فيروس كورونا المستجد في الدول جميعها دون تمييز، وتأثير ذلك على تغيير مفهوم العولمة وغيره من المفاهيم والمسلمات التي رأى كتاب أنها لن تعود بالتأكيد كما كانت. وذهب آخرون إلى أن هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها العالم فرصة لخلق "عالم جديد أكثر عدالةً". "اشتراكية المرض" يقول مهدي شحادة في "المدن" اللبنانية: "فيروس كورونا أثبت سرعة انتشاره مستفيداً من نظام العولمة الذي حوّل الكرة الأرضية إلى "قرية كونية" بحيث سهّل انتقال الأشخاص، وهي الحرية التي سهّلت بدورها انتشار الوباء من دون حاجة إلى الحصول على إذن أو تأشيرة، بدليل أن الوباء بدأ في منطقة محددة من الصين، ثم انتقل خلال أيام إلى باقي أنحاء العالم عابرا للقارات". ويضيف: "والمفارقة هنا هي أن العولمة بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية كانت تخدم أنظمة رأسمالية دولية، ويتم توظيفها لخدمة مآرب ومشاريع تصب بشكل خاص في مصلحتها على حساب الفقراء من دول وشعوب، ولكن مع فيروس كورونا انتفت أي فروقات طبقية وساد ما يمكن تسميته "اشتراكية المرض" بحيث أصبح الفقير والغني ليسا بمنأى عن هذا الوباء، ولم تكن الأنظمة ومن يمثلها في هرمية السلطة بعيدة عن مخاطره. وبذلك أصبح الوباء عابراً للطبقات الإجتماعية بكل متدرجاتها وتصنيفاتها". ويقول أيمن عمر في "النهار" اللبنانية: "من السنن الكونية حدوث تحوّلات في الأنظمة السياسية والاقتصادية وبخاصة عقب الحروب أو الانقلابات أو الأوبئة، وما نشهده اليوم من وباء عالمي وكأنه حرب عالمية ثالثة تختلف عن الحروب التقليدية. هو وباء اجتاح العالم خلال أيام وأسابيع قليلة، مما استدعى نزول الجيش في العديد من دول العالم لمواجهته ولكن من دون جدوى". ويضيف: "وأصدر هذا الوباء ورقة النعي الرسمية للعولمة، فتحوّل العالم من قرية كونيّة واحدة إلى قرية كورونية واحدة، فكسر الحواجز وانفتاح الحدود سهّل من مهمة هذا الجندي في احتلال ما يريد من مدن". ويشير الكاتب إلى أنه في هذه الأوضاع: "تكشّفت حقيقة النيوليبرالية والرأسمالية المتوحشة التي تستثمر بأدوات الكوارث ولم تجلب للبشرية إلا الخراب والدمار والويلات". ويقول عبد الله العمادي في "الشرق" القطرية: "لا فرق بين القارات اليوم سوى في نسب الإصابات وطرق التعامل مع هذه الجائحة". ويذهب الكاتب إلى أن البشرية "تواجه عدواً واحداً مشتركاً، لا يفرق بين أبيض أو أسود، أحمر أو أصفر، غني أو فقير، متعلم أو جاهل. وأحسبُ أن بعد زوال غمامة كورونا، ستتغير معالم وخطط وسياسات واستراتيجيات ورؤى، بل وربما تتغير موازين القوى في العالم، وبالمثل ربما التحالفات والتكتلات والاتحادات أيضاً. لقد صار إلى حكم المؤكد، أن هذا العالم لن يكون كما كان قبل جائحة كورونا"."عالم جديد" يقول عبد الحميد الهمشري في "الدستور" الأردنية: "وقفت الدول المتقدمة على وجه الخصوص عاجزة أمام الوباء الذي استهدف الحياة والاقتصاد ونال من أمنها واستقرارها وتحركات مواطنيها التي أصبحت محسوبة على الجميع، رؤساء ومرؤوسين، أقوياء وضعفاء، أصحاء ومرضى، في محاولات للحد من هجمته التي لا تعرف للتوقف سبيلاً سوى بعودة النقاء والصفاء وحب الخير، من أجل سلامة المجتمعات التي تتهددها حروب تدميرية من أسلحة متطورة وبيولوجية وحصار". ويقول محمد حميد أبو الحسن في موقع "فلسطين اليوم": "قد دخل العالم أجمع في تحدٍ أمام هذا الفيروس المميت، وتغيرت وجهات الجيوش العالمية التي كانت تضع نصب أعينها التهديدات الخارجية لتتحول وجهتها إلى حماية جبهتها الداخلية، فلم تعد مهمة حماية الحدود أولوية لتلك الجيوش بقدر ما أصبح يهمها تطبيق قرارات حظر التجول وملاحقة المخالفين، والقيام بعمليات التطهير في الشوارع والأماكن العامة". ويرى الكاتب أن "هذه الجائحة فرصة لخلق عالمٍ جديد يأخذ بعين الاعتبار الإنسان كإنسان، عالمٍ أكثر عدالةً ينظر بعين الإنصاف إلى الأفراد". ويميل محمد الرميحي في "الشرق الأوسط" اللندنية إلى رؤية أن "عددا من المسلّمات التي اعتقد العالم أنها هنا لتبقى قد سقطت أو في طريقها إلى السقوط بسبب ما أحدثته جائحة العصر كورونا في عالمنا". ويقول: "كلمة تأميم منذ أسابيع خلت كان مفهومها محرّماً‛ في قلعة الرأسمالية العالمية‛... وتسارع الصين (الاشتراكية) على أخف تعبير لمساعدة وإنقاذ الدولة الأولى التي وضعت لبنات الاتحاد الأوروبي (إيطاليا)، بل وتقبل دول أوروبية مساعدة كوبا (الاشتراكية) مرة أخرى لأن الأخيرة حضّرت طواقم طبية متعددة الاختصاصات ولفترة طويلة بهدف الاعتماد على النفس. وسارع العالم بما فيه الدول التي كانت ترفع باطراد منذ أسابيع قليلة الضرائب الجمركية على بضائع الصين فيما عرف بالحرب الاقتصادية؛ بإسقاط تلك التعريفات والضرائب".
مشاركة :