تحقيق: مها عادلفي كل عام يطل علينا شهر رمضان الكريم بوجه باسم وبعد طول انتظار؛ ليملأ بيوتنا وقلوبنا بالخير والمودة والمحبة، ولا تكتمل طقوسه دون تجمع الأسر والعائلات والأهل والأصدقاء على موائد رمضانية وبالتزاور، والسهر حتى موعد السحور في جو تختلط فيه العبادة وقراءة القرآن وصلاة التراويح؛ ولكن هذا العام يصطدم جدول امتحانات نهاية العام بتلك الطقوس لتعلن غالبية الأسر حالة من الطوارئ القصوى عليهم وعلى الأبناء، ما يربك حساباتهم.في هذا التحقيق نرصد وضع الأسر والخطط التي رسموها في كيفية التوازن بين هذه الطقوس ومتابعة امتحانات الأبناء.تخبرنا ميرفت إبراهيم عن أهم استعداداتها لاستقبال الشهر الكريم، وتقول: تعودنا خلال السنوات الماضية أن تتجمع كل العائلة الكبيرة على الإفطار في أول يوم من رمضان على أن تعد كل أسرة طبقها الذي تتشارك به في قائمة الطعام الرمضانية، وبعد الإفطار وصلاة الجماعة تمتد السهرة إلى قرب موعد السحور، وهذا التجمع من أهم ملامح البهجة الرمضانية في عائلتنا، ولكننا في هذا العام نعاني من أجل إتمام هذه التجمعات العائلية؛ حيث إن ابنتي الكبرى لديها امتحانات آخر العام، والتي تتزامن مع بداية الشهر الكريم؛ ولذلك سيصعب علينا إحياء طقوسنا الرمضانية المعتادة أو إقامة عزائم منزلية في بيتنا؛ لما يتطلبه ذلك من وقت وجهد في التحضير قبل الإفطار وبعده، وما قد ينعكس علي قدرتها على التركيز ومراجعة دروسها.أما عاطف موسى فيؤكد وجود تغيير في شكل العادات الرمضانية والطقوس الاجتماعية هذا العام، ويقول: بعد أن كنا نحرص كل عام على التجمع على مائدة الإفطار مع الأهل والأصدقاء نتناوب فيما بيننا على استضافتها، إلا أنه وبسبب تزامن الدراسة والامتحانات مع الشهر الفضيل فقد اتفقت مع زوجتي على خطة العزومات والتجمعات مع الأهل والأصدقاء ستكون مقتصرة على السحور، أي بعد نوم الأبناء الصغار في العاشرة مساء حتى نضمن أن مواعيد النوم والاستيقاظ لهم وجداول المذاكرة والامتحانات والمراجعات لن تتأثر بالتزاماتنا الاجتماعية التقليدية في أيام وليالي رمضان، التي يصعب علينا أن نتجاوزها. وتختلف أريج محمد مع هذا الرأي وتقول: لا أعتقد أننا يمكن أن نحتفي بطقوس رمضان الاجتماعية دون مشاركة أبنائنا،ولا يجب أن نستغني عن عاداتنا لمجرد أن الأبناء لديهم التزامات دراسية؛ لذلك يجب علينا تعويد أبنائنا أن رمضان شهر عمل وعبادة وعلاقات اجتماعية ولا يمكن لأحد هذه العناصر أن يلغي الآخر؛ فعليهم أن يستغلوا الشهر في إنجاز فروضهم وامتحاناتهم؛ ولكني سأتفهم أن تكون بناتي أكثر انشغالاً فلا أطلب مساعدتهن لي في أعمال المطبخ، وعندما يكون هناك عزائم في بيتنا سوف أعتمد بشكل جزئي على بعض المأكولات التي يجري تجهيزها في المطاعم والمطابخ كالمشويات واللحوم حتى أقلل من الضغط على بناتي وأتفرغ أنا لإعداد الأطباق الرمضانية الشهيرة، التي تميز المائدة في إفطار الشهر الكريم.مائدة واحدةتقول صفوة سلطان: اتفقت مع أسرتي على تنظيم أوقاتنا بشكل يرضي جميع الأطراف، فننوي أن ننظم واجباتنا اليومية ما بين الذهاب للعمل والمدرسة والتعاون في إعداد وجبة الإفطار سوياً، وهذا أمر طبيعي اعتدت أنا وزوجي وأبنائي أن نقوم به في بيتنا، فنحن نعتبر أن أهم طقوس الشهر الكريم هو تجمعنا على مائدة طعام واحدة يومياً؛ ولذلك رمضان فرصة للتجمع كأسرة وقيامنا بكثير من الأعمال معاً، الإفطار والسحور وقراءة القرآن وصلاة التراويح والزيارات العائلية وأعتقد أن مذاكرة الأبناء وامتحاناتهم لن تغير من هذه الطقوس شيئاً فمذاكرتهم تحدث طوال العام وذهابهم للامتحان لا يختلف كثيراً عن ذهابهم للمدرسة كل صباح، كما أن تزامن رمضان مع الدراسة أمر يجب التعود عليه من الآن؛ لأنه سيتكرر في السنوات المقبلة كثيراً. تغيير بسيطداليا شريف تتفق مع الرأي السابق وتضيف: أعتقد أنني سأقلل من عدد العزومات؛ لكوني موظفة وأم ثلاثة أطفال يعتمدون على مساعدتي لهم في استذكار دروسهم لهذا سيصعب عليَّ القيام بواجباتي اليومية المنزلية مع إجهاد الصيام والعمل؛ ولذلك أعتقد أن إقامة العزومات المنزلية ستكون رفاهية لا أمتلكها كما أن ضغوط الحياة والظروف الاقتصادية الصعبة تجعل تحمل تكاليف العزومات الكبرى أمراً صعباً؛ ولذلك أحب أن نخرج مع أصدقائنا لتناول الإفطار أو السحور في المطاعم وأحياناً نتجمع سوياً خاصة على السحور في الحدائق العامة وعلى شاطئ الممزر، فالأصل والهدف من هذه التجمعات هو المودة والرحمة وإنعاش العلاقات الاجتماعية وهذا ما يتحقق بهذه الطريقة، وقد اتفقت مع معظم صديقاتي وأبناء عائلتي على هذا المبدأ وأتصور أن هذا ما سيحدث بيننا خلال الشهر بمشاركة الأبناء بعد تأدية دروسهم. محمد علاء الدين له رأي مختلف تماماً، ويقول: لا أواجه أي صعوبة في تزامن شهر رمضان مع امتحانات نهاية العام الدراسي؛ لسبب بسيط وهو أنني متزوج حديثاً وليس لدي أي أطفال ولا شبكة علاقات أو صداقات واسعة، ولكن مع ذلك ألحظ حالة الطوارئ التي تحدث في بيوت أبناء عائلتي وبين أصدقائي المتزوجين، وفي الحقيقة لا أنوي أبداً أن أتشبث بعادة إقامة العزومات المنزلية في رمضان فهي عادة لم تعد مناسبة لنمط حياتنا في هذه الأيام، هي عادة مكلفة جداً وغير عملية وتلقي بأعباء كبيرة جداً على ربة البيت التي كثيراً ما تكون عاملة أيضاً وهذا أمر غير عادل خاصة بالنسبة لشاب في مقتبل حياته مثلي، وأفضل بدلاً من ذلك أن نقوم بتناول الإفطار أنا و زوجتي فقط في أي مطعم جيد؛ بحيث نتناول طعامنا في أجواء لطيفة ووسط تجمعات كبيرة من البشر يشاركوننا الفرحة برمضان حتى و لو لم نكن نعرفهم ثم ينطلق كل منا في حال سبيله؛ لنهتم بشؤون أخرى مثل العبادة وصلاة التراويح.
مشاركة :