تشبه المغنية الكردية هيلي لوف المغنيات العالميات: قوام ممشوق، شعر أحمر طويل، وتبرج فائض... إلا أن ما يميزها هو ارتداؤها الزي العسكري ووضعها الحلي المستوحاة من الأسلحة، والرقص وسط مشاهد المعارك لدعم قوات البيشمركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». أصدرت هيلي لوف أخيراً «فيديو كليب» لأغنية لها صُوِّر على محور الخازر قرب حدود إقليم كردستان شمال العراق، وهو أحد خطوط المواجهة بين البيشمركة والتنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من شمال العراق وغربه منذ هجوم كاسح شنه في حزيران (يونيو) 2014. وتقول المغنية (26 سنة) في أربيل عاصمة الإقليم: «أريد أن اقدم شيئاً للبيشمركة، لأنني أعتبر نفسي واحدة منهم. ارتديت ملابسهم في الأغنية كدعم لهم». ويبدأ شريط الأغنية التي تحمل عنوان «ريفوليوشن» (ثورة) وتؤديها بالإنكليزية، بمشهد لمقاتل من البيشمركة ينظر إلى صورة تجمعه بطفل صغير يرجح أنه نجله، على وقع أصوات القصف وإطلاق النار. ويخبئ عنصر البيشمركة بعد ذلك الصورة في خوذته قبل الذهاب للقتال. وتنتقل الكاميرا لاحقاً إلى تصوير قرية وديعة، قبل أن يبدأ القصف، ويتبعه تقدم مسلحين ملثّمين يرتدون ملابس سوداء في دبابة وعربات مدرعة كتلك التي استولوا عليها بعد سيطرتهم على مواقع للقوات العراقية. الهجوم يحول القرية ساحة من الفوضى. وسط حال الهلع، تتقدم هيلي لوف بثقة، بحذائها الذهبي اللون ذي الكعب العالي، ووجهها المغطى بكوفية بيضاء وحمراء، تقف أمام الدبابة وترفع لافتة كتب فيها بالإنكليزية «أوقفوا العنف!». وتحيط هيلي لوف نفسها بمظاهر القوة: نظرات ثاقبة من عينيها الواسعتين، وتلف معصميها بأساور على شكل رشاشات، وتضع في أصابعها خواتم على شكل رصاص، وتحيط جسدها بذخائر من الرصاص الذهبي اللون. وتتكرر في الشريط المصور مشاهد القوة. تارة نجد هيلي لوف واقفة على ظهر دبابة ترفع قبضتها تحدياً، وطوراً ترقص على سيارة كتب عليها بالإنكليزية «أنهوا الحرب» وبيدها كلاشنيكوف ذهبي، وبين الحين والآخر تختال بجسدها الممشوق بين البيشمركة المنهمكين بالقتال. ولم تبخل المغنية، التي تلقب بـ «شاكيرا الكردية»، بإظهار مهاراتها في الرقص. يحمل الشريط العديد من الرسائل التي يجمعها التناقض، فعبارتا «أنهوا الحرب» و «السلام» تترافقان مع عبارة «سنواصل القتال». وينقل الشريط صفات يحاول الأكراد إظهارها للعالم عن أنفسهم منذ بدء المعارك ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وأهمها الشجاعة والاستبسال في القتال، والدفاع عن التنوع وحماية الأقليات المستهدفة من الجهاديين، والتي لجأ عشرات الآلاف من أبنائها إلى إقليم كردستان. ويُظهر الشريط الذي شارك فيه عدد من النازحين، سكاناً يتظاهرون حاملين لافتات تعكس التنوع والسلام، كتبت فيها بلغات عدة كلمات «مساواة» و «ثورة» و «الحرية»، ولافتة تحمل شعارات دينية كالهلال والصليب ونجمة داود والدولاب البوذي. وحظي الشريط بإقبال واسع على موقع «يوتيوب» الإلكتروني، إذ تخطى عدد مشاهداته 700 ألف خلال قرابة أسبوعين. وتقول هيلي لوف: «الأغنية اسمها ثورة وأدعو فيها كردستان ودول العالم إلى التوحد لمحاربة الإرهاب والظلام وتعزيز السلام بين الشعوب... أريد أن أظهر للعالم ما هي قوات البيشمركة ومن هم داعش»، في إشارة إلى الاسم الذي يعرف به التنظيم الذي ارتكب فظاعات، شملت عمليات ذبح وقتل جماعي وخطف وسبي نساء. وشكلت الموسيقى تقليدياً إحدى السمات التي رافقت المقاتلين الأكراد، لا سيما في العقود السابقة، حين كانوا يقاتلون في مناطق جبلية وعرة. ويرى العنصر في البيشمركة عبد الرحمن أحمد أن «هذه الأغاني ستؤدي إلى أن يتعرف إلينا العالم أكثر، وأن يتعاطف ويتعاون المجتمع الدولي معنا أكثر ويدعمنا بالأسلحة لمواصلة قتال هؤلاء الإرهابيين والقضاء عليهم بشكل نهائي». ووفق سيرتها الذاتية المنشورة على الإنترنت، ولدت هيلي لوف، واسمها الحقيقي هيلان عبدالله، في إيران العام 1988، بعدما تركت عائلتها العراق خلال السبعينات هرباً من نظام الرئيس السابق صدام حسين. ونشأت هيلان في فنلندا حتى سن الثامنة عشرة، حين دفعها السعي إلى مسيرة غنائية للانتقال إلى الولايات المتحدة التي باتت تحمل جنسيتها. وبعد انتهاء الأغنية بإهداء إلى «ضحايا العنف والإرهاب»، يعرض الشريط بعض اللقطات المصورة بكاميرا تحملها هيلي لوف بنفسها، ويسمع فيها صوت إطلاق نار تقول إنه ناتج عن المعارك بين البيشمركة والجهاديين. وتؤكد أن «أشخاصاً كثراً حذروني من الذهاب الى هناك، لكني أصررت على أن يكون التصوير في أماكن حقيقية تعرضت لإرهاب داعش».
مشاركة :