«الشرق والغرب» في فلورنسا لتعزيز حوار الحضارات

  • 6/14/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

اختتمت بمدينة فلورانسا الإيطالية فعاليات ملتقى الشرق والغرب - نحو حوار حضاري الدولي الذي نظمته جمعية سانت ايجيدو بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين.وشهد الملتقى، الذي استمر يومين، عقد ثلاث جلسات تناولت موضوعات السلام وتعزيز الحوار بين الأديان والتعايش السلمي بين الحضارات ومختلف الثقافات. وتحدث في الجلسة الافتتاحية في كلمة الترحيب كل من رئيس بلدية فلورنسا داريو ناردلا والكاردينال جوزيبي بيتوري، ثم بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين ورومانو برودي رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق والدكتور محمود حمدي زقزوق عضو مجلس حكماء المسلمين وألين لوروا الأمين العام لجهاز العمل الخارجي الأوروبي وأنطونيو تياني نائب رئيس برلمان الاتحاد الأوروبي والأمير غازي بن محمد بن طلال عضو مجلس حكماء المسلمين. وتناول الطيب مفهومي الشرق والغرب فلاحظ أن أول ما يتبادر إلى الذهن سلسلة من التجاذبات والتناقضات لا يخلص معها الغرب كيانا أوروبيا خالصا في مقابل الشرق إذ لا يكفي - مثلا- أن نعرف الغرب بخصائص دينية وعرقية كأن نقول الغرب هو هذه الشعوب الأوروبية التي تدين بالمسيحية لأن هذا التعريف سرعان ما يضطرب ويتفكك حين نأخذ في الاعتبار أن الملايين من المسلمين الذين هاجروا إلى أوروبا وأمريكا أصبحوا خيوطا بارزة في النسيج الاجتماعي للغرب، مشيراً إلى أن هذا التأثر والتأثير ليس وليد عصرنا الحاضر بل هو تأثير وتأثر قديمان نعلمهما من تاريخ الحضارتين الذي تداخلت فيه العلوم والمعارف والتقنيات ونزعات الهيمنة والقوة والحروب ما ولد اشتقاقات كثيرة ومتناقضة تعرف العالمين، إلا أن الطيب اعتبر أن التعاون وتبادل العناصر العلمية والثقافية والفنية بين الحضارتين ربما يشكل أرضية مشتركة تساعد في بناء تقارب حضاري يقوم على التكامل وتبادل المنافع وترسيخ مبادئ الديمقراطية والحرية وحق الإنسان الشرقي - مثل أخيه الغربي- في حياة آمنة كريمة. وأشار الإمام الأكبر إلى أن نظرة جماهير المسلمين في الشرق إلى نظام سيادة القوة واستخدامها المفرط لهدم إرادة الشعوب ليست نظرة احترام بسبب غياب البعد الخلقي والشعور بالآصرة الإنسانية والأخوة البشرية عن هذا النظام، ومع ذلك اعتبر أن الشرقيين مسلمين ومسيحيين مطالبون بتعديل نظرتهم إلى الغربيين. وقال إن هناك شعوراً تجاه الغرب بالخوف وعدم الأمان وتوقع الشر، وقد يكون لدى الشرقيين بعض ما يبرر هذا الخوف إلا أنه اعتبر أن هذا الخوف مبالغ فيه، داعياً الشرقيين إلى الشعور بروابط أكثر تقارباً وتآلفاً مع الغربيين وأن يتوقفوا عن اعتبار الحضارة الغربية حضارة كلها شر وخروج على قيم الأديان والفضائل وأن نستبدل بهذه النظرة المفرطة في السواد نظرة أخرى أكثر تفاؤلاً تبدو فيها الحضارة الغربية حضارة إنسانية وإن كان فيها بعض المثالب والنقائص، فهي لا شك حضارة أنقذت الإنسانية ونقلتها إلى آفاق علمية وتقنية لم تكن لتصل إليها طوال تاريخها السحيق لولا عكوف علماء الغرب على مصادر المعرفة الأدبية والتجريبية والفنية على أن الشرق لديه ما يسد به الغرب ثقوبه الروحية والدينية وما يدفع به عن حضارته عوامل التحلل والاندثار والغرب لديه الكثير مما يقدمه للشرق لانتشاله من التخلف العلمي والتقني والصناعي وغير ذلك. ولفت الطيب الى نظر الحكماء المشاركين في الملتقى إلى أمرين يساعدان على التلاقي بين الشرق والغرب، الأمر الأول: الآية القرآنية التي يرددها المسلمون رجالا ونساء وأطفالاً صباح مساء بل كثير من المثقفين والمفكرين الغربيين يحفظون فحواها عن ظهر قلب من كثرة ما ترددت على مسامعهم في محافل الحوار ومنتدياته.. هذه الآية هي قوله تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير.. والمسلمون جميعا - لا يشذ منهم أحد- يفهمون أن التعارف المنصوص عليه في الآية الكريمة هو الهدف أو الغاية الإلهية العليا التي خلق الله الناس من أجلها.. والتعارف يعني التعاون وتبادل المنافع وليس الصراع ولا الإقصاء ولا التسلط وإذا كان لقاء التعارف البشري هو القانون الإلهي للعلاقات الدولية بين الناس أفلا يعني هذا أنه أمر يمكن تحقيقه إذا ما خلصت النوايا وصحت العزائم. أما الأمر الثاني، فهو خطر الإرهاب الذي يهدد العالم وأيضا كل ما تناسل من تنظيمات وجماعات وحركات مسلحة ترتدي - في كثير من الأحيان - رداء الأديان وتوظف كتبها المقدسة في الاعتداء والقتل، معتبراً أنه لا مفر من التكاتف بين حكماء الغرب والشرق لوقف هذا الوباء الذي ينطلق - دائما - من قراءات مغلوطة للكتب المقدسة ومن سياسات عالمية عمياء تدعمه ومن أموال هائلة لا ينفق عشر معشارها لمحاربة الفقر والجهل والمرض والتخلف في بلدان العالم الثالث. وفي اليوم التالي عقدت الجلسة الصباحية الأولى برئاسة الدكتورة كلثم عمر المهيري وتحدث فيها كل من الدكتور حسن الشافعي والدكتور محمد قريش شهاب وزير الشؤون الدينية الأسبق في إندونيسيا أعضاء مجلس حكماء المسلمين والمفكر ألكسندر أدلر وعالم الاجتماع الأسباني مانويل كاستلس. واتفق حكماء الشرق والغرب على عقد الملتقى الثاني في الشرق الأوسط على أن يحدد موعده وأجندته لاحقا بالتنسيق بين مجلس حكماء المسلمين وجمعية سانت ايجيدو. يذكر ان مجلس حكماء المسلمين يرأسه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وهو مؤسسة دولية أنشئت في الإمارات العربية المتحدة بهدف تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة والسعي لجمع شمل الأمة الإسلامية وتجنيبها التناحر والانقسام والحروب ونشر وتعزيز المبادئ الإسلامية السمحة ويتخذ من أبوظبي مقرا له.(وام)

مشاركة :