الامتحانات في رمضان .. رهبة وصيام وطقس حار

  • 6/14/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شهر رمضان الفضيل على الأبواب، والجميع يتطلع إلى قدومه بلهفة، تصاحبه مخاوف، وترقب للقادم من المفاجآت، فمع اليوم الثالث أوالرابع له وفقاً لاستطلاع هلاله، تطلق الأبواق التعليمية نداء بدء امتحانات الصف الثاني عشر، التي يصادف تاريخ انطلاق قطارها وللمرة الأولى، في الشهر الكريم. ومع وقع الطقس الحالي الذي يكشر عن أنيابه الحارة، سيؤدي طلاب وطالبات الثانوية العامة امتحاناتهم تحت ظل تحديات ثلاثة، هي الصيام، الأجواء الملتهبة بالحرارة، الامتحان برهبته وقلقه، فما الحل؟ اليوم يقف آلاف الطلبة في انتظار اليوم المرتقب للامتحان، وهم يشعرون بصعوبة استيعاب ما سيواجهونه خلال الأيام المقبلة، في ضوء ما ذكرناه من المحاور الثلاثة التي تشكل عقبات من وجهة نظر البعض قد تؤدي إلى تعثرهم. على الوجه المقابل، يرى عدد من أولياء الأمور أنه كان من الممكن أن ترجئ وزارة التربية والتعليم الامتحانات إلى ما بعد الشهر الفضيل، أو أن تبكر بها قبل حلوله، للتسهيل على الطلبة، فيما تمسكت الوزارة بقرارها في توقيت عقد الامتحانات، مرتئية أن الطالب المجتهد لن يعيقه صيام، أو طقس حار أو خلافه. كيف يوازن الطلبة بين أضلاع المثلث الثلاثة، بكفاءة، واقتدار، وثقة بالنفس؟ هذا الذي نحاول الإجابة عنه في التحقيق الآتي: التبكير أو الترحيل استهل سيف المزروعي مستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي رأيه بالقول: الاختبارات لم تأت فجأة، وأيضاً ليس في توقيت الشهر الفضيل مفاجأة لأحد، وبالتالي كان من الأجدر بمسؤولي وزارة التربية والتعليم العمل على أن تبدأ الدراسة وتنتهي قبل حلول رمضان، خاصة في هذا الطقس الحار، فرغم أجهزة التكييف المتواجدة في جميع القاعات الامتحانية، إلا أن الجميع لا يتكيفون بشكل طبيعي مع المفردات الحياتية عامة، خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل، لذا كان من الممكن ترحيل الامتحانات إلى ما بعد شهر رمضان، طالما امتدت الدراسة إلى حلوله، وفي المقابل فإن رمضان شهر خير، وبركة، ونعمة. ومما لا شك فيه أنه وبفضل بركة الشهر الفضيل، سيلهم المولى عز وجل الطلبة التركيز الواجب، خصوصاً مع الشحنات الإيمانية العالية التي يبعثها هذا الشهر الكريم في نفوس الجميع، في حين على القائمين على المراقبة في الامتحانات تهيئة الطلبة نفسياً للإجابة بهدوء وتروّ، من خلال التأكيد في مستهل الامتحان على أن للشهر الفضيل بركة، وخيراً، وأن عليهم التأني، ودفع التوتر والخوف، وكذا الاستيقاظ عقب صلاة الفجر لاستكمال مراجعة المادة محل الاختبار، لأهمية هذا التوقيت من حيث صفاء الذهن، وبشكل عام إذا استطاع الطالب تنظيم وقته، فلن يتأثر، فيما على مسؤولي وزارة التربية والتعليم مراعاة هذا الأمر خلال الأعوام المقبلة، لكونهم آباء ومربين. عوامل مهمة ورأى الخبير التربوي د. جمال السعيدي رئيس مجلس إدارة مجموعة القادة للتدريب أن من أهم العوامل التي تساعد الطالب على المذاكرة، وأداء الامتحانات وهو صائم أثناء نهار رمضان، أن تكون ثقته بنفسه كبيرة، فالثقة بالنفس معيار النجاح، إذ عليه أن يقنع نفسه بأن كل العوامل لمصلحته مهما كانت، وأن يعرف أن المذاكرة من طاعات شهر رمضان الفضيل التي سيؤجر عليها. وقال: على الطالب تنظيم وتقسيم الوقت خلال نهار رمضان، بأن يرتاح وينام عقب الانتهاء من أداء الامتحان في مدة النهار، وأن يمارس حياته طبيعية من دون ضغوط إلى الفترة المسائية، وبعد ذلك عليه أن يركز على المراجعة والمذاكرة إلى وقت السحور، ومن ثم ينام عقب صلاة الفجر إلى وقت الامتحان، ليتوجه إلى القاعة الامتحانية بذهن صاف، وعليه ألا يشغل نفسه في مشاهدة التلفاز، أو ما شابه ذلك حتى لا يشتت ذهنه. والتغذية السليمة خلال مدة الإفطار مهمه إلى حد كبير للطالب حتى يتمكن من الاسترجاع الذهني لما استذكره بشكل صحيح وفعال، فيما عليه ألا يعرض نفسه لأشعة الشمس المباشرة قبل بلوغه قاعة الامتحان، حتى لا يشعر بالعطش، أو الإرهاق الجسدي مما ينعكس سلباً عليه، ومن الضروري أن يعزل نفسه عن أي مؤثرات تشوش على أفكاره أثناء اليوم، ويركز في موضوع مادة الامتحان. ومن الحتمي أن يدع جهاز الهاتف المحمول جانباً معظم أوقات اليوم حتى لا يسرق وقته، ويأسره في وسائل التواصل الاجتماعي ومغرياته، ويذهب وقته وهو لا يشعر، ومن الأهمية بمكان الابتعاد عن المنشطات لما لها من تأثيرات سلبية في الصحة العامة، فيما يجب أن تكون مراجعاته للمواد خلال وقت الليل عقب الإفطار، حتى يتمكن منها بشكل أفضل. شهر الإنجاز من جانبه استدل الباحث الشرعي د. سالم بن علي الشويهي على بركة الإنجاز والأداء في الشهر الفضيل، في قوله: الله تعالى لم يشرع الصيام في رمضان ليكون شهراً للخمول، والكسل بل هو شهر الجد والاجتهاد والعمل، ولا أدل على ذلك من كون شهر رمضان شهد أعظم الإنجازات والانتصارات، فأغلب الغزوات والمعارك التي قادها المسلمون في شهر رمضان، كانت تُكلل بالفوز والانتصار، من هنا حرص الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، على أن تكون أغلب غزواته في شهر رمضان، تقرباً إلى الله عز وجل، وإرشاداً للمسلمين إلى أن رمضان هو شهر النشاط وليس الخمول. ولابد أن يتفاءل الطلبة ببركة الشهر الفضيل، وبأن الصيام لن يؤثر سلباً في تركيزهم في إجابة الأسئلة الامتحانية، فهناك العديد من الفتوحات والمعارك الفاصلة في الإسلام في رمضان، ومنها غزوة بدر الكبرى. فرمضان هو شهر الانتصارات والإنجازات، ومن ذلك الإنجاز في نتائج الاختبارات، ويتمثل ذلك في أن الصيام يجعل الإنسان يستكين، ويلتجئ إلى الله تعالى، لذا قال تعالى عن تشريع الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، في هذه الآية إشارة إلى حكمة الصيام الكبرى، وفائدته العظمى، وهي تحقيق تقوى الله تعالى، فالنفس إذا انقادت للامتناع عن الحلال في نهار رمضان، امتثالاً لأمر الله وطمعاً في مرضاته، وخوفاً من أليم عقابه، فمن باب أولى أن تنقاد للامتناع عن الحرام. وصايا موضوعية للطلاب من الوصايا الواجبة للطلاب قبل الاختبار، أخذ قسط من الراحة تكفي لبذل الاختبار على الوجه المطلوب، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وبدء اليوم بصلاة الفجر جماعة. قال صلى الله عليه وسلم (من صلى الصبح فهو في ذمة الله)، وعلى كل طالب الحرص على إرضاء والديه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رضى الله في رضى الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين )، فعليه التماس دعاءهما، فهو مستجاب له، قال النبي صلى الله عليه وسلم ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ وذكر منها: وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، ويجب أن يواظب على قراءة الأذكار والالتجاء إلى الله، فبذكر الله تطمئن القلوب وتزول الكروب، ولابد من أن يخرج للامتحان مبكراً. فقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمبكر فقال: ( اللهم بارك لأمتي في بكورها). الإكثار من الاستغفار على الطلبة الإكثار من الاستغفار أثناء الاختبار، فإنه يفتح لهم أبواباً مغلقة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب) وكذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جعلها كل طالب ورداً محتماً لاحت عليه بشائر الخيرات، فيما هناك نقاط أساسية هي أن فهم السؤال نصف الإجابة، فليركز الطالب في قراءة السؤال، وكيفيته، وكم فقرة يحتوى، وليتأنّ في الإجابة، ولا يكن همه الخروج أولاً، وعليه بالخط الواضح الجميل ليزيد الحق وضوحاً، وبعض المصححين يجعل لذلك نصيباً من الدرجة، وعليه أن يبدأ بما يعرف من الأسئلة، ويرجئ الأسئلة التي لا يعرف إجابتها، لأن الوقت الأول في الاختبار يكون عادة والمختبر في نشاط، وحيوية من الصعب أن يبذلها فيما لا فائدة فيه، والى جانب ذلك فالمسودات رائعة إن سُمح له باستخدامها، فليدوّن عليها رؤوس المسائل، وبعض القواعد ويجري بعض المسائل عليها قبل نقلها لورقة الإجابة، وليركز دائماً على المطلوب، ويدونه في بداية الإجابة، ويحاول ألا يسهب في غيره، فمثلاً إذا طُلب منه تعداد شيء ما، ومن ثم شرحه، فليقم بالتعداد أولاً ثم الشرح، وليس العكس، وأسأل الله للجميع التوفيق، والسداد، والثبات في اختبارات الدنيا والآخرة. الكثير من العبء النفسي قال ولي الأمر محمد الطنيجي: الحقيقة كان الله في عون الطلبة، فتوقيت الامتحانات الذي يصادف الشهر الكريم، يسهم في تحميل الطلبة الكثير من العبء النفسي، في ضوء الطقس شديد الحرارة الذي تشهده الدولة حالياً. لذا، فعلى الآباء والأمهات التخفيف عن الأبناء بتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتقوية عزيمتهم، والابتعاد تماماً عن الضغط عليهم بأي أمر من الأمور، وإن كان مطالبتهم بمضاعفة ساعات الاستذكار، وتركهم لما يحددونه في ذلك من إيلاء الاهتمام في المراجعة لمادة من دون أخرى، أو غير ذلك. ومن الضروري أن تنتبه الأسر إلى عدم انتقاد الأبناء أو لومهم عند إحساس أي منهم بتدني مستوى إجابته في مادة ما، لأن ذلك يسهم في بث اليأس في نفسه، ويأتي على أدائه في المواد اللاحقة، وإن كان قد استذكرها جيداً.

مشاركة :