي الذي قدم إستقالته في نهاية نوفمبر الماضي، تحت وطأة احتجاجات شعبية مازالت متواصلة منذ اكتوبر في البلاد. وفي فبراير الماضي، كلف الرئيس العراقي، وزير الاتصالات السابق محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة لكنه اعتذر في أول مارس الجاري إثر فشل البرلمان العراقي في عقد جلسة للتصويت على حكومته. وقبل تكليفه رسميا بتشكيل الحكومة، اعتبر الزرفي في تغريدة له على (تويتر) في 8 مارس الحالي، إن هناك أربعة تحديات خطيرة تواجه الحكومة. وقال الزرفي إن "الأول يتمثل بالتحدي الخارجي وعلاقة العراق بالمجتمع الدولي ومجلس الأمن والتحالف الدولي". والتحدي الثاني، يتمثل بالاحتجاجات القائمة منذ خمسة أشهر وتحقيق مطالب المتظاهرين والانتخابات المبكرة القادمة. أما التحدث الثالث، بالنسبة للزرفي، فيتمثل بالأزمة المالية وانخفاض أسعار النفط وقلة الموارد غير النفطية وتفاقم البطالة، وأخيرا تفشي فيروس كورونا المستجد وحماية صحة المجتمع وتوفير البيئة الصحية المناسبة للحد من انتشاره داخل البلد. ويقول المحلل السياسي الدكتور رائد عباس، إن مهمة الزرفي لن تكون سهلة وميسرة. وأضاف أستاذ الاعلام في الجامعة المستنصرية ببغداد، أن الزرفي سيكون عليه أن يعمل جاهدا للحصول على دعم الكتل السياسية للتشكيلة الحكومية التي سيقدمها وبرنامج حكومته لكي يضمن تمريرهما عبر البرلمان الذي تسيطر عليه تلك الكتل. ورأى أن "المهمة صعبة لان جميع الكتل الممثلة في البرلمان تحاول المحافظة على المكتسبات التي حققتها خلال السنوات الماضية ولن تسمح بالمساس بها". وتوقع عباس أن يلقى الزرفي مصير سلفه محمد توفيق علاوي اذا لم يضع في حساباته توازنات القوى السياسية ومصالحها ويتفاوض معها على هذا الاساس والا فإن حكومته لن تمر عبر مجلس النواب. ولفت الى أن هناك عقبة اخرى على الزرفي أن يحسب لها ألف حساب وهي اقناع المتظاهرين الذين يقفون في الشوارع منذ اكثر من خمسة اشهر وقدموا مئات القتلى والاف الجرحى والذين يرفضون تسمية اي شخصية شاركت في العملية السياسية سابقا لتولي رئاسة الحكومة. واعتبر ان الزرفي يقف اليوم أمام معادلة صعبة وهي خلق نوع من التوزان بين الكتل السياسية التي تصر على اخذ استحقاقاتها وتحقيق مصالحها وبين الشارع المنتفض الذي يطالب باصلاح العملية السياسية وتشكيل حكومة بعيدة عن سطوة الاحزاب التي يتهمها بالفساد وتدمير البلاد وتحويلها الى ساحة لتصفية الحسابات بين الاطراف الدولية والاقليمية. وأعلنت أربع كتل سياسية شيعية اليوم رفضها تكليف الزرفي، بتشكيل الحكومة، معتبرة أن الرئيس برهم صالح "تجاوز جميع السياقات الدستورية". وجاء الاعلان في بيان مشترك أصدرته كتل الفتح بزعامة هادي العامري، ودولة القانون بزعامة نوري المالكي، والعقد الوطني بزعامة فالح الفياض، والنهج الوطني برئاسة عمر طعمة، بعد اجتماع دام حتى وقت مبكر من صباح اليوم. وذكر البيان أنه "في الوقت الذي يعيش فيه شعبنا أوضاعا استثنائية وأزمات حادة على الصعد الاقتصادية والصحية والاجتماعية، نعيش مع استحقاق دستوري حاكم تأخر حسمه ووقعت فيه مخالفات دستورية وتجاوز للأعراف والسياقات السياسية المعمول بها في الدولة العراقية الاتحادية". وأضاف أن اخر هذه المخالفات الدستورية "إقدام رئيس الجمهورية برهم صالح، على تجاوز جميع السياقات الدستورية والأعراف السياسية وذلك من خلال رفضه تكليف مرشح الكتلة الأكبر (..) وقيامه بتكليف مرشح اخر دون موافقة أغلبية الكتل المعنية بذلك". وتابع البيان "وعليه فإننا نعلن رفضنا الواضح لهذا المسار وما نتج عنه من تكليف... وسنستخدم جميع الطرق والوسائل القانونية والسياسية والشعبية لإيقاف هذا التداعي، الذي إن استمر لا سمح الله فانه سيهدد السلم الأهلي ويفكك النسيج الوطني". ودعا البيان "الشركاء في الوطن" إلى الوقوف "موقفا وطنيا واضحا وصريحا" لمنع هذه التجاوزات وما ينتج منها وإعادة الأمور إلى نصابها الدستوري حفاظا على الشراكة الوطنية. وقال المحلل السياسي الدكتور ابراهيم العامري، ان تكليف عدنان الزرفي جاء بخلاف رغبة الكتل السياسية الشيعية التي هي صاحبة الحق بتسمية رئيس الوزراء وفقا لمبدأ تقاسم السلطة الذي سارت عليه العملية السياسية منذ 2003. وأشار الى أن العديد من هذه الكتل وفي مقدمتها كتلة الفتح بزعامة هادي العامري (47 مقعدا) في البرلمان ودولة القانون بزعامة نوري المالكي (25 مقعدا) قد رفضت تكليف الزرفي، الامر الذي سيجعل مهمته صعبة جدا ان لم تكن مستحيلة. وقال استاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد ان الكتل السياسية العراقية تعيش اليوم حالة من الانقسام وعدم التوافق فيما بينها وهذا الامر اسهم بشكل كبير في عدم تمكنها من تسمية مرشح لرئاسة الوزراء وارسال اسمه الى رئيس الجمهورية حتى يقوم بتكليفه وفقا للاعراف الدستورية المعمول بها. واضاف أن هذا الأمر جعل الرئيس يلجأ الى تكليف المرشح دون الرجوع الى هذه الكتل وهو ما اثار حفيظتها وعجل باعلانها رفض تكليف الزرفي. ولفت الى ان العامل الدولي والاقليمي يلعب هو الاخر دورا بارزا في حسم تسمية رئيس الوزراء "اذا ما وضعنا في الاعتبار ان الولايات المتحدة وايران تتصارعان على مساحات النفوذ في هذا البلد الذي نخرته الحروب والازمات، ولكل من الطرفين مؤيدون ورافضون". واوضح ان الزرفي من وجهة نظر اغلب الاحزاب الاسلامية الشيعية المقربة من ايران يحسب على المعسكر الامريكي، ولذلك ستعمل هذه الاحزاب على عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة بكل السبل، سواء من خلال التحشيد الجماهيري ضدها او من خلال عدم التصويت عليها في البرلمان. وعلى الرغم من رفض الكتل الشيعية الكبيرة لترشيح الزرفي ، لكن لا يزال من المحتمل أن تدعمه عدة مجموعات في البرلمان ، بما في ذلك تحالف النصر بزعامة حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق وكذلك الكتل السنية والشيعية. وبحسب الدستور العراقي، فإن امام رئيس الوزراء المكلف فترة 30 يوما لتشكيل حكومته واعداد برنامج حكومته لعرضها على مجلس النواب العراقي للتصويت عليها.

مشاركة :