بكين 23 مارس 2020 (شينخوا) في مطار العاصمة الكمبودية بنوم بنه الدولي يوم الاثنين، استُقبل بحرارة فريق خبراء من سبعة أعضاء من الصين، يصطحبون معهم أطنانا من الإمدادات الطبية، وكان على رأس مستقبليهم مسؤولون كمبوديون وكذلك أشخاص يلوحون بأعلام البلدين. أُضيف هذا الفريق الطبي إلى الدعم الطبي الذي تقدمه الصين مؤخرا لدول محتاجة للدعم مثل إيران وصربيا وإيطاليا، في المعركة العالمية ضد وباء كوفيد-19. في مدينة بادوفا الساحلية في شمال إيطاليا، كان هناك فريق طبي صيني من تسعة أفراد، يرتدون أقنعة بالإضافة إلى سترات باللونين الأحمر والأبيض تحمل شعار الصليب الأحمر، يعملون على جدول زمني ضيق للغاية، لفهم الوضع هناك وتقديم التوجيه الطبي. تم تسجيل عملهم في مدونات فيديو ومذكرات يومية لغرانديسو فيديريكو، وهو مواطن إيطالي مقيم في بادوفا. وفي مدونة فيديو، تحدث جيامبييرو روبولو، رئيس لجنة الصليب الأحمر الإيطالية في بادوفا، مع فيديريكو قائلا "إن زيارة الفريق الصيني لإيطاليا ليست مهمة من الجانب العلمي فحسب، بل أيضا من وجهة نظر إنسانية: أن تكون متحالفا ضد هذا المرض الخطير، يعني تحالفك ضد عدو كبير يواجه البشرية". --الدعم في الوقت المناسب وصل الفريق الطبي الصيني أولا إلى روما، المحطة الأولى في رحلته إلى إيطاليا. وبعد مكوثه في بادوفا، واصل رحلته شمالا إلى المنطقة الأكثر تضررا في لومباردي، حيث انضم المزيد من الأطباء الذين أرسلتهم الصين إلى المعركة ضد كوفيد-19. أُعجب يانغ هوي تشوان، أحد أعضاء الفريق، بملاحظة رآها في غرفة الفندق في ليلته الأولى في روما، تقول "نقف معا، نقاتل معا، وسننتصر معا". في 12 مارس، جاء الفريق الذي نظمته لجنة الصحة الوطنية وجمعية الصليب الأحمر الصينية، في الوقت المناسب ومعه الكثير من الإمدادات الطبية بما في ذلك أجهزة التنفس وأجهزة المراقبة وأجهزة تنظيم ضربات القلب. في اليوم التالي، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن أوروبا أصبحت مركزا لتفشي فيروس كورونا الجديد، وأن إيطاليا هي الأكثر تضررا في المنطقة. عند وصول الفريق إلى إيطاليا، خرجت الصين من المرحلة الأكثر صعوبة مع انخفاض حالات الإصابة المؤكدة اليومية الجديدة في البر الرئيسي الصيني إلى عدد منفرد الرقم للمرة الأولى. ومنذ ذلك الحين، أرسلت بكين، بروح التضامن والصحة المشتركة، المزيد من الطواقم الطبية والإمدادات الصحية إلى دول أخرى تكافح من أجل احتواء الوباء. كان أفراد الطاقم الطبي الصيني يبدأون روتينهم اليومي باجتماع بينهم بالساعة 7 صباحا، ثم اجتماعا يمتد حتى الساعة 10 ليلا، إذا عادوا إلى الفندق في وقت مبكر من الليل. وقد تشاطروا مع الزملاء الإيطاليين النسخة السادسة من إرشادات علاج كوفيد-19، والنسخة السابعة من برنامج التشخيص والعلاج للمرض، وهما نسختان أصدرتهما الصين على ضوء تجربتها في هذا المجال. قال يانغ "الجانب الإيطالي طرح علينا الكثير من الأسئلة، وغالبا ما نجري مناقشات أطول مما خططنا في البداية"، مضيفا "نريد مشاركة الإنجازات التي حققناها والدروس التي تعلمناها، لمساعدة إيطاليا على التعامل بشكل أفضل مع الوضع". وأمضى الفريق الطبي الصيني أيضا بعض الوقت "لتعزيز ثقة الناس في الحجر الصحي المنزلي". وبعد أيام من وصولهم، أخذ أعضاء الفريق يرون القليل جدا من الناس والمركبات، عندما مرورهم بمناطق كانت صاخبة عادة في روما. كما قاموا بتوعية عامة الناس، عبر البث المباشر، حول كيفية حماية أنفسهم بشكل أفضل، بما في ذلك طريقة غسل اليدين بسبع خطوات. قالت تانغ منغ لين، وهي رئيسة ممرضات من مقاطعة سيتشوان الصينية، جلبتها إلى خط المواجهة في ايطاليا، عاطفتها الخاصة التي تعود إلى ما قبل 12 عاما تجاه الأطباء الإيطاليين، قالت "إن (طريقة غسل اليدين) أبسط شيء، ولكنها وسيلة رئيسية للحماية من الفيروس". أضافت تانغ "بصفتي من سكان مقاطعة سيتشوان، أنا محظوظة لوجودي هنا لرد جميل تعاطف الإيطاليين معنا عندما كنا في محنة (تقصد محنة الزلزال الذي ضرب مقاطعتها عام 2008)". --أوراق من نفس الشجرة بدأت القصة في مايو 2008، عندما عانت مقاطعة سيتشوان من زلزال كارثي بقوة 8 درجات على مقياس ريختر، وقُتل فيه أكثر من 80 ألف شخص. في غضون أيام، كان فريق طبي من حوالي 20 عضوا من إيطاليا، قد وصل فعلا إلى مدينة ميانتشو في مقاطعة سيتشوان. وبنى الفريق مستشفى ميدانيا يشبه الخيمة مع مجموعات كاملة من المعدات الطبية، بإمكانه إجراء عمليات جراحية متطورة والاستشارات الطبية عن بُعد. لقد تركت العلاقة العاطفية مع السكان المحليين "اللطفاء والكرماء" انطباعا لا يزول لدى أعضاء الفريق الإيطالي. قالت طبيبة الجراحة بغرفة الطوارئ، ماريا كارولا مارتينو "لقد تأثروا جدا (السكان المحليون) بحقيقة أننا تركنا عائلاتنا وجئنا إلى مدينتهم لمساعدتهم". ومن أجل إدخال الفرحة بين الأطفال المتأثرين بصدمة الزلزال، أقام الفريق الطبي جلسة احتفالية حيث قام بعضهم بالغناء، وقام البعض بحركات مفرحة مثل تقليد هاري بوتر وهو يركب على عصا المكنسة السحرية. تذكرت تسوه شيويه مي، وهي طبيبة صينية محلية، عملية جراحية قامت فيها بمساعدة الإيطاليين، وقالت "كان الطقس حارا جدا في يونيو، وكان الجميع يتصبب عرقا ... كنا نتحدث بلغات مختلفة، ولكن تم التواصل من خلال نظرات العيون حيث كان الجميع على دراية بإجراءات الجراحة". لقد عالج الأطباء الإيطاليون ما يقرب من 1000 شخص قبل عودتهم إلى ديارهم، وتركوا المستشفى الميداني للأطباء المحليين. وتجمع السكان المحليون لتوديعهم، وبكى بعض الأطفال وتبعوا سياراتهم وهم يبتعدون رويدا رويدا. الآن، تمد الصين يد العون لإيطاليا لمكافحة هذا الوباء الفتاك في هذه المرحلة الشاقة. قالت الطبيبة مارتينو "أنا سعيدة لأنهم ما زالوا يحملوننا في قلوبهم مثلما نحملهم في قلوبنا"، مضيفة "نحن جميعا أمواج من نفس البحر، وأوراق من نفس الشجرة وأزهار من نفس الحديقة". كان لويجي دا أنجيلو، مدير مكتب الطوارئ التابع لإدارة الحماية المدنية الإيطالية، قد تواجد في مقاطعة سيتشوان عام 2008 لتنسيق الدعم المقدم من الخبراء الأوروبيين. ومن خلال مشاركته في إدارة الطوارئ الحالية بسبب فيروس كورونا الجديد في إيطاليا والعمل مرة أخرى مع الأطباء الصينيين، قال دا أنجيلو إن مفهوم "المجتمع العالمي" أو المصير المشترك، هو ما يتطلع إليه الصينيون. إن العلاقة بين بكين وروما تروي كيف يقف المجتمع العالمي معا في السراء والضراء، وهذه الفكرة أو رؤية (بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية)، قد تردد صداها بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب في أكاديمية موسكو، حيث كشفت عنها الصين وطرحتها لأول مرة في مناسبة دولية قبل سبع سنوات. --الرؤية تتجسد في العمل في 23 مارس 2013، وفي قاعة مكتظة بالحضور في معهد موسكو الوطني للعلاقات الدولية، ظهرت أمام أنظار المجتمع الدولي رؤية بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية. استذكر فاسيلي كاشين، وهو باحث بارز في مركز معهد موسكو أعلاه، في قسم علوم الصينيات (الصينولوجي) والمشاريع الإقليمية المتكاملة، خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ، قائلا إن رؤية شي "الجذابة"، سوف "تنعكس تدريجيا في نظام الحوكمة العالمي". وأشار كاشين إلى "أنها فكرة تتعلق بتنسيق سياسات مختلف البلدان في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وفي إدارة الكوارث، بدون تثبيت أي نمط معين أو هيمنة أحد ما"، مضيفا أن الوباء (فيروس كورونا الجديد الحالي) سيكون موضوعا هاما في المناسبات الدولية في المستقبل. لقد انتشر الوباء حتى الآن إلى أكثر من 180 دولة ومنطقة، مع تأكيد حوالي 300000 حالة إصابة وأكثر من 12000 حالة وفاة، مؤديا إلى تعطيل الحياة الطبيعية للناس ومؤثرا بشدة على الاقتصاد العالمي. قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن جهود الصين "المثيرة للإعجاب" في معالجة الأزمة الصحية العامة هذه لم تكن فعالة في احتواء الفيروس بشكل فعال في داخلها فحسب، بل منحت أيضا فرصة للعالم. على الصعيد العالمي، شاركت الصين تجربتها في مجال مكافحة الفيروس مع أكثر من 100 دولة ومنظمة، وقدمت منحة 20 مليون دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية، وأرسلت الإمدادات والفرق الطبية إلى البلدان المحتاجة. وقد تُرجمت هذه التحركات إلى ممارسات عملية تجسد كيف يمكن للمجتمع العالمي أن يعمل من أجل مستقبل مشترك، وخاصة في تحقيق الصحة المشتركة للبشرية. قال روبرت كوهن، الخبير الأمريكي البارز والمختص بالشأن الصيني، ورئيس مؤسسة كوهن، إن رؤية شي (حول بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية) تقدم طريقة تفكير جديدة يكون عالمنا اليوم في أمسّ الحاجة إليها، وتبعث أملا كبيرا. وأكد كوهن على أنه "من نواح كثيرة، يتعين على دول العالم أن تعمل من أجل الصالح العام للبشرية، وخاصة في أعقاب تفشي الوباء"، مضيفا أنه "يتوجب على الأشخاص ذوي النوايا الحسنة في كل مكان، العمل لتحويل الخطاب إلى حقيقة واقعية".
مشاركة :