أعلنت وكالة «ستاندرد اند بورز» العالمية تخفيضها التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت من المرتبة «أيه.أيه» إلى المرتبة «ايه.ايه سالب» مع نظرة مستقبلية مستقرة للتصنيف. وقالت الوكالة في تقريرها الذي نشرته اليوم الخميس على موقعها الإلكتروني أن استقرار آفاق التصنيف الائتماني السيادي جاء مدفوعاً بالاحتياطيات الضخمة المالية والخارجية للدولة التي «ستوفر مساحة لاتخاذ تدابير السياسة المالية على مدى العامين المقبلين». وتوقعت أن يكون للانخفاض الحاد في أسعار النفط آثار اقتصادية ومالية سلبية خلال العامين 2020 و2021 نظراً لاعتمادها الكبير على صادرات النفط والغاز، مضيفة «يتزامن انخفاض أسعار النفط مع تباطؤ وتيرة الإصلاحات في الكويت مقارنة بدول المنطقة الأخرى في السنوات الأخيرة». وأشارت إلى أن المراجعة الاستثنائية للتصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت تمت نتيجة لمراجعة الوكالات الدولية لافتراضات أسعار النفط للأعوام من 2020 وما بعد على أن تكون المراجعة العادية التالية للتصنيف لدولة الكويت بتاريخ 17 يوليو المقبل. وعن آفاق التصنيف ذكرت الوكالة أن النظرة المستقبلية المستقرة للتصنيف تعكس التوازن بين مخاطر الاعتماد الكبير على قطاع النفط والتأخير في الإصلاحات الهيكلية مقابل الاحتياطيات الضخمة المالية والخارجية المتراكمة والتي توفر للسلطات مساحة سياسية للمناورة على المدى القصير إلى المتوسط. ولفتت إلى إمكانية رفع التصنيف الائتماني السيادي للكويت في حال نجاح الإصلاحات الاقتصادية واسعة النطاق في تعزيز الفعالية المؤسساتية وتحسين التنويع الاقتصادي على المدى الطويل. وأفادت «أن هناك امكانية لتخفيض التصنيف إذا ظلت جهود الإصلاحات بطيئة مثل تأخر إدخال الضرائب وتغيرات سوق العمل وإجراءات تنويع الاقتصاد التي من شأنها زيادة الأعباء على مؤشرات المالية العامة وميزان المدفوعات في الكويت». وأشارت إلى إمكانية تخفيض التصنيف الائتماني السيادي إذا انخفضت مرونة السياسة النقدية للكويت أو تصاعدت المخاطر الجيوسياسية بشكل ملحوظ مع تعطل محتمل لطرق التجارة الرئيسية. وعن مبررات التخفيض بينت الوكالة أنها قامت في 19 مارس الجاري بتخفيض افتراضاتها لأسعار النفط العالمية لعامي 2020 و2021، مبينة أن أسعار النفط الخام في الأسواق الفورية والعقود الآجلة أقل من مستوياتها المسجلة في صيف 2019 بأكثر من 55 في المئة عندما ارتفعت الأسعار بسبب تصاعد التوترات الجيوسياسية. وأضافت أنها قامت بمراجعة التصنيف الائتماني السيادي للكويت آخر مرة في 17 يناير الماضي حيث توقعت أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 60 دولاراً للبرميل في 2020 وينخفض تدريجياً إلى 55 دولارا للبرميل في عام 2021 مفترضة حالياً أن يبلغ متوسط سعر خام برنت نحو 30 دولارا للبرميل في عام 2020 و50 دولاراً للبرميل في عام 2021 و55 دولاراً للبرميل في عام 2022. ولفتت إلى تراجع أسعار النفط بعد فشل الاتفاق بين منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» والدول المصدرة من خارجها على مزيد من التخفيضات في الإنتاج خلال الاجتماع الذي عقد في 6 مارس الماضي ولم توافق مجموعة «أوبك +» على مقترح تخفيض كميات الإنتاج بما قدره 1.5 مليون برميل يومياً لمعالجة الانخفاض الكبير المتوقع في الطلب العالمي حيث يعود ذلك جزئياً لانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19) حول العالم. وأوضحت أن التخفيض المقترح بالإضافة إلى الانخفاض الحالي في الإنتاج كان بمقدار 1.2 مليون برميل في اليوم والذي من المقرر أن ينتهي في نهاية مارس الجاري وبعد فترة وجيزة من الاجتماعات حيث أعلنت السعودية أنها ستخفض سعر البيع الرسمي لها على الفور وستزيد إنتاجها إلى أكثر من 12 مليون برميل في اليوم في أبريل المقبل وذلك بعد انتهاء فترة خفض الإنتاج الحالية. وتوقعت الوكالة حدوث انتعاش في كل من الناتج المحلي الإجمالي والطلب على النفط خلال النصف الثاني من عام 2020 ولغاية عام 2021 متوقعة كذلك أن تكون معظم الآثار الأصعب الناجمة عن تفشي الفيروس المستجد معتدلة. وأشارت إلى توقعاتها بزيادة في الإنتاج إلى ما فوق المستويات المدرجة في الميزانية البالغة 2.8 مليون برميل في اليوم والتي من شأنها أن توفر بعض الدعم الاقتصادي على المدى القصير ما يعزز انخفاض أسعار النفط مما يدفع إلى تراجع الاستهلاك والاستثمار المحليين إذ تعيد الشركات تقييم المشاريع المتوقعة بما في ذلك مشاريع قطاع النفط والقطاعات ذات الصلة. وقالت الوكالة إنه إلى جانب التأثير المباشر لانخفاض أسعار النفط لا تزال الآفاق الاقتصادية في الكويت عرضة لانكماش حاد مرجعة ذلك إلى أن نحو 80 في المئة من صادراتها موجهة إلى دول آسيا حيث تأثرت العديد من الدول بالفعل بشكل كبير من تفشي الفيروس مما أدى إلى تقلص الطلب على النفط. وتوقعت أن يبقى النمو الاقتصادي سلبياً في الكويت على المدى المتوسط متوقعة أن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عند مستويات تقل عن 22 ألف دولاراً لعام 2020 مقارنة بنحو 29 ألفاً في توقعاتها السابقة. وأكدت في الوقت ذاته أن الكويت لا تزال اقتصاداً ثرياً إلا أن هذه التوقعات تمثل مراجعة هبوطية جوهرية لمستويات الدخل النسبية وبالتالي انخفاض القدرة الإجمالية للدولة على تحمل الدين. ورأت الوكالة أن زخم الإصلاحات في الكويت «كان بطيئاً في السنوات الأخيرة وكان التقدم في الإصلاحات المالية محدوداً بالرغم من بعض الإصلاحات في الإنفاق العام بعد الانخفاض السابق في أسعار النفط في عام 2014 وعلى وجه التحديد تأخرت الكويت في إدخال الضرائب لفترة طويلة كما حققت نتائج محدودة في الإصلاحات الرامية للتنويع الاقتصادي وتطوير سوق العمل». وتوقعت الوكالة أن يتجاوز عجز الموازنة العامة للدولة 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 قبل أن تعود الموازنة العامة تدريجياً إلى تسجيل فوائض على المدى المتوسط مشيرة إلى أن توقعاتها تشمل عوائد الاستثمارات الحكومية كما تأخذ بعين الاعتبار المخاطر السلبية لعوائد الاستثمار لعام 2020 بسبب التقلبات المستمرة في السوق. وأكدت على أن تصنيفها السيادي للكويت لا يزال مدعوماً بالمستويات الضخمة المتراكمة من الاحتياطيات المالية والخارجية للدولة متوقعة أن يبلغ متوسطها نحو 500 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الأربع المقبلة وتتيح للسلطات مساحة للاستجابة في مجال السياسات. وأشارت إلى أن تصنيفها الائتماني السيادي للدولة مقيد بسمة التركز في الاقتصاد والضعف النسبي في القوة المؤسساتية مقارنة مع أقرانها في التصنيف من خارج الإقليم لافتة إلى أنها لا تتوقع أي تغيير على المدى المتوسط.
مشاركة :