"أمي".. مداد القلب لن يكفي لو أكتب به لإرضائك، وخفق الروح لن يجزي عبيرًا فاح بعطائك، يا حبًا لا يحكى ولا يكتب، يا أجمل النعم وحلاها وأغلاها، يا وردةً تتطاير أوراقها كي تعتني بصغارها، فكم مرة ضحيت من أجلي أيتها المضيئة، فأنتِ البنك الذي نودع بداخله مخاوفنا وأحزاننا، يا كل جنانِ الأرض يا أكبر عنوان."أمي".. يا سيدة الروحِ، يا فيضَ حنان يا سورة رحمن في إنسان، يا قدّاسا يُمنح للجنة كل فتوتها، ويلّون تاريخ الأشياء بلمسة إيمان، يا أكبر من كل حروفي من كل أناشيدي، يا أكبر من نافذة الغفران، يا سيدة الحبِ وعاصفة الوجدان أستغفركِ الآن وأطلبُ غفرانكِ، أطلبُ غفرانَ الله على كفيكِ،"أماه" لا اقتباس ينصفها ولا كل كلمات الأرض تصفها، هي الفضل.. هي الخير.. هي الكُل، هي من علمتني أن أنزل بتفكيري عندما أتحدث مع الصغار، وكيف أسمو وأرتقي بكلامي حين أناقش الكبار ولا أعارضهم حديثهم وأستمع لهم بكل احترام، لذا فصدق من قال العَيشُ ماضٍ فَأَكرِم والِدَيكَ بِهِ وَالأُمُّ أَولى بِإِكرامٍ وَإِحسانِ وَحَسبُها الحَملُ وَالإِرضاعُ تُدمِنُهُ أَمرانِ بِالفَضلِ نالا كُلَّ إِنسانِوصدق الإمام الشافعي أيضا، حين قال: وَاخْضَعْ لأُمِّكَ وأرضها فَعُقُوقُهَا إِحْدَى الكِبَرْ، يا أثمن الهدايا وأحلاها، يا عطر الورد، وأغلى ما في العمر، فلا حياة من دونك، ولا تحلو لحظة إلا بوجودك، وإذا ما مرضت يومًا ونام الجميع فلا تنامين، فاللهم أمي إن جفت زهوري اللهم أمي إن بهتت عيناي."أمي".. لو كان عمرك بيدي لزدته ولو كان فيه فنائي.. أماه لو كان أمري بيدي لرفعتك لعنان السماء، فبين يديكِ كبرت، وفي دفئ قلبك احتميت، وبين ضلوعك اختبأت، ومن عطائك ارتويت يا قسيمة الحياة وموطن الشكوى وعماد الأمر وعتاد البيت ومهبط النجاة.أكرر، أنتي بريق في سماء الكون، وإعجاز من الله، لأنك أقدس معاني الإنسانية، فحينما أنحني لأقبل يديكِ وأسكب دموع خضوعي في حضنك الدافئ وأستجدي نظرات الرضا من عيناكِ أشعر فقط أماه باكتمال رجولتي يا نبع الحب الصافي."أماه".. أحن إليكِ إذا جن ليلي وشاركني فيكِ صبح جميل، أحن إليكِ صباحًا مساءًا وفي كل حين إليكِ أميل، فأنتي ربيع الحياة ولون الزهور ونبع يسيل، وذكراكِ عطر وحضنك دفئ فيرعاكِ ربي العلي الكريم.والله يا أمي مهما قلت أو فعلت لن أوفيكي حقك وأجرك، ولن أنسى أبدًا صدرك الحنون، واحتوائك الدائم، ودعواتك المستمرة في الليل قبل النهار، لن ننسى أبدًا تعب الأيام وسهر الليالي، وستظل مشاهد إيثارنا على نفسك بما لذّ وطاب عالقة في ذهني إلى الأبد، مهما طال بي العمر والزمن، فسامحينا يا أمي فكم من المرات شغلنا قلبك فيها بمرضنا، وأفجعنا قلبك بغيابنا.كم دافعتي من أجلنا، وكم ضحيتي في سبيلنا، وكم تحملتي همومنا ومزاجنا العكر منذ صغر سننا، وكم سعيتي في حاجتنا، ففي الأعياد والمناسبات كنتِ لا تبالي بلبس الجديد، وفقط يكون شغلك الشاغل نحن، ماذا سنرتدي؟ ومن أين سنشتري؟، لنكون الأفضل بين الجميع، فأنتي صاحبة العطاء والقلب الرحيم.واليوم يا أمي أشهد الله بأني ما إلا حسنة من حسناتك، فجزاكي الله عني خير الجزاء، عن كل كلمة وهمسة، عن كل سهر وتعب، وأشهد الله بأني ما شفت فيكي إلا الخير، وما لمست فيكي إلا الوفاء والعطاء، وما ذكرك ذاكر إلا بكل احترام وتقدير والتزام، فأنتي خلقًا وقرآنًا يمشي على الأرض.فاللهم أحفظ أمي بحفظك، وأطل عمرها، وأحسن عملها، واختم بالصالحات يارب أعمالها، ولن يوفيكي حقك إلا الله جل في علاه، ومهما زخرفنا الأقوال، ورققنا العبارات، وسقنا الكلمات، فلن يكافئك إلا الله جل في علاه، فأنتي نعم الأم بعد رحيل الأب، ونعم المعين بعد فقدان الصديق، ونعم الرفيق والناصح إذا ضل الطريق، أطال الله عمرك، ورحم أبي واسكنه فسيح جناته.وصدقا يا أمي: لو عشت خدامك فدا حقك وتقديرك، ولو فضلت أبوس راسك وأوطي أبوس علي أيدك فدي حاجة تعلي من قيمتي ومتقللش من هيبتي وتمرت فيا تربيتك يا ست الكل يا أمي.
مشاركة :