أعلنت إسبانيا “حالة الحرب” ضد فيروس كورونا، بعد أن تخطت الصين في عدد الضحايا، مما جعلها ” الحصان الأسود” بين الدول الأوروبية في سباق الموت الذي خلقه الفيروس القاتل. فقد سجلت إسبانيا قفزة في عدد الوفيات بالفيروس بمقدار 738 حالة ليتجاوز عدد الوفيات بسبب المرض في الصين التي ظهر بها الفيروس لأول مرة في الوقت الذي تبذل فيه سلطات البلد جهودا مضنية للتعامل مع ارتفاع حالات الإصابة. وبلغ إجمالي عدد الوفيات في إسبانيا 3434 حالة لتأتي في المرتبة الثانية في عدد الوفيات على مستوى العالم بعد إيطاليا حيث قتل المرض 6820 شخصا. وحّول الفيروس القاتل مدينة مدريد إلى مشرحة كبري، حيث تم تحويل قاعة للتزلج على الجليد إلى مشرحة ضخمة في العاصمة الإسبانية. أما قاعات المعارض، فقد أضحت مستشفيات ميدانية بـ1500 سرير، وتم استدعاء الجيش لتعقيم دور رعاية المسنين التي توفي فيها العشرات جراء المرض. وفي مدريد أيضا، بدأت السلطات في إجراء فحوص جماعية على فيروس كورونا في أرض المعارض في ساحة عامة. وتواجه إسبانيا نقصاً في المعدات والأقنعة والقفازات وأجهزة التنفس ومعدات الاختبار، وتكاد المستشفيات تنهار، مع إنهاك العاملين في مجال الصحة، وتعرضهم للعدوى نتيجة نقص الأقنعة والمعدات. ورفع العاملون بالقطاع الطبي في إسبانيا، الذين أصيب آلاف منهم بالمرض، دعاوى قضائية على الحكومة شاكين من نقص أدوات الوقاية الأساسية مثل الكمامات والقفازات. وأكد ميجيل فيلارويا قائد القوات المسلحة أن الجيش الإسباني طلب من حلف شمال الأطلسي أجهزة تنفس وأدوات حماية وأجهزة فحص. وتعيش إسبانيا اليوم الثاني عشر من إغلاق مدته 15 يوما ومن المتوقع مده إلى 30 يوما، كما أُغلقت المدارس والحانات والمطاعم وأغلب المتاجر ومنعت التجمعات الاجتماعية وبقي الناس في منازلهم. وقال فرناندو سايمون رئيس الطوارئ الصحية في مؤتمر صحفي “حققنا خفضا شبه كامل للاتصال الاجتماعي” وأضاف أن إسبانيا أوشكت على الوصول لذروة التفشي. وإلى جانب الأثر الصحي المدمر، وجه الإغلاق صفعة قوية للاقتصاد الإسباني فجرى تسريح عشرات الآلاف من العمال والموظفين مؤقتا في حين توقفت قطاعات كاملة مثل السكك الحديدية والسفر والسياحة والصناعات التحويلية. وأكد البنك المركزي أن الاقتصاد تعرض لتعطيل كبير منذ الأول من مارس/آذار وشهد انكماشا حادا في إنفاق المستهلكين. وسعت الحكومة الإسبانية جاهدة لتمديد حالة الطوارئ السارية حتى 11 أبريل/نيسان والتي فرضتها في محاولة للسيطرة على ثاني أسوأ حالة تفشي لفيروس كورونا في أوروبا. وقالت الحكومة الإسبانية إنها ستفعل كل ما هو لازم لمكافحة جائحة كورونا، وحذر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث من أن الأسوأ لم يأت. وقال سانتشيث إن حكومته ستفعل كل ما يلزم لمكافحة جائحة كورونا، لكنه حذر أن بلاده لم تتلق بعد أكثر الموجات ضررا، والتي ستختبر قدرات الشعب الإسباني المادية والمعنوية لأبعد حد بالإضافة إلى روحه كمجتمع. وحذر رئيس الوزراء الإسباني بقوله: “نحن في حالة حرب”، مؤكدا أن الجيش سيلعب دورا أكبر في التصدي للوباء ودعا إلى مساعدة اقتصادية أكبر من الاتحاد الأوروبي. ويحتاج تمديد حالة الطوارئ موافقة البرلمان لكن ذلك مسألة مضمونة بعد أن قال حزب المعارضة الرئيسي في إسبانيا، وهو حزب الشعب المحافظ، إنه سيؤيد ذلك مما أعطى الحزب الاشتراكي الذي ينتمي إليه سانتشيث وشريكه في الائتلاف الحاكم اليساري، حزب أونيداس بوديموس، ما يكفي من الأصوات لتأييد التمديد. وتجدر الإشارة إلي أن إيطاليا أعلنت، أمس الأربعاء، أن إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا ارتفع إلى 7503 بعد تسجيل 683 حالة وفاة جديدة، وأن إجمالي عدد حالات الإصابة المؤكدة ارتفع إلى 74386 من 69176. كما أعلنت ألمانيا، الأربعاء، عن ارتفاع إجمالي الإصابات بفيروس “كورونا” في البلاد إلى 31554 حالة فيما تم تسجيل 149 حالة وفاة. وأظهر إحصاء لمعهد روبرت كوخ الألماني للصحة العامة أن عدد حالات الإصابة المؤكدة قد قفز بشكل ضخم، حيث تم تسجيل 4191 حالة جديدة، فيما ارتفع عدد القتلى لـ36، خلال آخر 24 ساعة. وتحل ألمانيا حاليا المرتبة الثالثة، بعد إيطاليا وإسبانيا، في قائمة أكثر دول أوروبا تضررا بالفيروس من حيث عدد الإصابات المسجلة. وأكد عالم الأوبئة كارل لوترباخ، عضو البرلمان الألماني، أن معايير الاختبار التي اتخذتها ألمانيا في اختبار الفيروس مشابهة لتلك التي طبقتها إيطاليا، إلا أن أحد أسباب انخفاض أعداد الوفيات هو أن المرض تفشى في ألمانيا بين أعداد كبيرة من الشباب، الذين عادوا من العطلات، بينما في إيطاليا ضرب المسنين. وتوقع ارتفاع معدل الوفيات خلال الفترة القادمة، لاحتمالية أن يُصاب السكان الأكبر سناً. وأضاف أنه مع توافر أسرة العناية المركز وأجهزة التنفس الصناعي، والإجراءات المبكرة لاكتشاف المرض، لن تتحول ألمانيا إلى إيطاليا أو إسبانيا. ومن أسباب تفاقم أزمة انتشار كورونا في إسبانيا هو استهانة المواطنين في البداية بالفيروس، فضلا عن استقبال إسبانيا لملايين السياح من معظم الدول قبيل انتشار الوباء.
مشاركة :