غزة 24 مارس 2020 (شينخوا) يعيش قطاع غزة الفلسطيني منذ أسابيع فترة هدوء نادرة الحدوث مع إسرائيل في خضم أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد وما يشكله من تحديات غير مسبوقة على مستوى العالم. ويرى مراقبون فلسطينيون، أن الوباء الذي حصد حتى الان آلاف الإصابات والضحايا حول العالم، قد فرض مرحلة سلام بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بل وأجبرهما على التخلي عن ميدان المعركة للتعاون المباشر وغير المباشر لتعزيز الإجراءات الاحترازية. وتعمل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على منع عمليات إطلاق صواريخ من القطاع باتجاه إسرائيل، إضافة إلى إحباط العديد من محاولات تسلل فردية يقدم عليها شبان فلسطينيون. ويقول الكاتب والمحلل السياسي ناجي البطة، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "هذا هو الوضع الطبيعي، بأن تمنع حماس أي محاولات لاستجلاب التصعيد العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة، خاصة في هذا الوقت الحساس في ظل تنامي كارثة كونية مثل فيروس كورونا". وأضاف البطة "لا توجد أي مصلحة لدى أي من حماس أو إسرائيل، في التصعيد العسكري، بل ان المصلحة المشتركة بينهما هو الحد من تفشي هذا الفيروس بين المواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين". وأوضح أنه "من الجنون البحت إقدام أي من الطرفين الفلسطيني أو الإسرائيلي على خوض جولة عسكرية، لأنه بالتأكيد لن يستفيد منها أحد والجميع سيكون خاسرا". ولفت إلى أن احتمالات تفشي فيروس كورونا يثير قلقا فلسطينيا وإسرائيليا مشتركا ما دفع لتنحية الخلافات جانبا، متوقعا أن تزيد إسرائيل من وتيرة تقديم مساعدات طبية إلى غزة ومساعدة سكانها. وأعلنت إسرائيل أنها نقلت عدة مئات من المعدات لفحص فيروس كورونا إلى قطاع غزة، وأبدت استعدادها للتعاون مع الجهات الحكومية التي تديرها حركة حماس في القطاع في مكافحة الوباء. وقالت حماس انها عملت على تجهيز 200 غرفة حجر صحي في شمال وجنوب غزة، من أصل 1000 تم الشروع في إنشائها ضمن إجراءات مكافحة الوباء. ولم يسجل قطاع غزة الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة حتى الآن سوى إصابتين بفيروس كورونا تم الإعلان عن اكتشافهما يوم السبت الماضي لمواطنين عادا حديثا من باكستان وتم وضعها قيد الحجر الصحي. واشتكت وزارة الصحة في غزة من أن الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ 2007 يعيق بشكل رئيسي عمل الطواقم الطبية التي تعاني من نقص كبير في الأدوية وأجهزة التنفس الصناعي والمعقمات. وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ سيطرة حماس على الأوضاع فيه بالقوة، فيما تعثرت عدة تفاهمات بين الجانبين بوساطات خارجية للتخفيف من حدة الحصار وإدخال تسهيلات إنسانية مقابل تعزيز حالة التهدئة. ويقول المحلل السياسي من غزة ماهر شامية إن أزمة فيروس كورونا ربما حققت اختراقا لم يحققه السياسيون، بفرض هدنة غير معلنة ما بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بل ودفعهما لشكل من التعاون الثنائي. ويبرز شامية أن الاعتبارات الصحية أولوية وهذا ينعكس بشكل مباشر على التعامل ما بين إسرائيل والفلسطينيين سواء كانوا في الضفة الغربية أو في قطاع غزة تحت قيادة حماس. ويشير إلى أن أزمة كورونا انعكست بحالة نادرة من الهدوء النسبي كون جميع الأطراف لا ترغب بأي توتر ميداني من شأنه التشويش على الجهود المكثفة الجارية لمنع تفشي الوباء وتطويق آثاره. ويعتقد شامية أن حماس وجهت رسالة إلى إسرائيل عبر وسطاء بضرورة تحمل تبعات احتمال انتشار فيروس كورونا، في المقابل فإن إسرائيل سهلت إدخال بعض المواد اللازمة "لكنها لا تزال لا ترتقي إلى المستوى المطلوب". وسبق أن شنت إسرائيل ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد قطاع غزة منذ عام 2008 إلى 2014، فضلا عن نحو 15 جولة توتر متقطعة منذ ذلك الوقت. وتتوسط مصر والأمم المتحدة وقطر منذ أكثر من عام في تفاهمات سعيا لإدخال تسهيلات إنسانية لغزة ومنع مواجهة مفتوحة جديدة. ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إن قطاع غزة وإسرائيل مشغولان في مواجهة فيروس كورونا، مما تسبب في فرض حالة الهدوء النسبي في القطاع بشكل مباشر. ويضيف الصواف أنه حتى هذه اللحظة لا توجد أي اتصالات مباشرة بين حماس وإسرائيل، إلا أن الجانبين يتواصلان عبر وسطاء أمميين، كي يتم تقديم الرعاية الطبية لسكان القطاع. وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرا أن إسرائيل قلقة للغاية بشأن احتمال تفشي فيروس كورونا في غزة وتسعى لدعم جهود مكافحته باعتبار ذلك مصلحة إسرائيلية عليا. وأشارت تقديرات إسرائيلية إلى احتمال لجوء حماس للسماح بتسلل أفراد مسلحين إلى الأراضي الإسرائيلية أو إطلاق قذائف صاروخية من غزة للضغط على إسرائيل من أجل تكثيف المساعدة في حال تزايد الخطر من تفشي كورونا. ويعتقد المحلل السياسي من غزة حسن لافي أن إسرائيل تخشى من سيناريو يعتبر الأصعب بالنسبة لها، وهو في حال تفشى الوباء بين سكان غزة باحتمال نزوح جماعي في صفوفهم تجاه الأراضي الإسرائيلية. ويشير لافي إلى أن إسرائيل لن تتمكن في هذه الحالة من منع مئات آلاف السكان من التحرك تجاهها هربا من الوباء المتفشي وهو ما يزيد الضغط عليها لضرورة تقديم المساعدات بوتيرة أكبر للقطاع. وقال لافي لـ ((شينخوا)) "يوجد تنسيق غير مباشر بين اسرائيل وحماس وفصائل المقاومة، حيث تقوم منظمة الصحة العالمية بدور الوسيط بين الطرفين في حدود الحد من انتشار المرض، كما أن إسرائيل تسعى جاهدة لتقديم المعونات اللازمة لقطاع غزة".
مشاركة :