يفترض أن تشكّل بداية شهر رمضان المبارك خلال الاسبوع المقبل، فسحة اضافية لمزيد من التقاط الأنفاس السياسية في لبنان واستكمال محاولات إنهاء الأزمة الحكومية التي حالت دون عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس الماضي، وهو ما يرجّح ان يتكرر هذا الاسبوع، لعلّ الاتصالات المكثفة تنجح في ثني زعيم «التيار الوطني الحر» ميشال عون مدعوماً من «حزب الله» عن قراره، برفْض مناقشة اي بند في اي جلسة للحكومة قبل تعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش خلفاً للعماد جان قهوجي الذي تنتهي خدمته في سبتمبر المقبل. وجاءت تداعيات الأحداث الدامية التي وقعت في بلدة قلب لوزة بريف ادلب السورية حيث سقط نحو 23 درزياً على يد «جبهة النصرة» وتَردُّد أصداء هذا التطور بقوة في لبنان، لتضع جميع الأطراف السياسيين امام واقع خطير، ظهّرت الساعات الماضية إمكان تسرُّبه الى المشهد اللبناني القابع أصلاً في عين العاصفة السورية، مع ما أثاره ذلك من مخاوف حيال احتمال انهيار جدران الصدّ التي كانت أبقت البلاد منذ بداية الحرب السورية بمنأى عن الانزلاق في أتونها، رغم بعض الارتدادات الأمنيّة التي بقيت أضرارها محصورة. ورغم حرص الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط على التعاطي مع حادث قلب لوزة على انه «فردي» متعهداً امام المجلس المذهبي الدرزي ان يعالجه سياسياً بالاتصالات الإقليمية، وسْط معلومات عن انه سيوفد لهذه الغاية الوزير وائل ابو فاعور اليوم الى تركيا، إلا ان مؤشرات اقتراب محافظة السويداء جنوباً من الدخول على خط المعارك يمكن ان تشي بما هو أدهى، لا سيما في ظل الخشية المتعاظمة على خطّيْن: * الأول من انفجار الانقسام في طائفة الدروز في السويداء حيال كيفية التعاطي مع امكان دخول المنطقة دائرة النار، لا سيما في ظل وقوف مشْيَخة العقل مع النظام، علماً ان الساعات الماضية كانت حملت مشاركة مقاتلين دروز في المعركة لاستعادة مطار الثعلة. واذا كانت المخاوف قائمة من تداعيات اي عملية لوضْع دروز السويداء في مواجهة الفصائل السورية المعارِضة، فإن مصدر قلق آخر مردّه الى الخشية من تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في الأيام الأخيرة نحو قرى وبلدات في الريف الشمالي للسويداء، وايضاً التحذير الذي أصدرته الجبهة الجنوبية في الجيش السوري الحر ورجال دين دروز في السويداء، اتهموا فيه النظام السوري بقصْف المدينة بهدف زرع الفتنة بين محافظتيْ درعا والسويداء. * الخط الثاني من أن يكون لأي انفلات للأمور في السويداء تداعيات على الأرض في لبنان، في ظل الدعوات التي صدرت في اليوميْن الماضييْن من حلفاء النظام السوري الدروز في لبنان، بما انطوى ضمناً على مخاطر من امكان وقوع اعمال تستهدف النازحين السوريين لا سيما في الجبل. وتبعاً لهذه الخريطة من المخاوف والمخاطر، بات من الصعب التسليم في لبنان بتعطيل الحكومة، بحجة استحقاق لن يحين اوانه قبل سبتمبر المقبل. وبحسب هذه الأوساط، فإن «رئيس الحكومة تمام سلام - الذي يرجح ان يمدّد فترة السماح للاتصالات السياسية والذي يتحضّر لزيارة القاهرة الاربعاء المقبل - بات امام مسؤولية وطنية تقضي بعدم ترك البلاد تنزلق الى المحظور، وانه بعد ان يستنفد كل محاولات توفير مخارج للعماد عون للتراجع بما يحفط ماء الوجه له، سيعمد الى الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء، على قاعدة (ممنوع تعطيل عمل الحكومة)، وهو ما يحظى بدعم من رئيس البرلمان نبيه بري». وفي حين حضر الملف الحكومي خلال الزيارة التي قام بها رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة مع وفد من الكتلة للنائب وليد جنبلاط مساء أمس، الى جانب أحداث قلب لوزة، إلا ان جلسة الحوار الجديدة التي تحمل الرقم 13 بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» المقررة غداً، تكتسب اهمية خاصة في توقيتها، لجهة مقاربة الوضْع الحكومي تحديداً، باعتبار أن الحزب يدعم عون في مساره التعطيلي، وذلك على عكس بيانات جلسات الحوار السابقة التي اكدت على انتظام عمل المؤسسات.
مشاركة :