قبل أيام وخلال إحدى رحلاتي مع (السّيد ريموت كنترول) توقفت عند حوار على (قناة فرنسا 24 العربية)، كانت ضيفَتُه الفتاة المسلمة (نور التاجوري) ذات الأصول الليبية! فتلك الشّابة التي بالكاد تجاوزت العشرين من عمرها كانت رائعة ليس بثقافتها الواسعة، وبقدرتها على الحوار وانتقاء الأفكار والعبارات (فقط)، ولكن في تقديمها دروسًا في مثابرتها للوصول لهدفها رغم الصعوبات والتحديات! أما الأهم فكان وصولها لشيء من طموحاتها بـ(العمل مذيعة مع التزامها بحجابها)؛ رغم تلك الدعوات التي حاولت مساومتها مقابل خَلعِه، ثم تأكيدها بأن على المسلمين عمومًا والنساء خصوصًا إجبار الغرب بمؤسساته وأفراده على أن يؤمنوا ويتعايشوا مع الهويات الإسلامية، وليس العكْس!! العبارة الأخيرة أرى فيها رسالة لعامة المسلمين بألاّ يتنازلوا عن دينهم وقيمهم مهما كانت المغريات أو المعوقات والضغوطات!! ففي ظل حملات التشويه للإسلام الصحيح الوسطي المعتدل التي تقوم بها آلات الحرب الإعلامية المعادية، أو تلك الممارسات الوحشية والعنيفة التي يرتكبها بعض مَن ينتسب للإسلام -وهو منهم براء- أرى أنّ أكبر المشاكل التي تواجه المسلمين هي العَويل ولَطْم الخدود، والاستسلام لنظرية المؤامرة، ومن ثَمَّ خضوعهم وتقديمهم للتنازلات والهروب مِن رداء هويتهم! بينما الواقع فيه التأكيد بأن التمسك بالمُسَلّمَات والثوابت الدينية والاعتزاز بها، والتفوق وإثبات الذات بالعَمل والاجتهاد هي إحدى الوسائل الناجحة في تغيير الصورة المغلوطة السائدة عن الإسلام ومعتنقيه؛ يُضَاف لتلك الوسيلة الالتزام بتعاليم الإسلام وآدابه في التعاملات اليومية؛ فبالقدوة الحسنة أنار الإسلام مختلف أرجاء الأرض! أخيرًا (نور التاجوري) التي ارتدت الحجاب في سِنّ الثامنة، وحققت حلمها بأن تكون أول مذيعة محجبة في الولايات المتحدة الأمريكية أراها بثباتها على مبادئها قد كَسرت الحواجز، وفتحت أفقًا جديدًا عنوانه: (لا استسلام أو خضوع أو تنازل)، كما أنها رسمت أنموذجًا ناجحًا في المثابرة والمحافظَة، أرجو أن تُفِيْدَ منه الفتيات دون المساس بقواعد الدِّين وأصوله! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :