في مثل هذه الأيام من كل عام، أي قبل دخول شهر رمضان العظيم، ينبري كتاب الرأي في مجلاتنا وجرائدنا المحلية والعربية للتحذير من الفوازير والمسلسلات التي تعرض في رمضان تحديدا، فبعض مناظرها تخدش حياء الصائمين، فلا يجوز في هذا الشهر الكريم الذي أنزل فيه القرآن وفيه تصفد الشياطين وتفتح أبواب السماء لاستقبال دعوات المسلمين، أن تعرض فيه أمثال تلك الأعمال. وأنا لا أشك في صدق نوايا أولئك الكتاب، غير أن أصحاب تلك الفوازير والمسلسلات يسخرون من تلك الكتابات، وأظن أن لسان حالهم يقول: كلام جرايد.. لا يقدم من الأمر أو يؤخر منه شيئا، فتلك الأعمال سوف تعرض رغم أنوفهم ورغم أقلامهم، فهم يقرأون تلك المقالات الصادقة في وقت ينطبق عليهم المثل السائر القائل: (أذن من طين وأذن من عجين)، فهم لا يبالون بتلك النداءات ولا يعيرونها اهتماما. وحقيقة القول أنهم متشبثون بذلك المثل ومتشبثون بأن ما ينشر حول أعمالهم ليست إلا كلام جرايد وأنها لن تعيقهم عن استمرارية إقدامهم على اخراج وتنفيذ تلك الأعمال الخادشة لأوقات المسلمين في الشهر الفضيل، فهم يتعبدون المولى القدير في شهر هو من أفضل الشهور عند رب العزة والجلال، غير أن أولئك المنفذين لأعمالهم لا يعيرون اهتماما لنداءات الكتاب، ولا يزالون مصرين على أنها: كلام جرايد. هذا الوضع المشين الذي يتكرر في كل عام لا بد من وضع حلول قاطعة وجذرية له حتى لا يتكرر في كل عام، وحتى يتوقف أولئك المستهينون بقدسية شهر رمضان عن أعمالهم تلك، ولعل من الغريب أن يختاروا شهر رمضان بالذات لعرض فوازيرهم ومسلسلاتهم التي لا يخلو معظمها من مشاهد سيئة، لا يجوز عرضها في هذا الشهر، فأمامهم شهور السنة بكاملها، فلماذا اختيار هذا الشهر بالذات لعرض تفاهاتهم؟ سؤال وجيه ومحير في آن، ولست أدري من المسؤول عن الإجابة عليه بطريقة شافية، فتلك الأعمال المشينة لا بد من تأجيلها إلى ما بعد الشهر الفضيل، أو عرضها قبله، أو اختيار أي شهر من شهور السنة ما عدا رمضان العظيم، هذا الشهر الذي ينقطع فيه العباد للتقرب من المولى القدير بصالح الأعمال، ومنها الصوم الذي يعد من أفضل العبادات وأهمها في شهر يعد خير الشهور عند الله. وإزاء ذلك فإنني أرى كحل جذري وقاطع أن يتحرك وزراء الإعلام والثقافة بالدول العربية والإسلامية؛ لوضع حد لهذا الاستخفاف بهذا الشهر الكريم، فيعمدون إلى إصدار قرار جماعي ملزم في أحد اجتماعاتهم السنوية أو الدورية، يقضي بمنع تنفيذ تلك الأعمال الفنية في شهر رمضان منعا باتا، وتأجيل عرضها إن دعت الضرورة في أي شهر من شهور السنة ماعدا شهر رمضان. إنه قرار حكيم وقاطع، أظنه سوف يضع الأمور في نصابها الصحيحة والنقاط فوق حروفها، ويحلحل هذه المشكلة من جذورها، فقد تعبت أقلام الكتاب وجفت أحبارها وهم يحذرون من مغبة الاستمرار في عرض تلك الفوازير والمسلسلات الفاضحة في هذا الشهر الكريم، غير أن كتاباتهم تذهب أدراج الرياح، فأولئك السادرون في غيهم لا يراعون حرمة هذا الشهر وهم ماضون في خططهم تلك دون رقيب أو حسيب. ولا يوجد كما أرى حل آخر يمكن أن ينهي المشكلة من جذورها إلا بقرار وزاري ملزم من قبل معالي وزراء الإعلام والثقافة بالدول العربية والإسلامية، ينهي هذه المشكلة من جذورها، ويضع حدا لتهاون أولئك المخرجين والممثلين ومنفذي تلك الأعمال، ويضع حدا لاستهتارهم بأوقات المسلمين، ويضع حدا لاستهتارهم بحرمة هذا الشهر الفضيل. إن الأمل يحدو كافة المسلمين باتخاذ هذه الخطوة الحكيمة؛ لأنها تمثل آخر الدواء لمشكلة لا بد من وقف سريانها والتصدي لأصحابها الذين يتلاعبون بعواطف الناس، ويجدونها فرصة سانحة لجمع أكبر قدر من الأموال في شهر كريم، يجب الانقطاع فيه للعبادة، والسماح بعرض ما يدفعهم إلى التقرب من المولى القدير، بدلا من تلك الأعمال الخبيثة التي تروج مقاطعها للفجور، في أوقات يجب فيها الانقطاع إلى المولى القدير بصالح الأعمال والطاعات. كاتب وإعلامي
مشاركة :