كشف الخبير الإقتصادي الدكتور سالم ناصر سريع أستاذ الإقتصاد جامعة عدن بكلية النفط والمعادن، أن طباعة العملات الورقية هي أداة من أدوات السياسة النقدية التي ينفذها البنك المركزي، ولكن إذا لم يترافق معها تغطية كافية من العملات الأجنبية لدى البنك أو في السوق فإنها تعد عملية تحيط بها المخاطر. وأضاف في حواره لــ "الفجر"، بأن الوديعة السعودية تستطيع أن تقلل من هذا المخاطر ولكن لابد من حسن إدارتها من قبل البنك المركزي وزيادة حجمها وبشكل مستمر لتتناسب مع النمو في الطلب على النقد الاجنبي إضافة إلى عدم تأخير إيداعها حتى تتدهور أسعار صرف الريال اليمني.ما هي أسباب تدهور أسعار الريال اليمني؟انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار وباقي العملات الأجنبية يرجع أساساً إلى زيادة الطلب المحلي على العملات الأجنبية في ظل انخفاض في المعرض منها، أي أن هناك زيادة في عرض الريال اليمني مقابل انخفاض المعروض من الدولارات والعملات الأجنبية الأخرى وبشكل متزايد مع الزمن وينتج عن ذلك انخفاض مستمر في قيمة العملة الوطنية.ماذا عن قرار الحوثيين بمنع تداول العملة المحلية من الطبعات الجديدة في مناطق سيطرتهم؟ الحوثيون لم يعلنوا الهدف من وراء ذلك ولكن المؤكد أن هناك أهداف مدروسة يراد تحقيقها، لذا يمكن وضع جملة من الاحتمالات وهي كتالي:ربما أن الحوثيون فعلاً يعانوا من أزمة في السيولة النقدية وتوصلوا إلى طريقة ذكية لسحب كميات كبيرة من العملة الورقية القديمة من المناطق المحررة إلى صنعاء خلال فارق سعر الصرف وأظنهم نجحوا بذلك.ربما يؤشر ذلك إلى تبني غير رسمي لعملة ورقية مستقلة عن البنك المركزي في عدن الأمر الذي يقلل من تحكم البنك المركزي في عرض النقود في شمال اليمن وبالتالي يصبح البنك المركزي في صنعاء أكثر قدره على إدارة العرض والطلب لهذه النوع من العملة الوراقية بعيدا عن تأثير سياسات التحالف والبنك المركزي في عدن وربما تحديد أسعارها مقابل الدولار وطباعتها مستقبلا وبشكل مستقل. سبق وتم طرح طباعة عملة جديدة من قبل الشرعية.. ماذا عن هذه الخطوة؟طباعة العملات الورقية هي أداة من أدوات السياسة النقدية التي ينفذها البنك المركزي، ولكن إذا لم يترافق معها تغطية كافية من العملات الأجنبية لدى البنك أو في السوق فإنها تعد عملية تحيط بها المخاطر، فالوديعة السعودية تستطيع أن تقلل من هذا المخاطر ولكن لابد من حسن إدارتها من قبل البنك المركزي وزيادة حجمها وبشكل مستمر لتتناسب مع النمو في الطلب على النقد الأجنبي إضافة إلى عدم تاخير إيداعها حتى تتدهور اسعار صرف الريال اليمني. كيف أغرقت مليشيات الحوثي البلاد بالديون ؟تأثير جماعة الحوثي هنا غير مبشر حيث أن مليشيات الحوثي نفسها لا يعترف بها من أي جهة مانحة وبالتالي لايمكنها الحصول على قروض ولكنها تحصل على مساعدات من دول معينة، أما التأثير الغير مباشر لهذه الجماعة هو أن تمويل الحرب ضد هذه الجماعة يمثل أعباء اقتصادية كبيرة على الاقتصاد الوطني منها تراكم الديون الخارجية لشراء السلاح وغيرها، ولكن موقف دول التحالف ولاسيما السعودية والإمارات ساهم وسوف يساهم في تقليل أعباء الديون الخارجية لان هذه الدول تحملت وستتحمل الجزء الكبير من هذا العبء الثقيل. ما هي المعالجات اللازمة لوقف حال التدهور للعملة؟في ظل عدم الوضوح بشأن اتفاق الرياض وبالتالي سياسة الحكومة والبنك المركزي تجاه التدهور المستمر في قيمة الريال اليمني نرى أن الحل يجب أن يبنى على مسارين أو بمعنى أصح احتمالين وهما:-الاحتمال الأول هو في حال تنفيذ اتفاق الرياض والتوافق على حكومة فاعلة قادرة على مواجهة ظاهرة تدهور الريال اليمني من خلال تنفيذ جملة من التدابير الاقتصادية التي سوف تعيد الاستقرار للسوق النقدية وهذه التدابير والإجراءات كتالي:-إلزام كافة محلات الصرافة والبنوك التجارية في المناطق المحررة بعدم التحويل والبيع بين الطبعات الورقية بسعرين مختلفين بل وفقا للسعر المحدد على ظهر العملة بمعني رفض تحويل أي مبالغ مالية إلى مناطق سيطرة الحوثي إلا حسب السعر الرسمي المكتوب على ظهر العملة وعدم التمايز بين الأوراق النقدية من نفس الفئة النقدية حسب تاريخ إصدارها والعكس بالنسبة بضرورة رفض استلام اي أموال محولة من مناطق سيطرة الحوثيين الى المناطق المحررة إلا وفق السعر الرسمي للريال والمدون على واجهة الورقة النقدية، وأي محل صرافة أو بنك تجاري يخل بذلك يتم غلقه فورا. يهذا الاجراء يعيد زمام المبادرة إلى البنك المركزى ويوحد السوق النقدية في إطار واحد.-استمرار تدفق العملات الخليجية إلى السوق اليمنية من خلال استمرار صرف رواتب الجيش والأمن بالعملة السعودية وهذا يضمن تخصيص وتوزيع أفضل للعملات الأجنبيه وفقا لآلية السوق مع الشفافية الكافية حيث أن الأموال المدفوعة لهولاء الأفراد بالعملة السعودية هي كبيرة الحجم في الاجمال ولكن الأموال مسلمة لكل فرد على حده كراتب شهري هي صغيرة و بالكاد تغطي مشترواتهم الشهرية لذا فهم يميلون إلى تحول تلك العملة الى الريال وعدم الاحتفاظ بتلك العملات كمدخرات وهذا شي مهم لأن العمله الصعبة لاتتحول الى مخزن للقيمة، أي أن عرض هولاء الجنود لما بحوزتهم من العملات الصعبة عرض غير مرن وفهم لا يميلون لتأخير عملية تحويلها إلى الريال حتى ارتفاع قيمتها أكثر اأي انهم لايدخرون تلك الأموال وهنا لا يتحول النقد الأجنبي كمستودع للقيمة وعلى العكس يميل كبار رجال الدولة وأصحاب الدخول المرتفعة الى الاحتفاظ بمدخراتهم النقدية بالعملات الصعبة وهنا تصبح وظيفة النقد الأجنبي كمستودع للقيمة الأمر الذي يساهم في زيادة الطلب وانخفاض العرض من النقود الأجنبية الأمر الذي يقود الى تحقيق انخفاضات متتالية في قيمة الريال اليمني.-العمل على تسهيل وخفض رسوم الإقامة على اليمنين في دول التحالف حتى إسقاط الانقلاب الحوثي لما لهذا الإجراء من أهمية حيوية في زيادة العرض من العملات الأجنبية في السوق اليمنية.- توفير احتياطيات نقدية كافية من العملات الرئيسية في البنك المركزي للحفاظ على توازن المعروض من العملات الأجنبية مع الكمية المطلوبة منها من خلال تغطية أي نقص في عرض النقود الأجنبية من خلال الوديعة السعودية.- الأهم هو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وإعادة الإعمار وبوتيرة عالية واستئناف الصادرات النفطية والغازية وإعادة تهيئة البنية التحتية من طرقات وكهربا ومياة واتصالات ..الخ وخلق مناخ الاستثمار القادر الى اجتذاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية للاستثمار في المناطق المحررة.- الاحتمال الثاني حال عدم تنفيذ اتفاق الرياض وعجز البنك المركزي عن محاربة التدهور في قيمة الريال اليمني وهذا يعني أن التحالف والقوى الوطنية شمالا وجنوبا ولاسيما المجلس الانتقالي هم المعنين بتنفيذ هذه السياسة وفي هذه الحالة يجب العمل على مايلي :- إعلان الادارة الاقتصادية المستقلة في الجنوب وباقي المناطق المحررة وهذا يعني بشكل أو باخر السيطرة على البنك المركزي والتحكم في المعاملات النقدية في المناطق المحررة و إيجاد سلطة نقدية أخرى مستقلة في المناطق المحررة موازية أو بديلة لسلطات البنك المركزي وقادرة على وضع السياسات النقدية وفرضها على البنوك التجارية ومحلات تداول العملات الأجنبية وحماية الريال الحالي وتعزيز قيمته وتحقيق الاستقرار في السوق النقدية.كيف ترون علاقة البنك المركزي بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي؟علاقة الحكومة اليمنية مع المؤسسات التمويلية الدولية ترجع إلى فترة تبني الحكومة اليمنية لبرنامج الإصلاح وتنفيذ منظومة سياسات الإصلاح الإقتصادي بهدف لإعادة الهيكلة والتكيف الاقتصادي المدعوم من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمتضمن إلغاء الدعم الحكومي للسلع الأساسية والغاء جزئي لدعم المشتقات النفطية وتعويم أسعار الصرف ورفع الضرائب وتحرير الأسعار وخصخصة المؤسسات العامة واصلاح منظومة الاداره العامه وزيادة الشفافية والحوكمة ...الخ ، الآن هذه التجربة في المجمل لم تؤتي الثمار والنتائج المتوخاة منه نتيجة فساد المنظومة السياسية وعدم كفاءة السياسات الحكومية والقائمين عليها، فما حصل هو تخلي الحكومة عن وجباتها الاقتصادية والاجتماعية تجاه الشريحة الفقيرة من الشعب اليمني وزيادة الأعباء الاقتصادية على هذه الشريحة نتيجة رفع الدعم وزيادة الضرائب في حين زادت إيرادات الدولة.ماذا عن المستقبل الإقتصادي لمدينة عدن؟عدن تمتلك مقومات استثنائية للنهوض الاقتصادي الواسع ولكن هذا مرهون بتحقيق استقرار سياسي واقتصادي واستئناف عملية إعادة الإعمار وبوتيرة عالية وعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير المناخ الاستثماري المناسب والقادرة على جذب الاستثمارات المحلية و الأجنبية، نعم هناك الكثير من المستثمرين الذين جاءوا إلى عدن رغم الظروف السياسية الصعبة حبا في هذه المدينة ورغبة في اقتناص الفرص السانحة و الناتجة عن غياب المنافسة وهولاء هم من سوف يكسب معركة الاستثمار في عدن وهناك من ينتظر تنفيذ اتفاق الرياض على أحر من الجمر ليحطوا رحالهم في درة الشرق الأوسط عدن. قدم روشتة لتعافي الاقتصاد وعودة قيمة الريال مرة آخرى بعد انهياره؟-تنفيذ اتفاق الرياض كخطوة لحل شامل الأزمة اليمنية شمالا وجنوبا.-إعادة الإعمار لما دمرته الحرب وبصورة عاجلة الأمر الذي يساهم في خلق فرص عمل وتنشيط الحركة الاقتصادية.-إعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة من طرق وكهربا ومياة واتصالات.-توفير المناخ الاستثماري وتهيئة الظروف الملائمة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.-توفر الإدارة السياسية الفاعلة والروية الاستراتيجية النهوض الاقتصادي.-محاربة الفساد وبقوة.- اصلاح مناهج التعليم القادرة على خلق جيل من الشباب الفاعل والمبدع وابقادر على اغتنام الفرص الوظائف الجديدة.-اصلاح منظومة الإداره العامة وتعزيز الشفافية ومحاربة الفساد والمحسوبة. -انشاء المناطق الصناعية والمناطق الحرة في عموم الوطن ودعم الاستثمار .-محاربة الإرهاب والتطرف وبلا هوادهما هي تبعات فيروس كورونا على الاقتصاد اليمني؟بدون شك هناك تبعات واسعة لفيروس كورونا على الاقتصاد اليمني سواء صحت توقعات منظمة الصحة العالمية أم لم تصح ولهذا سوف يبنى التوقع لمستوى التأثير على احتمالين.الاحتمال الأول عدم وصول الفيروس إلى اليمن أو حتى أن وصل ولكن لم يصل انتشار الفيروس إلى حالة الوباء ففي هذه الحالة فإن التأثير ينشأ فقط من تبعية الاقتصاد اليمن وتأثره المباشر بالتطورات في الاقتصاديات العالمية والإقليمية حيث أن تناقص النمو الاقتصادي العالمي ولاسيما في الصين والعالم الغربي يقود إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط وبشكل مستمر.أما الاحتمال الثاني وهو حالة تحول الفيروس إلى وباء داخل اليمن فإن ذلك سيقود إلى توقف كل الأنشطة الاقتصادية التي ظلت صامدة و تقاوم تاثيرات الحرب ولاسيما القطاع الزراعي الذي سوف يشهد كساد بسبب صعوبات الإنتاج والتسويق أضف إلى توقف القطاع التجاري ولاسيما الأسواق العامة وتجارة الجملة والتجزئة ومن ثم يمتد التأثير الى قطاع الخدمات وخاصة المطاعم والنقل البري الذين لم يتاثرا بظروف الحرب بل شهدا توسع لافت.ولهذا نوصي بما يلي -على التحالف والدول الداعمة لليمن بزيادة المساعدات الإنسانية والعاجلة للشعب اليمني. -على الحكومة والتحالف السعي إلى إنشاء هيئات مستقلة ودعم منظمات المجتمع المدني بهدف إدارة الأزمة وايصال المساعدات العاجلة الى كل المناطق المتضررة، والأهم توفير مراكز الحجر الصحي في عدد كل محافظة وتزويدها بالأدوية والمستلزمات الطبية الكافية وتدريب الكوادر الطبية على التعامل مع انتشارا الوباء بالإضافة وهو الأهم تثقيف الناس بالسبل الكفيلة للحد من انتشار الوباء.
مشاركة :