أعلن يوسف ندا، مفوَّض العلاقات الخارجية سابقاً في جماعة «الإخوان المسلمين»، دعوة إلى الحوار مع «مَنْ يريد الخير لمصر». الدعوة جاءت عبر رسالة نشرتها وكالة «الأناضول» للأنباء التركية، قال فيها: «أنا جاهز ومستعد لاستقبال مَنْ يريد الخير لمصر وشعبها، وقادر على ذلك إن شاء الله». واستشهد بالآية القرآنية «وإِنْ جَنَحوا للسَّلْمِ فاجْنَحْ لها وتوكَّلْ على الله». قيادات «الإخوان» في الداخل والخارج اهتمت بالرسالة. بعضها أبدى ملاحظات وقال أنها في حاجة إلى «توضيحات»، وآخر رفضها، معتبراً أن «موقف الجماعة التنظيمي يصر على إنهاء مشهد الانقلاب كاملاً وإسقاط الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي»، فضلاً عن أن فحوى الرسالة تضمَّن رفضاً للحكم القائم في مصر، ولهذا نظر إليها بعضهم باعتبارها دعوة إلى التحرك الدولي، وليس إلى الحوار مع النظام المصري. وهذا التفسير يؤكّده تصريح محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة، والذي قال: «الرسالة جاءت لتأكيد مسألتين، عدم التنازل عن الشرعية، الأمر الذي لا اختلاف عليه، وأن الإخوان ملتزمون حل الأزمة السياسية بطريقة سلمية، لكن هذا يواجه مشكلة أن الرسالة لم تذكر ما نتفق عليه داخل التنظيم، وهو أن السيسي لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل». تعليقات قيادات «الإخوان» على رسالة يوسف ندا زادت غموض أهدافها. هل جاءت من أجل عودة ندا إلى الأضواء، ولعب دور في التصعيد على المستوى الدولي؟ أم لحسم الخلاف بين القيادات حول أسلوب مواجهة النظام المصري؟ فهناك من يرى الاستمرار في التصعيد، في مقابل آخرين يؤيدون التمسُّك بالسلمية كوسيلة للتغيير. القيادي السابق في «الإخوان» ناجح إبراهيم، قال تعليقاً على مضمون رسالة يوسف ندا: «هذه الرسالة كُتِب لها الفشل لأنها اتَّبَعَت خطاب الخصام وليس الصلح. كان على الخطاب أن يخلو من لغة الاتهام والتخوين، إذ ليس منطقياً أن يقول في النهاية أنه مستعد لاستقبال مَنْ يريد الخير بينما هو يقوم بتخوين خصمه واتهامه». يوسف ندا من الصقور في تنظيم «الإخوان المسلمين»، ورسالته التي يفترض أنها «مبادرة» للصلح، كانت أشبه بعريضة اتهام للجيش والنظام في مصر، فضلاً عن أنها لا تتضمن آلية للحوار، ما يشير إلى أنها دعوة إلى المضي في المواجهة، وليس الجنوح للسلم والتفاوض. رسالة يوسف ندا أكدت مجدداً أن جماعة «الإخوان» جرّبت الحكم، لكنها لم تتعلّم فن السياسة، فضلاً عن أن اختيار أسلوب المواجهة سيُلغي ما تبقّى لها من رصيد داخل المجتمع المصري. الأكيد أن إصرار «الجماعة» على عدم الاعتراف بالهزيمة، والتمسُّك بالمواجهة المسلحة سيجعلانها تتبوأ مقعدها بين الجماعات الإرهابية في المنطقة. وسوف تخسر مكاسبها التاريخية التي أوصلتها، ذات يوم، إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع.
مشاركة :