ما المدى الذي يُمكنك الوصول إليه للبقاء؟.. كم من الوقت سوف تتحمل حتى تتغلب على تقززك وتبدأ في التعامل مع المعطيات حولك لتتمكن من النجاة؟.. هل حقًا يُمكنك التخلي عن إنسانيتك؟، أو إقناع الآخرين بأن الجميع بشرًا ويستحقون النجاة؟.الكثير من التساؤلات ستدور بذهنك طيلة ساعة و34 دقيقة هي مدة الفيلم الإسباني The Platform أو "المنصّة"، والذي يحاول بطله طيلة الوقت أن يحتفظ بإنسانيته بينما يبقى على قيد الحياة في الوقت نفسه، وسط عوامل تعود بالإنسان إلى زمن الوحشية والبقاء للأقوى.يبدأ الفيلم باستيقاظ بطله في غرفة مسدودة تمامًا من كل الجوانب سوى من فتحة مستطيلة في الأرضية، بينما على جانبيها سريرين أحدهما له والآخر لرجل عجوز يبتسم ساخرًا. هذه هي "المنصّة" التي دخل إليها للحصول على إجازة ما تساعده على بناء مستقبله، بينما دخلها العجوز لقضاء عقوبة، هنا يكتشف كلاهما أن الأسباب مُتعدة بينما المكان واحد. يبدأ الرجل الذي تنقل بين عدة مستويات ووجده في المستوى 48 في تعليمه الدرس الأول "لا شيء في الحياة بدون مُقابل"، إجابات محدودة لأسئلة عديدة يبدأ البطل في طرحها بينما يتلقى صدمته الأولى في موعد الطعام."القوي يأكل الضعيف" هو المبدأ الذي يتعلمه البطل الحالم حرفيًا عندما يعلم حركة الطعام داخل المنصة، فسعداء الحظ في الأدوار العليا يأكلون منه كيفما شاؤوا، والطبقة الوسطى قد تنعم بقليل من الطعام، بينما من هم بالأسفل يموتون من الجوع أو يقتاتون على لحم بعضهم إن استطاع أحدهم القضاء على الآخر، لا مجال للرحمة أو الإنسانية إلا في قلب ذلك الساذج الجديد الذي فضّل أن يدخل المنصة في صحبة كتاب "دون كيشوت" بدلًا من أن يحمل سلاحًا كما فعل أغلب الموجودين؛ لذا ينجو بمعجزة من شريكه الذي حاول التهامه عندما استيقظا في مستوى منحط هو 202.لا يتعلم الكاتب الباحث عن الإجازة مبدأ الحياة الحقيقية جيدًا، حتى عندما ينتقل إلى مستوى جيد هو 6 رغم أنه اضطر إلى التهام أجزاء من شريكته التي فضلّت الانتحار في مستوى 232 على أن تبقى في هذا الجنون؛ بل يُقنع شريك مستواه أن العدل يجب أن يسود عن طريق أن يأكل كل منهم ما يكفيه فقط.هكذا يتنقلان على مادة الطعام في محاولة إقناع الآخرين، يتحدثان، يسفكان الدماء، يستمعان إلى رجل حكيم، يحاولان الحفاظ على الطعام من أجل من هم بالأسفل، حتى ينتهي الفيلم برسالة رمزية للغاية، لكنها ربما لا تصلح من أجل هذا العالم الذي اعتاد الانحناء لمن يستطيع إخضاعه.
مشاركة :